حينما أعلنت جبهة علماء الأزهر الاسبوع الماضي إجراء تغييرات في مجلس إدارتها وانتخاب الدكتور العجمي خليفة رئيساً للمجلس خلفاً للدكتور عبدالمنعم البري والدكتور سعيد ابو الفتوح أميناً عاماً للجبهة خلفاً للدكتور يحيى اسماعيل واستحداث منصب الناطق بلسان الجبهة والذي تولاه الشيخ خيري ركوة، ساد الانطباع بأن المواقف التي تبنتها الجبهة خلال السنوات الماضية وصدامها المستمر مع شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي ومعارضتها لكثير من آرائه وأفعاله كان وراء التغييرات الأخيرة. وعلى رغم نفي قادة الجبهة الجدد والقدامى أن يشكل الأمر انقلاباً داخل الجبهة، إلا أن أحداً لم يتطرق الى دور جماعة "الإخوان المسلمين" في تسيير عمل الجبهة، وما إذا كانت أصابع "الإخوان" امتدت لتلعب دوراً في "حركة التصحيح" التي ستجريها الجبهة أخيراً. واكدت مصادر قريبة الى الجبهة أن قادة "الإخوان" ظلوا خلال السنوات الماضية غير راضين عن إصرار اقطاب الجبهة على ممارسة العمل بصورة مستقلة عن "الإخوان"، على رغم أن غالبية أعضاء الجبهة من الفاعلين في نشاط الاخوان أو المتعاطفين مع "الجماعة". وقالت المصادر ل "الحياة" إن قادة الاخوان اعتبروا أن الإجراءات التي اتخذت ضد الجماعة خلال السنوات الاخيرة واسفرت عن ابعادهم عن النقابات المهنية وتقليص نشاطهم العلني في الجامعات والمنتديات السياسية ومحاكمة عدد من أقطاب الجماعة أمام محاكم عسكرية، كان من المفترض أن تلزم جبهة علماء الأزهر بأن تكون إحدى الآليات البديلة التي يمكن الجماعة أن تطرح من خلالها توجهاتها وآراءها، لكن قادة الجبهة أصروا على تفادي الربط بين الجبهة والجماعة كي لا يتسبب ذلك في "ضرب الجبهة" أو تقليص نشاطها. واضافت المصادر أن الخلافات بين الجبهة وشيخ الازهر لم تكن تسبب قلقاً ل "الإخوان" الذين اتفقت مواقفهم مع الجبهة في شأن معارضة بعض آراء وتوجهات شيخ الأزهر. لكن قادة "الإخوان" اعتبروا أن رفض الجبهة تنسيق الموقف مع "الجماعة" أوقعهم في حرج أكثر من مرة على أساس أن الجبهة محسوبة في النهاية على "الجماعة". ولفتت المصادر الى أن استحداث منصب الناطق بلسان الجبهة ضمن التغييرات الأخيرة وإسناده الى الشيخ ركوة، يعكس تأثير الإخوان على الجبهة، إذ أن ركوة يمت بصلة قرابة الى الشيخ عبدالله الطيب، أحد الاعضاء البارزين في مكتب الارشاد الذي يسير نشاط جماعة الإخوان، وأن الإخوان يعتبرون أن ذلك المنصب يعد أهم المواقع التي يمكن من خلالها ضبط حركة الجبهة والتعبير عن آرائها تماماً، كما هو الحال في جماعة الإخوان المسلمين التي عهدت بمنصب الناطق بلسانها الى واحد من أهم قادتها وهو المستشار مأمون الهضيبي. ويعود تاريخ تأسيس جبهة علماء الأزهر الى العام 1996، وتم تشكيلها من عدد من اساتذة جامعة الأزهر بهدف مواجهة دعوة الدكتور طه حسين لدمج التعليم الازهري مع التعليم العام. ويعود الفضل الى شيخ الازهر السابق الدكتور جاد الحق علي جاد الحق في إعادة الحياة الى نشاط الجبهة بعد سنوات من الجمود، وطالب جاد الحق قادة الجبهة، وقتها، أن تنفذ المواقف الحاسمة التي لا تستطيع مشيخة الازهر، نظراً للظروف والاوضاع السياسية، إعلانها. وأيدت الجبهة موقف جاد الحق من وثيقة مؤتمر السكان عام 1994 التي اعتبرت انها "تمثل تهديداً لمقومات الأمة المسلمة وطمساً لهويتها"، ويعود الصدام بين الجبهة وطنطاوي الى الفترة التي تولى فيها الأخير منصب مفتي البلاد حيث عارضت الجبهة بشدة فتواه بإباحة التعامل مع البنوك، وصعدّت اعتراضها على توجهات طنطاوي حينما هاجمت زيارته أحد أندية "الليونز"، ووصلت ذروة الخلاف بين الطرفين إثر استقبال شيخ الازهر الحاخام الاسرائيلي الاكبر، اذ اصدرت الجبهة بياناً حاداً ضد الزيارة تسبب في إحالة امينها العام لها على التحقيق من جانب لجنة قانونية تابعة لجامعة الازهر، ودخلت الجبهة في معارك اخرى ابرزها تصدّيها للأمين العام للجمعية الفلسفية المصرية الدكتور حسن حنفي الذي اتهمته بالكفر، وكذلك حملتها على الدكتور نصر ابو زيد ومعارضتها التعديلات التي ادخلها وزير الاوقاف الدكتور حمدي زقزوق على قانون المساجد والتي اعتبرتها الجبهة "قانوناً جديداً لتأميم المساجد"