واصل آلاف الأجانب الجلاء عن اندونيسيا رغم الهدوء الذي شهدته البلاد يومي السبت والاحد. وتوقعت مصادر ديبلوماسية عدة "تصعيداً خطيراً في الموقف" خلال تشييع ضحايا الاضطرابات الذين يصل عددهم الى 500 قتيل، اليوم الاثنين وان "يبلغ التصعيد ذروته" بعد غد الأربعاء الذي يصادف ذكرى قيام حركة الاستقلال بقيادة الرئيس الراحل أحمد سوكارنو. وبذل الرئيس سوهارتو جهوداً كبيرة في محاولة احتواء التصعيد متعهداً بإجراء تعديلات وزارية لامتصاص النقمة الشعبية ازاء الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، واستدعى وزير الدفاع وقائد الجيش الجنرال ويرانتو الى اجتماع يعقد صباح اليوم للبحث في ملابسات مقتل ستة طلاب رمياً بالرصاص مطلع الاسبوع وهو الحادث الذي اشعل الاضطرابات التي استمرت أربعة أيام. واستبق عضو بارز في الحزب الحاكم الاجتماع بين الرجلين مطالباً سوهارتو بتسليم السلطة الى ويرانتو الذي يصفه المراقبون الاجانب بأنه "يتمتع بشعبية كبيرة". وركزت وسائل الاعلام الاجنبية على هذه الدعوة التي أطلقها وزير البيئة السابق ساروونو كوسو ماتمادجا العضو في حزب غولكار الحاكم. واعتبرت ان الدعوة "تعكس انقساماً في صفوف الطبقة الحاكمة". وبعدما اعترف بأن ويرانتو يشاركه في الرأي، قال ساروونو انه "اذا كان سوهارتو، يريد الوضوح، عليه ان يعلن انه سيستقيل ويسلم شؤون الحكم الى فريق كامل... الناس لا يزالون يعتمدون على القوات المسلحة لانقاذهم وانقاذ البلاد وعلى الجنرال ويرانتو لكي يصبح رجل الساعة... لقد أظهر تعاطفه مع حركة الاصلاح وهو يحظى باحترام الغالبية العظمى من الضباط". ودعت مجموعة من المثقفين المسلمين امس الى اجراء انتخابات رئاسية مبكرة حلاً للأزمة الاندونيسية. واشار ناطق باسم المجموعة الى ان الجميع يريدون "ان تنتهي رئاسة الرئيس سوهارتو بشكل جيد". وفي حال لقيت دعوة هوءلاء المثقفين استجابة فانها تعني اختصار ولاية الرئيس سوهارتو ثلاث سنوات بعدما كان جدد له في اذار مارس لولاية مدتها خمس سنوات. الاجانب وواصلت العواصم المعنية حض رعاياها على مغادرة اندونيسيا محذرة من تدهور الوضع هناك. ومن بين هذه العواصم، لندن وواشنطن وطوكيو، فيما انفردت الحكومة الماليزية في تطمين رعاياها الى انه يمكنهم البقاء في أمان بعد انحسار الاضطرابات. ولوحظ ان الماليزيين تجاوبوا مع تطمينات حكومتهم وانحسرت اعداد الراغبين منهم في الرحيل. واستمرت موجة فرار الاجانب من اندونيسيا رغم الهدوء وتأكيدات الجيش انه يسيطر على الوضع. وأقامت الحكومة اليابانية جسراً جوياً لإجلاء حوالى 20 ألفاً من رعاياها يقيمون في اندونيسيا. وسيّر الجيش دوريات منتظمة في شوارع العاصمة جاكارتا والمدن الرئيسية فيما فتحت الاسواق وعادت الحركة "شبه طبيعية" واستأنفت وسائل النقل العام خدماتها. ويذكر ان اندونيسيا تحتل موقعاً استراتيجياً مهماً اذ تتحكم بطرق المرور البحرية بين المحيطين الهادئ والهندي. ويتعين على السفن الحربية الاميركية الحصول على اذن مسبق من جاكارتا لعبور المياه الاقليمية الاندونيسية الى الخليج.