يصل في الساعات الأولى من صباح اليوم إلى مصر نائب الرئيس الأميركي آل غور في زيارة تستغرق أقل من 24 ساعة في ختام جولة على المنطقة شملت إسرائيل والمملكة العربية السعودية ومناطق الحكم الذاتي الفلسطيني. وسيعقد الرئيس حسني مبارك جلسة محادثات تركز على وضع عملية السلام على مختلف المسارات وملفات العلاقات الثنائية السياسية والاقتصادية. وكان مقرراً أن يزور غور القاهرة في شباط فبراير العام الماضي، وتأجلت الزيارة أربع مرات قبل تحديد موعدها أخيراً بعد تجاوز بوادر أزمة نجمت عن انتقاد علني وجهه آل غور الى الرئيس مبارك في السادس من نيسان ابريل العام الماضي خلال لقاء مع اللوبي اليهودي، حين زعم أن القيادة المصرية عاجزة عن القيام بدور في عملية السلام، ووجه كلامه الى مبارك قائلاً ان "صحافة بلادك تهاجم إسرائيل"، مما اعتبره المسؤولون المصريون سيراً في ركاب التوجهات الإسرائيلية. وسيحض مبارك خلال المحادثات على تفعيل دور أميركا كراعٍ رئيسي لعملية السلام، لجهة تنفيذ إسرائيل، بحسن نية، الاتفاقات المعقودة على المسار الفلسطيني، والالتزام بمرجعية مدريد ومبدأ الأرض مقابل السلام. كما سيعرض تقديره للموقف في المنطقة في حال تجميد العملية السلمية، وسيؤكد تضامن بلاده مع الموقف اللبناني في شأن اقتراح إسرائيل في شأن القرار 425. وقالت مصادر مطلعة إن مبارك وغور سيتبادلان وجهات النظر في ضوء اتصالات الطرفين في الفترة الأخيرة مع الأطراف الأخرى المعنية بالتسوية، وأهمية مؤتمر لندن كفرصة أخيرة لإحراز تقدم مطلوب على المسار الفلسطيني ووجوب تحريك المسارات الأخرى في إطار مرجعية مدريد وقرارات الشرعية الدولية. وعلى الصعيد الثنائي، ستتناول المحادثات ملفات عدة بينها محاولات بعض الجماعات الأميركية الإساءة الى مصر عبر إثارة مزاعم اضطهاد الاقباط. وبرغم توقع المصادر المصرية نقل غور رسالة من الرئيس بيل كلينتون تؤكد رفضه لقانون "مراقبة الحريات الدينية في العالم"، الذي يتضمن فرض عقوبات تلقائية على الدول التي تشهد حالات اضطهاد ديني، والمعروف باسم قانون "وولف - سبكتر" عضوي الكونغرس، إلا أن المصادر المصرية ترى أن الإدارة الاميركية لا تتحرك بشكل كافٍ للتشديد على البعد الاستراتيجي في العلاقة بين البلدين. ولاحظت هذه المصادر بارتياح إشارة التقرير السنوي لوزارة الخارجية الاميركية حول حقوق الإنسان الى "زعم بعض الجهات وجود اضطهاد للاقباط في مصر"، وعدم توجيه اتهامات لها بصفة رسمية في هذا الاتجاه. كما ستتناول المحادثات ملف المساعدات الاميركية السنوية لمصر 1.2 بليون دولار، منها 815 مليوناً مساعدات مدنية في ضوء اقتراحات لإلغائها على عشر سنوات، والتي اقتطعت واشنطن جزءاً منها، وجزءاً آخر من المساعدات التي تتلقاها إسرائيل، لاستكمال مساعدات اميركية للأردن منذ العام الماضي. وكانت الولاياتالمتحدة قررت تحويل المبالغ المحسومة من المساعدات المدنية الى برنامج المساعدات العسكرية، وزعمت إسرائيل أن استفادة مصر من هذا النظام يهدد الاستقرار والأمن في المنطقة، في محاولات ضغط لاقناع واشنطن بعدم تطبيق المعايير ذاتها التي تتبعها معها على مصر. وفضلاً عن تأكيد المحادثات للتعاون بين البلدين في مكافحة الإرهاب، فهي ستتناول أيضاً الأفكار التي طرحتها واشنطن ل "حوار استراتيجي" في إطار دعم وتنمية العلاقات، وكآلية للتشاور المستمر لمنع وصول اختلاف وجهات النظر في بعض القضايا الى حدود الأزمات. أما على الصعيد الاقتصادي، فسيعقد عقب المحادثات اجتماع للمجلس الرئاسي المصري - الاميركي المعني بدعم العلاقات الاقتصادية والاستثمارات المشتركة والتبادل التجاري. وفي الإطار نفسه سيلتقي غور أعضاء غرفة التجارة المصرية - الاميركية. ولم تستبعد المصادر أن يبحث مع الرئيس مبارك في موعد زيارة هذا الأخير المرتقبة لواشنطن، بعد ان تأجلت بسبب نشر تقارير حول اضطهاد الاقباط. وعقب المحادثات الرسمية، سيزور غور الجامع الأزهر للقاء شيخه الدكتور محمد سيد طنطاوي، شأنه في ذلك شأن كل من وزير خارجية بريطانيا روبن كوك ورئيس وزرائها توني بلير اللذين زارا الأزهر والتقيا طنطاوي خلال زيارتيهما للقاهرة الشهر الماضي. ولوحظ أن برامج زيارات المسؤولين الثلاثة كوك - بلير - غور للقاهرة لم تتضمن لقاءات مع البابا شنوده الثالث.