بدت البلدات والقرى في قضاء عاليه في حركة غير مألوفة حتى في أيام العطل. فهذا القضاء الذي شهد أقسى حالات التهجير في زمن الحرب ويشهد عودة بطيئة للمهجرين في زمن السلم، استعاد في يوم الانتخابات البلدية والاختيارية روحاً افتقدها طويلاً. بحمدون التي هُجّر اهلها في اتجاه بيروت وبعبدا والمتن وبقيت منازلها مشرعة في انتظار اموال صندوق المهجرين التي اغدقت على شاغلي تلك المنازل لا على أصحابها، استقبلت بالأمس أهلها في المدرسة التي أعيد بناؤها. والناخبون في بحمدون من موارنة وروم ارثوذكس يتجاوز عددهم ال1200، وسجلت صباحاً حركة اقتراع لا بأس بها. مركز الاقتراع الوحيد في البلدة احيط باجراءات امنية للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، بقيت حركة مندوبي المرشحين عند مداخله في الحدود المرسوم لها، لأن المرشحين توزعوا على لائحة كاملة وأخرى ناقصة، وظل الباقون منفردين، ووصف احد ابنائها الأجواء بأنها "ديموقراطية، فمن يطلع يكون في البلدية ومن يخسر سيكون في بلدية ظل. فالكل من موقعه يقدم ما يستطيعه من أجل بحمدون التي تحتاج الى الكثير". واذا كانت الانتخابات في بحمدون تركت هامش الاختيار مفتوحاً أمام ابناء البلدة، فان التوافق في مدينة عاليه بين الحزب التقدمي الاشتراكي والوزير طلال ارسلان على لائحة واحدة هي "لائحة الوفاء والبناء"، اهتز منذ الصباح وتجسد في اللوائح الملغومة التي وزعت وفي عمليات التشطيب المتبادلة. وشهد محيط مراكز الاقتراع حركة ناشطة لمندوبي المرشحين الذين أخذوا يلاحقون الناخبين بلوائح بعضها مزور باتقان حيث استبدلت اسماء بعض المرشحين بأخرى من العائلة نفسها وانطلت الخدعة على الكثيرين. وبدأت حركة الاقتراع بطيئة صباحاً وتصاعدت وتيرتها اعتباراً من الظهر وحاول عناصر قوى الأمن ضبط الحركة داخل المراكز بأقل مقدار ممكن من التوتر. وفي سوق الغرب، بدا معظم المنتظرين خارج مركز مبنى البريد، كأنهم غرباء عن البلدة، فجلّهم ممن استقروا في بيروت وكسروان، الا ان لهؤلاء لائحتهم المتكاملة وأطلقوا عليها "لائحة اعمار سوق الغرب"، وقد أثارت حفيظة الشباب المتحزب والمقيم في سوق الغرب الذي يرى فيها "عملية اسقاط غير ديموقراطية على البلدة بل عملية غش". لهؤلاء الشباب لائحتهم ايضاً، وقد اطلقوا عليها اسم "لائحة الأوفياء" وتضم بحسب المرشح انطوان الياس حتي قوميين وشيوعيين وعونيين واشتراكيين، لكنها غير مكتملة. وفي المقابل يرى الدكتور كميل نصار وهو مرشح في اللائحة الثانية ان المهم هو التنافس على خدمة سوق الغرب من أجل اعادة الدورة الاقتصادية والاجتماعية لتعود البلدة الى خارطة بلدات الاصطياف. في سوق الغرب 1700 ناخب بينهم كثر ممن هم خارج لبنان. لكن نسبة الاقبال على الاقتراع تجاوزت ال10 في المئة صباحاً نظراً الى مشاركة ناخبين في قداس الأحد ولم يشهد محيط مركز الاقتراع تنافساً قوياً من المندوبين الذين تركوا للناخبين حرية التشطيب أو ملء الفراغ. في عيتات التنافس على مقاعد المجلس البلدي ال11 بقي ضمن الطائفة الواحدة. وسُجّل مرشحان لكل مقعد، الا ان عدد المرشحين من عائلة واحدة وهي عائلة تيماني الأكبر عدداً تجاوز الثمانية مما جعل المعركة تأخذ طابعاً عائلياً. وتدنت نسبة التشطيب والتلغيم. ناخبو بلدة الكحالة أدوا، أمس، واجبين، المشاركة في قداس الأحد والاقتراع، جاءوا الى مراكز الاقتراع في صالونات الكنائس بأبهى حلة، وانتظموا في صفوف طويلة أو تحلقوا تحت ظل الأشجار، للبحث في أسماء المرشحين ال32 الذين يتنافسون على 15 مقعداً وقد توزعوا على لائحتين "الوفاء" و"قرار الكحالة". واذ تعتبر عائلة بجاني الأكبر عدداً في البلدة، فان كثرة مرشحيها الذين بلغوا ثمانية وانقسموا مناصفة على اللائحتين بعثر الأصوات، ويقول رئيس لائحة "الوفاء" سهيل بجاني ان المعركة قاسية ولا تشطيب. لكن التشطيب سمة الانتخاب في بلدة الشويفات التي يبلغ عدد الناخبين فيها 13 ألفاً والمرشحين اكثر من 40، بعدما كان 56 قبل الانسحابات، للتنافس على 18 مقعداً 11 للدروز، 1 للموارنة، 5 للروم، و1 للسنّة. واذا كان التوافق الجنبلاطي - الأرسلاني ارسى لائحة واحدة هي "الانقاذ"، فان الاهتزاز الذي أصاب "توافق" عاليه كان أكثر حدة في الشويفات. فانبتت اللائحة لوائح حتى ضاع معها مندوبو "لائحة الانقاذ" انفسهم وقد حضروا بكثافة بقبعاتهم الحمر و"تي شيرت" بيضاء وحمراء كتب عليها اسم اللائحة وصورة "الضامن" الوزير طلال ارسلان. واستفاد المنفردون من هذا التشطيب المتبادل فنزلوا بدورهم الى الساحة لاختراق اللائحة بأسمائهم. الدكتور أكرم عارف الحسينة المرشح الى الانتخابات البلدية اتهم "جماعة المير" بتشطيب المرشحين "الاشتراكيين" وقال ل"الحياة" ان التشطيب بدأ صباحاً وبدلاً من ان تكون اللائحة ب18 اسماً اصبحت ب15، لذلك اعلن "اننا لن نلتزم بعد الآن التوافق". في المقابل اتهم المسؤول عن حملة "المير" الانتخابية في الشويفات يوسف السوقي "الاشتراكيين ببدء التشطيب". وقال ل"الحياة": "كان هناك ائتلاف ولم يعد هناك التزام. لذلك شطبنا الاشتراكيين بعدما وجدنا اكثر من لائحة تشابكت الأسماء فيها من دون ان تصب في خانة التوافق"، مشيراً الى "ان التشطيب يطاول فقط الاشتراكيين في حين ان التوافق كامل مع القوميين". وخصص في العمروسية قلم اقتراع للمسيحيين الذين انتخبوا بكثافة لافتة، وبعضهم حضر من أماكن بعيدة. وتخوّف البعض من ان يكون التشطيب الأرسلاني - الجنبلاطي ودخول المنفردين على الخط على حساب المرشحين المسيحيين. يبقى ان الهاتف الخليوي كان المرشد الأول في توجيه المعارك الانتخابية في الشويفات وعاليه، وسيارات "شيروكي" ولاند روفر" الوسيلة الأسرع لايصال "وسائل الدعم" للقابعين داخل مراكز الاقتراع وفي محيطها في انتظار نتائج تحمل الكثير من المفاجآت.