يحذر ايهود باراك زعيم حزب العمل الاسرائيلي من انفجار للوضع في المنطقة خصوصاً في الأراضي الفلسطينية بعدما فشل بنيامين نتانياهو، أو على الأصح "نجح"، في تجميد المسار الفلسطيني. مشكلة باراك تكمن في أنه أحد أسباب قوة "بيبي"، ذلك أنه منذ تولى زعامة حزب العمل خلفاً لشمعون بيريز، ارتكب الخطأ تلو الآخر ولم يستطع استغلال أي من نقاط الضعف لدى رئيس الحكومة الليكودية. وأكثر من ذلك زايد باراك على نتانياهو في أحيان كثيرة وبدا كأنه يؤيد الاستيطان أكثر منه. وربما كان الأهم من ذلك كله ان باراك لم يستطع ان يواجه "بيبي" في الساحة التي تدور فيها المعركة حالياً، وهي الساحة الأميركية. في تصريحه الأخير، يهاجم زعيم حزب العمل رئيس الحكومة بطريقة أفضل إذ يعدد اخطاءه ويظهره في مظهر من يقود اسرائيل الى حرب جديدة، والسؤال الآن هل سيتجاوب الجمهور الاسرائيلي مع باراك الحالم بأن يكون اسحق رابين آخر؟ الأكيد أنه لا يمكن الاعتماد على زعيم حزب العمل لاسقاط الحكومة الليكودية، لكن الثابت في الوقت نفسه هو أنه إذا استطاع باراك ان يحسن صورته، سيكون من الأسهل على الإدارة الأميركية تسجيل نقاط في المواجهة التي تخوضها مع "بيبي" الذي هدد الرئيس بيل كلينتون ب "احراق واشنطن" من دون ان يوجد في الكونغرس من يقول له ان عليه التوقف عند حدوده. حتى الآن بذل نتانياهو كل ما يستطيع لإثارة الرئيس الأميركي، وكأن لديه حساباً قديماً يريد تصفيته معه منذ وصوله الى السلطة بسبب التأييد المبطن الذي وفرته الإدارة الأميركية لشمعون بيريز. وكان طبيعياً ان يحصل بيريز على مثل هذا التأييد نظراً الى ان المسؤولين الأميركيين يعرفون الشخص وسياساته وما يريده في حين أن نتانياهو اعتبر دائماً ان هدفه هو التخلص من اتفاق أوسلو. ولكن هل وصل "بيبي" الى مرحلة يعتقد فيها أنه أقوى من الرئيس الأميركي في واشنطن؟ هناك بالفعل عوامل كثيرة تساعد "بيبي" على البقاء في رئاسة الحكومة وعلى مواجهة الإدارة الأميركية والرئيس الأميركي داخل واشنطن نفسها. ومن بين هذه العوامل شخصية ايهود باراك الذي يبدو تحركه وكأنه جاء متأخراً. لكن المشكلة التي تواجه السياسة التي تتبعها الحكومة الاسرائيلية تكمن في أمرين، الأول أن استمرار الوضع على حاله سيقود الى انفجار. ومثل هذا الانفجار لا يمكن أن ينتهي إلا باتفاق. فهل من حاجة الى مزيد من الدماء للتوصل الى اتفاق جديد مع الفلسطينيين؟ اما الأمر الثاني فهو ان الدولة الفلسطينية ستعلن في غضون سنة، وستعترف بها معظم دول العالم بما في ذلك الولاياتالمتحدة، التي تبدي الآن تحفظاتها عن الفكرة، خصوصاً إذا استمر "بيبي" في تحدي الإدارة الأميركية والمبادرة التي طرحتها. فهل يقبل بحل قبل الانفجار أم انه يصر عليه ليكتشف أن لا مفر من أوسلو الذي في أساسه الاعتراف المتبادل بين شعبين مصيرهما العيش على أرض واحدة رغم كل الظلم اللاحق بالفلسطينيين