لا يمكن للمرء ان يتصور كأس العالم لكرة القدم من دون البرازيل. فمنتخب "راقصي السامبا" يشارك في المسابقة الام منذ نشأتها العام 1930 ولم يغب عن العرس الكروي مرة واحدة. ولطالما أروى اللاعبون البرازيليون عطش محبي الكرة الهجومية عبر العقود، وطعّموا اسلوبهم بلمسات سحرية لا يجاريهم فيها احد. صحيح ان انكلترا هي الام الشرعية لكرة القدم الا ان البرازيل تبنتها واغدقت عليها كل ما تختزنه من عطف وحنان ورونق وسحر فطغت الامومة المكتسبة على الامومة الشرعية. واحرزت لقب المونديال اربع مرات 58 و62 و70 و94 وهو رقم قياسي. وخرّجت ملاعب البرازيل افضل لاعب في التاريخ وهو بيليه "الجوهرة السوداء" الذي احرز لقب مونديال السويد العام 58 وهو لم يكمل ال18 سنة قبل ان يضيف اليه لقبي عامي 62 في تشيلي و70 في المكسيك. واضافة الى بيليه قدمت الملاعب البرازيلية الى العالم لاعبين من طراز ليونيداس هداف مونديال 38 واديمير هداف مونديال 50 وديدي وفافا غارينشا وجايرزينيو سجل هدفاً على الاقل في كل مباراة خلال مونديال 70 وريفيلينو وسقراط وزيكو. وعندما لا يكتب للمنتخب البرازيلي التوفيق في المونديال ويخرج مبكراً يترك جمهوره اثراً لا يمحى على اي بلد يزوره، بفضل الجو الرائع الذي يخلقه. ولان الاسلوب البرازيلي هجومي وسهل وفنيات اللاعبين عالية ولمساتهم ساحرة يخيل للمتابع ان كل هذه الامور تتناغم مع الموسيقى التي تعزفها طبول السامبا في المدرجات. ورغم محاولات تبديل اسلوب لعب المنتخب ليتماشى مع كرة القدم الحديثة التي تركز على اللياقة البدنية العالية على حساب الفنيات والتقنية، يبقى للبرازيليين وحدهم القدرة على اضفاء سحر خاص على اي مسابقة يكونون طرفاً فيها. والجمهور البرازيلي متصلب ولا يرضيه الا اللقب، وكثيراً ما يتعرض اشخاص لازمات قلبية في حال خسارة البرازيل او حتى حين يدخل هدف في مرمى المنتخب. كما تذرف الدموع اثر كل فشل لا سيما في المونديال. وتعتبر كرة القدم في بلد فقير كالبرازيل مخدراً ينسي الشعب صعوبة الحصول على لقمة العيش، وسلاحاً قوياً في يدّ السياسين خصوصاً مع قرب استحقاقات الانتخابات... ويحق للجمهور البرازيلي هذا العام ان يحلم بلقب خامس لان المنتخب الحالي يضم عناصر تملك قدرات هائلة قادرة على قلب موازين مباراة في اي لحظة، يقوده مدرب خبير يعرف كل شاردة وواردة عن كرة القدم، وجنى خبرة واسعة من 40 عاماً في الميدان الكروي. خبرة زاغالو بعدما قاد كارلوس البرتو باريرا المنتخب البرازيلي الى اللقب العالمي 94، قرر ترك منصبه، فراح الاتحاد المحلي يبحث عن خليفة له فوجده في شخص معاونه ماريو زاغالو. ولا احد يعرف كرة القدم البرازيلية كما يعرفها زاغالو لطول باعه محلياً ودولياً. ولزاغالو يد في القاب البرازيل الاربعة في المونديال، اذ احرز لقبين كلاعب في العامين 58 و62 وثالثاً كمدرب العام 70 ورابعاً كمساعد مدرب العام 94. وجرّب زاغالو لاعبين عدة منذ مونديال 94 قبل ان يصل الى التشكيلة المثالية. ففي الخطوط الخلفية من المتوقع ان يقع الاختيار على تافاريل لخبرته الواسعة علماً ان مستواه ليس افضل من مستوي الحارسين الاخرين جرمانو وسيني. وفي الدفاع يلعب في الوسط الدايير 32 عاماً والوجه الجديد جونيور بايانو العملاق الذي حجز احد المركزين الاساسيين على حساب اندره كروز وغونكالفيش... ويراقب الجهة اليمنى للدفاع لاعب روما الايطالي كافو الذي يحتفل بعيد ميلاده الثامن والعشرين خلال المونديال. وغالباً ما يساند خطي الوسط والهجوم عندما يكون الفريق مهاجماً. ويبدو ان مركز الظهير الايسر سيكون حكراً على روبترو كارلوس صاحب المهارات الخارقة في التسديد والتمرير والدفاع، لسنوات طويلة مقبلة اذ لا يزال في الرابعة والعشرين من العمر. ويستعر التنافس على مركزين من اصل اربعة في خط الوسط، اذ مركز القائد دونغا مضمون والامر نفسه ينطبق على دنيلسون اغلى لاعب في العالم، بين جونينيو في حال اثبت انه تخطى الاصابة تماماً وفلافيو كونسيساو لاعب ديبورتيفو لا كورونا الاسباني وريفالدو لاعب برشلونة الاسباني وراي لاعب باريس سان جرمان الفرنسي وليوناردو لاعب ميلان الايطالي. وربما يكون كونسيساو وجونينيو الاقرب الى المركزين الشاغرين لان ريفالدو فشل في نقل "فورمته" الممتازة مع ناديه الى المستوى الدولي في حين لم يفرض ليوناردو نفسه في كأس القارات، وسن