أكدت المملكة العربية السعودية وإيران أنهما تملكان "إرادة سياسية واضحة وثابتة" من أجل تعزيز علاقاتهما والارتقاء بها إلى مستوى "التعاون العملي". وأجمع الإيرانيون بمختلف تياراتهم وتوجهاتهم المعتدلة والمحافظة على "ضرورة التقارب والتعاون بين البلدين الكبيرين والمهمين في منطقة الخليج وأهمية ذلك"، وتزامن هذا التأكيد مع الزيارة التي بدأها وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل لطهران أمس. وأكد سعود الفيصل لدى وصوله إلى العاصمة الإيرانية أنه "متفائل جداً بمستقبل العلاقات". كذلك أشار وزير الخارجية الإيراني الدكتور كمال خرازي بايجابية شديدة إلى اعلان الرياض رسمياً ان لا علاقة لأي جهة أجنبية بانفجار الخُبر في الظهران قبل عامين. وقال ل "الحياة" إن هذا الموقف "شجاع وفيه مروءة". واستقبل الرئيس سيد محمد خاتمي الضيف السعودي والوفد المرافق له وتسلم رسالة خطية من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز تضمنت دعوة رسمية لزيارة الرياض، وهي سابقة في تاريخ العلاقات بين البلدين منذ قيام الثورة، ورسالة من ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز. وشدد خاتمي على أن بلاده "تملك إرادة سياسية ثابتة وعزيمة راسخة عن توثيق العلاقات مع الأشقاء في السعودية وهدفنا ان تتعزز الروابط ويرتقي التعاون إلى مستوى التعاون الشامل، خصوصاً ان الجمهورية الإسلامية والمملكة العربية السعودية بلدان كبيران ومهمان ومؤثران في منطقة الخليج والوضع الاقليمي ومن شأن تنسيق مواقفهما وتطوير روابطهما الاقتصادية والثقافية والعلمية ان يوثقا العلاقات بين الشعبين المسلمين وأن يحولا دون تدخل أي طرف خارجي في العلاقات الثنائية والاقليمية ويضعفا مثل هذا الاحتمال". وكان سعود الفيصل وصل مطار مهراباد أمس في زيارة تستغرق يومين، وسيوقع ونظيره الإيراني اليوم مذكرة تعاون تشمل مجالات الاقتصاد والتجارة والثقافة والعلوم والتكنولوجيا والشباب والرياضة نص مذكرة التعاون ص 4. ونفى سعود الفيصل أن تكون زيارته إلى طهران تحمل مبادرة وساطة بين إيران والولايات المتحدة "فالزيارة تندرج في إطار تعزيز العلاقات الثنائية واستمرار الاتصالات بين مسؤولي البلدين وستتطرق إلى تقويم للقضايا التي تهم البلدين، ولا ترتبط الزيارة بعلاقات أي من الدولتين بدولة ثالثة". واعتبر أن ثمة "ضمانتين أساسيتين لهذه العلاقات: الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير الاتصالات واستمرارها واللقاءات المباشرة بين المسؤولين"، وأكد أنه "متفائل جداً بهذه العلاقات وآفاقها سيما في ظل وجود إرادة سياسية ومصالح مشتركة"، وتابع ان "إيران دولة عظيمة وشعبها شعب عظيم". كذلك التقى الضيف السعودي رئيس البرلمان علي أكبر ناطق نوري في إشارة واضحة إلى أن الإيرانيين مجمعون على توثيق علاقاتهم مع السعودية، خصوصاً ان ناطق نوري يعتبر أحد رموز التيار المحافظ. ويؤكد المحافظون أنهم لم يكونوا ضد تعزيز العلاقات مع السعودية. وقال السفير الإيراني لدى الرياض السيد نوري شهرودي ل "الحياة" إن رئيس مجلس الشورى السعودي محمد بن جبير سيقوم بزيارة لطهران في غضون شهرين، ويتوقع ان تليها زيارة نظيره الإيراني للرياض. كذلك أكد خرازي ان حكومته "تولي أهمية كبيرة لهذه الزيارة وهذا ان دل على شيء، فإنما يدل على أن العلاقات بين الجمهورية الإسلامية والمملكة العربية السعودية بلغت ذروتها"، وأشار إلى اتفاق التعاون بين الجانبين، وقال إنها "ستمهد الطريق أمام التعاون في مجالات عدة، وسيكون لتنمية العلاقات الثنائية اثر بارز في علاقاتنا مع بقية الدول الخليجية، وهذا ينبثق من الإرادة السياسية الجلية لدى قيادتي البلدين". وتعليقاً على الموقف الذي اعلنه وزير الداخلية السعودي الامير نايف بن عبدالعزيز اخيراً من ان منفذي انفجار الخبربالظهران قبل سنتين ومدبريه سعوديون، قال خرازي لپ"الحياة": "ان هذا الحديث أزال اي شبهة في هذا الخصوص" في اشارة الى الاتهامات التي كانت توجه الى ايران، وأكد خرازي "كنا نعلم منذ البداية انه لا يوجد تدخل خارجي في هذا الامر وانه عمل داخلي" مشيراً الى ان "بعض المغرضين كانوا يعارضون تحسن العلاقات بين البلدين وكانوا يروجون لهذه الشبهات". واعتبر خرازي ان "سمو الامير نايف ادلى بهذا التصريح بكل شجاعة ولا شك انه سيؤثر ايجاباً على تنمية العلاقات بين البلدين".