في محاولة لإعادة الثقة إلى الأسواق واحتواء الأزمة المالية، أعلن الرئيس الروسي بوريس يلتسن أمس أن لدى بلاده "ما يكفي من الاحتياط" لمنع حدوث انهيار مالي، وطلب من الحكومة التركيز على الدفاع عن الروبل، وتعهد بملاحقة المتهربين من الضرائب، وذكر "ان رؤوساً ستطاح". وقال يلتسن، أثناء اجتماع مع رئيس الحكومة سيرغي كيريينكو ووزير المال ميخائيل زادورنوف ومحافظ البنك المركزي سيرغي ددوبينين وكبير موظفي الكرملين للبحث في اضطراب الأسواق المالية الروسية الذي دفع البنك المركزي إلى رفع أسعار الفائدة ثلاثة أضعاف إلى حدود 150 في المئة، إنه سيتصل مع زعماء أجانب، منهم الرئيس بيل كلينتون والمستشار الألماني هيلموت كول، لمطالبتهم بدعم روسيا معنوياً في أزمتها الاقتصادية الحالية. وعلى الفور طرأ تحسن نسبي في أسواق المال وارتفعت قيمة الأسهم بين 7 و10 في المئة وانخفض الطلب الشديد على الدولار الأميركي. وعرض التلفزيون الروسي لقطات ظهر فيها يلتسن وهو يقول في بداية الاجتماع: "يجب أن يشعر المستثمرون الأجانب بالثقة في أنه لن يحدث انهيار في الأسواق المالية في روسيا". وأضاف: "يجب أن تتوافر الثقة حتى لا يهرب المستثمرون، بل يأتون إلى روسيا، ان لدى البنك المركزي ووزارة المال اليوم ما يكفي من الاحتياطات للتماسك وهذا هو المهم". وشدد يلتسن على أنه سيجتمع اليوم الجمعة مع مسؤولي الأمن والشرطة والجباية ليتحدث إليهم "حديثاً صارماً". وذكر في العاصمة الروسية ان عدداً من المسؤولين عن جباية الضرائب ومسؤولي الشركات الحكومية أو الشركات المختلطة سيفقد منصبه نتيجة التأخر أو التلكؤ في تحويل الضرائب. وقال كيريينكو: "إن الرئيس سيوقع مرسوماً يمنح شرطة الضرائب حق احتجاز الأفراد وأملاك المتخلفين من دون العودة إلى المحكمة حتى يتم تحصيل الضرائب المتأخرة". وعلى رغم تأكيد رئيس الدولة على ضرورة بقاء المستثمرين الأجانب في الأسواق الروسية، ظهرت أمس مؤشرات على أن الاجانب قد يكونوا بين الأطراف التي ستطالها "المطحنة". وذكر مسؤول العلاقات الدولية في مصلحة الضرائب فلاديمير اوسكين ان حجم التداول الذي ينفذه الاجانب في أسواق المال الروسية يصل إلى 50 بليون دولار شهرياً من دون أن يحول من الأرباح "شيء يذكر" إلى الموازنة. وأشار وكيل وزارة المال أوليغ فوغين إلى أن بين ثلاثة أو أربعة مصارف أجنبية كانت وراء الهزة الأخيرة، وقال: "إن محللين أجانب شجعوا قبل شهر المستثمرين على دخول أسواق المال الروسية ثم طلبوا بعد أسبوعين الانسحاب منها ضمن سيناريو هدفه ارغام الدولة على خفض قيمة الروبل". ولا يبدو ان هناك اجماعاً على وجود "مؤامرة"، إذ أن نائب رئيس الوزراء فيكتور خريستينكو رفض هذه "النظرية"، لكنه قال: "إن عدداً من الأطراف استغل مصاعب موضوعية في روسيا". وقال ل "الحياة" رجل أعمال عربي له موقع في أسواق الأسهم الروسية ان أحد أسباب الأزمة الأخيرة رغبة عدد من "العمالقة" خفض قيمة شركة "روس نفط" التي طرحت الحكومة 75 في المئة من أسهمها للبيع ب 5،2 بليون دولار، لكن أحداً لم يتقدم لشرائها. وكان رئيس شركة "لوك اويل" وحيد علي أكبروف ذكر أول من أمس أن القيمة الفعلية للأسهم في حدود 5،1 بليون دولار. لكن رئيس مؤسسة "غاز بروم" ريم فياخيريف قدر قيمة الأسهم المطروحة بسعر يراوح بين 470 و570 بليون دولار فقط. ويذكر ان كلا من "غاز بروم" ولوك اويل" تعتبران من أهم الأطراف الطامحة لشراء "روس نفط" التي تملك أكبر الآبار النفطية في روسيا. وفي وقت سابق قال مصدر مصرفي إن كيريينكو اجتمع مساء أول من أمس مع أربعة من أبرز المصرفيين الروس وطمأنهم بأن الحكومة ستلتزم ببرنامج التقشف وسياستها المالية المتشددة. وفتح مؤشر بورصة موسكو أمس مرتفعاً 57،6 في المئة إلى 53،199 نقطة بعد تهاويه بنسبة 11 في المئة الأربعاء في يوم من الذعر التجاري.