أكد مصدر فرنسي مطلع لپ"الحياة"، أمس، ان الجانبين المصري والفرنسي يضعان حالياً اجراءات لعقد مؤتمر لانقاذ السلام في أسرع وقت، وفي أقل من شهر في مصر، بمشاركة كل دعاة السلام في مدريد باستثناء الأطراف المعنية بالأزمة أي اسرائيل والفلسطينيين في المرحلة الأولى من المؤتمر. وقال مصدر فرنسي رفيع المستوى ل "الحياة" ان الفكرة تبلورت منذ وصول الرئيس مبارك الى فرنسا، وان ابعاد نتانياهو عن المؤتمر مرده الى استحالة مشاركته في مؤتمر لإنقاذ السلام، نظراً الى ان مواقفه المعلنة هي التي تعرقل السلام. وقال مصدر آخر ان فرنسا ومصر وأوروبا ترغب في الضغط على الولاياتالمتحدة لحملها على إنقاذ السلام، علماً بأن الرئيس الاميركي بيل كلينتون أبدى خلال قمة برمنغهام استياءه من التعنت الاسرائيلي. لكن الأوروبيين فهموا ان الولاياتالمتحدة لا تزال غير مستعدة لممارسة الضغوط التي يتطلبها تحريك المسيرة السلمية، خصوصاً انه خلال قمة برمنغهام اقترح الأوروبيون تضمين البيان الختامي نداء موجهاً الى اسرائيل في شأن التحرك في اتجاه تنفيذ القرارات وعدم عرقلة عملية السلام، إلا ان الادارة الاميركية رفضت هذا الاقتراح. وعلمت "الحياة" ان الرئيس المصري حسني مبارك اجرى خلال وجوده في العاصمة الفرنسية اتصالات مع مسؤولين دوليين، كما ان المسؤولين الفرنسيين سيجرون اتصالات مع الادارة الاميركية والسلطات الروسية لاقناعهما بالمشاركة في المؤتمر في اسرع وقت. كما ان المسؤولين في وزارتي الخارجية الفرنسية والمصرية، وفي طليعتهم مدير دائرة الشرق الأوسط السفير جان كلود كوسران ومعاونه ستيفان غومبرس، سيحددون اجراءات المؤتمر وآليته بعد انتهاء المشاورات التي ستتم خلال الأيام المقبلة. ومن جهة اخرى، قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آن غازو - سوكريه ان وزيري الخارجية هوبير فيدرين وعمرو موسى تناولا بشكل خاص خلال لقائهما امس "النداء من أجل السلام" والمشاورات التي ينبغي القيام بها مع الشركاء في هذا الشأن. وأضافت: "نحن، اذن، في مرحلة اتصالات لإطلاع شركائنا على الاقتراح وشرحه لهم، والعمل على تحديد موعد سريع للمؤتمر بعد تحديد الدول الراغبة في المشاركة وتحديد جدول اعمال وفقاً لما نتوقعه من نتائج". وكان مبارك التقى ظهر امس في لقاء عمل في القصر الحكومي رئيس الوزراء الفرنسي ليونيل جوسبان الذي أكد دعم فرنسا للجهود المبذولة حالياً لتحريك عملية السلام في الشرق الأوسط. وقال السفير المصري في فرنسا علي ماهر السيد عقب المحادثات، التي استغرقت ساعة ونصف الساعة، وأعقبها غداء أقامه جوسبان في مقر وزارة الخارجية على شرف مبارك، انهما استعرضا الموقف الراهن لعملية السلام في ضوء النداء المشترك الذي وجهه الرئيسان مبارك وشيراك من اجل السلام. وأضاف ان الجانبين بحثا أيضاً في العلاقات الاقتصادية بين مصر وفرنسا وسبل تطويرها ودعم القطاع الخاص والاستثمارات الفرنسية في مصر. وكان جوسبان في كلمته خلال الغداء وصف الوضع في الشرق الأوسط بأنه "متوتر ومشحون بالتخوف وانعدام الثقة والحسابات والايديولوجيات التي تقف عائقاً في وجه مشيدي السلام، بل تودي بحياتهم احياناً، مما يغذي النزعة الى العنف واستخدامه". وقال "ان مصر وفرنسا لا يمكن ان تقبلا بهذا التدهور وان تدعا المأساة المعلنة تنفجر، فالاعلان المشترك الذي صدر يوم أمس الاثنين يبرهن على عزم بلدينا على بذل ما في وسعهما لتفادي الأسوأ". وأضاف: "لقد اطلقت الولاياتالمتحدة مبادرة سياسية تستحق الاحترام والدعم وتقدمت باقتراحات معقولة وواقعية لا تستجيب كلياً بطبيعة الحال لتطلعات الطرفين، ولكن هذه هي طبيعة كل الحلول الوسطى، ونأمل بأن تعطي كل الاطراف المعنية هذه المبادرة حظها". وعبّر مبارك في كلمة جوابية عن أمله في دور فرنسي وأوروبي أكثر نشاطاً لإقناع اسرائيل بضرورة تنفيذ التزاماتها والوفاء بوعودها وألا تستخدم أوهى الذرائع للتهرب من ذلك. ودعا الى مشاركة أكبر للمؤسسات الفرنسية في الاستثمارات المباشرة في مشاريع صناعية حديثة للمساعدة على تحسين الانتاجية في مصر. ويلتقي مبارك صباح اليوم الاربعاء المجلس الوطني لأرباب العمل الفرنسيين. وهو كان اجرى أول من أمس محادثات هاتفية مع رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ياسر عرفات أبلغه خلالها بتفاصيل الاقتراح الفرنسي - المصري المشترك، فيما أطلعه عرفات على نتائج محادثاته مع وزيرة الخارجية الاميركية مادلين أولبرايت. واستقبل الرئيس المصري في مقر اقامته في باريس في قصر مارينييه رئيس المجلس التمثيلي للمنظمات اليهودية في فرنسا، وألقى مساء أمس محاضرة في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية.