كانت طريق المنتخب الايراني الى فرنسا أشبه بدرس جغرافي للاعبيه ومسؤوليه ومشجعيه اذ اضطر الى خوض 17 مباراة في تسع دول، وذرع القارة الآسيوية سفراً من سورية الي ماليزيا وجمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق قبل ان يكتشف استراليا. كان المنتخب الايراني مرشحاً لبلوغ النهائيات مباشرة خصوصاً بعد عروضه القوية في الدور الاول وانتصاراته على المالديف 17-صفر و9-صفر وعلى قيرغستان 7-صفر، لكن التعب ادرك لاعبيه في مراحل الحسم ضمن الدور النهائي فاحتل الفريق المركز الثاني خلف السعودية في المجموعة أ واضطر الى مواجهة اليابان ثانية المجموعة ب في مباراة فاصلة واحدة على أرض محايدة في ماليزيا. لكن الايرانيين فشلوا في تحديد فرنسا على الخارطة من ماليزيا اذ سقطوا امام اليابان 2-3 بالهدف الذهبي وأهدروا بالتالي فرصتهم الثانية في الانضمام الى العرس الكروي... وبقيت امامهم فرصة ثالثة اخيرة اذ فرضت عليهم الخسارة مواجهة استراليا بطلة تصفيات اوقيانيا ذهاباً واياباً لتحديد هوية الفريق ال32 الاخير الذي يسافر الى فرنسا. وفشل الايرانيون في تحقيق فوز واضح في طهران يريح اعصابهم قبل لقاء الاياب في استراليا وتعادلوا 1-1 تاركين الباب مفتوحاً امام جميع الاحتمالات. وابتعد المنتخب كثيراً عن فرنسا عندما تأخر بهدفين مقابل لا شيء وهو الذي لم يقدم الكثير لكن باقري وعزيزي حددا موقع فرنسا على الخارطة فجأة وسجلا الهدفين اللازمين 2-2 ليقودا بلادهما الى النهائيات لتسجيلها هدفاً اكثر خارج ارضها يحتسب مضاعفاً. ويمرّ هذا النوع من الانجازات مرور الكرام في بلاد كثيرة لكن الوضع السياسي والمعيشي في البلاد منذ سنوات، دفع الشعب الى الشوارع في تظاهرات فرح وتجمع الآلاف على جنبي الطرقات لاستقبال الفريق بعد العودة من استراليا علماً ان اللاعبين توجهوا مباشرة الى ملعب ازاده في وسط طهران الذي امتلأ ب120 ألف متفرج جاؤوا يحتفلون بالانجاز. ولان كرة القدم تخطت حدود الرياضة وبلغت مستويات عالية على مستوى المجتمعات، خاطرت 4000 امرآة بحياتهن عندما اخترقن الحواجز التي وقفت أمامهن ومنعتهن من دخول الملعب علمًا ان القوانين تحرم النساء منذ قيام الثورة حضور المباريات! ومما لا شك فيه ان المنتخب الايراني سيلقى دعماً كبيراً فرنسا لان عدداً كبيراً من الايرانيين يعيش في اوروبا منذ نهاية حكم الشاه. وخلال بطولة آسيا 96 في الامارات دعمت الجالية الايرانية الفرق بقوة حتى خيل لكثيرين انه يلعب على ارضه. ومع التأهل الى المونديال اكتملت عودة الكرة الايرانية الى الواجهة الآسيوية والدولية بعد سنوات امضتها في الظل تراقب الكويت والعراق والسعودية وكوريا الجنوبيةوالامارات تقطف الألقاب القارية وبطاقات التأهل الى المونديال. بلغت ايران القمة في الستينات والسبعينات واحرزت اللقب الاسيوي ثلاث مرات اعوام 68 و72 و76، وتوجت تألقها ببطاقة الى مونديال الارجنتين العام 78 حيث خسرت امام البيرو وهولندا وتعادلت مع اسكتلندا. وقضت الثورة العام 1979 والحرب مع العراق التي استمرت ثمانية اعوام على برامج اعداد الناشئين والشباب فدفعت كرة القدم الثمن غالياً وتراجع منتخب ايران من الواجهة الى الحضيض في زمن قياسي. ومع نهاية الثمانينات ونهاية الحرب مع العراق، عادت دورة كرة القدم الى الدوران وبدأ المسؤولون يبنون من الصفر واهتموا بالمواهب الصاعدة وفرق الناشئين والشباب وها هم يقطفون الثمار حالياً. ومع تطور مستويات اللاعبين عادت الفرق الايرانية للعب الادوار الاولى في الكؤوس الاسيوية مثل باس وبيروزي والاستقلال، في حين انتظر المنتخب بطولة آسيا 96 في الامارات ليثبت انه عاد الى الواجهة. وخلال بطولة الأمم الآسيوية لفت المنتخب الايراني الانظار في الدور الاول بفوز كبير على السعودية 3-صفر وسحق كوريا الجنوبية في الدور الثاني 