راي لا تدعم موقفه خصوصاً ان زاغالو اعلن الاسبوع الماضي ان اللائحة لن تضم اكثر من ثلاثة لاعبين فوق سن ال30. وفي خط الهجوم من الصعب ان يخترق بيبيتو او ايلبير او دونيزيتي او ادموندو او اندرسون الثنائي روماريو - رونالدو. ومشكلة بيبيتو في سنه فوق الثلاثين، وايلبير مصاب حالياً. ويفضل زاغالو عدم المجازفة في ضم ادموندو صاحب المزاج الصعب الذي قد يخلق مشاكل في الفريق... لم يخض الفريق الحالي التصفيات لتأهله مباشرة للنهائيات من جراء احراز لقبه الرابع في الولاياتالمتحدة قبل اربعة اعوام، لكن ذلك لا يعني انه لم يخض مباريات رسمية اذ شارك في دورات عدة ابرزها كوبا اميركا عامي 95 و97 وكأس القارات في السعودية العام 1997 ودورة فرنسا الدولية الرباعية العام الماضي. واحرز الفريق لقب كوبا اميركا العام 97 وحلّ ثانياً العام 95 واحرز لقب بطولة القارات على حساب استراليا في النهائي 5-صفر. وترعب الاسماء في التشكيلة البرازيلية الاساسية اقوى المنتخبات العالمية، واذا قرر احد الفرق مراقبة رونالدو حصل روماريو على مساحات كبيرة والعكس صحيح. واثبت المهاجمان انهم ليسا في حاجة الى اخطاء دفاعية كي يسجلا وان بوسعهما خلق الفرص لنفسيهما. ورغم التشابه بينهما في ما يتعلق بالتسجيل وبخلق الفرص يختلف المهاجمان في امور كثيرة اذ يفضل رونالدو مثلاً تخطي الحارس للتسجيل في حالة الانفراد بالمرمى في حين يختار روماريو الكرات الساقطة فوق الحارس... وفي حال تمكن فريق من القيام ب"المهمة المستحيلة" ترويض روماريو ورونالدو "يفلت" دنيلسون الذي يذكرنا بلاعبي الجناح في الخمسينات والستينات، بمراوغاته الصعبة على الجهة اليسرى وحنكته في تجنب اعتراضات الخصوم. وفي حال لم يكن دنيلسون موفقاً في مباراة ما يتدخل روبرتو كارلوس لينقذ الموقف بتسديدة من ركلة حرة او من زاوية ضيقة كما عودنا مع فريقه ريال مدريد والمنتخب البرازيلي. ورغم ان البرازيل تبقى المرشحة الاقوى على الورق، فان خسارتها امام النروج 2-4 العام الماضي وامام الولاياتالمتحدة صفر-1 في الكأس الذهبية في بداية العام والتعادل مع جامايكا سلباً في البطولة نفسها، والخسارة امام الارجنتين في ريو أخيراً، تترك للفرق الاخرى بصيص امل في المنافسة. وتبقى مشكلة البرازيل في خط الدفاع لاسيما في مركزي قلب الدفاع، وظهر الامر جلياً ضد المانيا عندما ارتكب الدايير خطأ سمح لكيرستن بمعادلة النتيجة. والحارس تافاريل تخطى "سنوات القمة" ويبقى في مركزه لانه الاكثر خبرة بين اقرانه. كما ان الجهة اليمنى التي يلعب فيها كافو قد تكلف الفريق غالياً اذ لا يلقى هذا اللاعب تغطية من خط الوسط عندما يساند الهجمات وبدا ذلك واضحاً في المباراة امام المانيا التي اخترقت الجهة اليمنى مراراً وتكراراً في الدقائق الثلاثين الاولى. والخصم الابرز للبرازيل هو البرازيل نفسها اذ غالباً ما يصاب الللاعبون بثقة زائدة بعد فوز كبير او عرض رائع فيسقطون ضحية الغرور في المباراة التالية. والتاريخ يشهد ان اللاعبين البرازيليين يتفاوضون على عقود مع اندية جديدة خلال المونديال مونديال 90 وقد يؤثر ذلك على تركيزهم لان الاموال المعروضة هذه الايام "تجنن" أعقل اللاعبين. ولم يمنع المسؤولون في الاتحاد البرازيلي استعمال الهواتف النقالة خلال المونديال ما يعني انه بوسع مدير اعمال اللاعب الاتصال به في اي لحظة. وتبرز الخلافات بين اعضاء الفريق في بعض الاحيان ولا يبدو الجو بعيداً عن الحوادث هذه المرة خصوصاً بعدما حصل في كأس القارات عندما اقدم كونسيساو وزي روبترو على حلق شعر رأس رفاقهم وهم نائمون فلم يعجب الامر بعض اللاعبين ولا سيما ليوناردو وغونكالفيش! البرازيل مطالبة دائماً بتحقيق الفوز واي شيء اقل من لقب خامس سيعتبر مرادفاً للكارثة في بلاد السامبا. البطاقة المساحة: 512، 8 مليون كلم مربع عدد السكان: 300،160 مليون العاصمة: برازيليا الاتحاد: تأسس العام 1914 وانضم الى فيفا العام 1923، رئيسه ريكاردو تيرّا تكسييرا عدد المحترفين: 000 932 عدد الاندية: 890 12 السجل: بطلة العالم 58 و62 و70 و94. بطل كوبا اميركا اعوام 19 و22 و49 و89 و97. بطلة العالم للناشئين اعوام 83 و85 و93 السجل في نهائيات المونديال: 15 مشاركة، 73 مباراة، 49 فوزاً و13 تعادلا و11 خسارة، لها 159 وعليها 68. الطريق الى فرنسا تأهلت مباشرة بصفتها حاملة اللقب.