6-2 قبل ان يسقط امام السعودية بركلات الترجيح في الدور نصف النهائي. واحتل المركز الثالث بفوزه على الكويت. ومع بداية تصفيات المونديال رشح الجميع الفريق ليكون احد المتأهلين مباشرة الى النهائيات لكن الخلافات الادارية في الاتحاد وتبديل المدرب وضع العصي في دواليب المنتخب فاحتاج الى ماراثون" للانضمام الى فرق النخبة العالمية. وتعصف خلافات سياسية في الاتحاد ادت الى اقالة الرئيس السابق. كما "فنّش" المدرب مايلي كوهان وحلّ بدله مدرب المنتخب الاولمبي البرازيلي المغمور فالدير فييرا. وتمكن الاخير من قيادة المنتخب الى النهائيات لكن ذلك لم يكن كافياً لضمان منصبه اذ كافأه الاتحاد على انجازه باقالته. ورغم القدرات التقنية العالية للاعبي ايران، الا ان الفريق يعاني من نقص في الخطط التكتيكية وهو ما فشل مايلي وفييرا في ايجاده فكان مصيرهما الطرد. وراح مسؤولو الاتحاد يبحثون عن مدرب خبير قادر على توفير قدر من التكتيك ففاوضوا الصربي بورا ميلوتينوفيتش مدرب نيجيريا حاليا والبرازيلي كارلوس البرتو باريرا مدرب السعودية حالياً وغيرهما... قبل ان يقع الاختيار على الخبير الكرواتي توميسلاف ايفيتش الذي سبق له تدريب 13 فريقاً ومنتخبين دوليين. ومعروف عن ايفيتش هوسه في التنظيم الدفاعي وهو الذي يبني فرقه على دفاع صلب يأتي على حساب الهجوم في احيان كثيرة. لكن في الوقت نفسه يصبح من الصعب التغلب على الفريق بسبب التنظيم الدفاعي الذي يتمتع به. ومع ايران قد يختلف الوضع لان اللاعبين قادرون على "فورات" هجومية لدقائق معدودة في المباراة قد تكفي لقلب النتيجة لمصلحتهم، وهذا ما ظهر واضحاً في التصفيات ضد اليابان عندما كان الفريق خاسراً بهدف وسجل هدفين في خمس دقائق، وامام استراليا عندما كان متأخراً بهدفين قبل ان يخطف هدفين سريعين ويتأهل. وسيكون احمد رضا عبدزاده حارساً للمرمى. ويبث هذا الحارس 32 عاماً ويلعب لنادي بيروزي الطمأنينة في نفوس مدافعيه بفضل ثقته العالية وغالباً ما ينقذ فريقه من اوضاع حرجة. وفي الدفاع، يبرز في مركزي قلب الدفاع كل من يحيى غولام حمادي و محمد علي بيراواني وكلاهما يعلب مع نادي بيروزي الذي يعتبر الرافد الاساسي للمنتخب. ويقود خط الوسط كريم باقري 24 عاماً الذي اكتسب خبرة كبيرة هذا العام في الدوري الالماني. وباقري قد يشكل عنصر المفاجأة في الفريق اذ سيهتم مدافعو الفريق الخصم في مراقبة المهاجمين دائي وعزيزي ما يعطي باقري مجالا في الوصول متأخراً الى المنطقة ليسجل الاهداف الحاسمة. وهو توج هدافاً للتصفيات اذ سجل 17 هدفاً منها 7 في مرمى المالديف. كما يبرز في هذا الخط مهدي مهداويكيا 21عاماً من بيروزي بحيويته وسرعته وهو الذي يلعب في اكثر من مركز، وستسند اليه مهمة اختراق الخطوط الخلفية للخصم بفردياته اذا اقتضت الحاجة. وهو توج اخيراً افضل لاعب ناشئ في اسيا. وهناك ايضاً ميناوند، واستيلي الذي يكمل باقري تماماً. وما يزيد من خطورة ايران ان لاعبي خط الوسط قادرون على التسجيل في لحظة. وفي الهجوم، لن يهدد اي كان مركز كل من علي دائي وخوداداد عزيز. فالاول يسجل الاهداف الحاسمة والثاني يجيد، اضافة الى هزّ الشباك، المرواغة والتسديد وتحضير الفرص لرفاقه ما ضمن له جائزة افضل لاعب فى آسيا العام 1996. ويلعب عزيزي مع كولن الالماني وكان احد لاعبيه هذا الموسم رغم ان الفريق سقط الى الدرجة الثانية. ومن المتوقع ان يبحث اللاعب عن فريق جديد لانه سيهدر موهبته في الدرجة الثانية الالمانية. اما بالنسبة لدائي الذي يتمتع ببنية قوية، فلعب هذا لموسم مع باقري في ارمينيا بيليفلد الذي سقط ايضاً الى الدرجة الثانية. وكان باقري ودائي من افضل اللاعبين في الفريق ومن المتوقع ان ينتقلا الى فرق اخرى بايرن ميونيخ مهتم بدائي. ويتوقع النقاد ان تكون ايران اول الفرق العائدة الى بلادها من فرنسا بعدما كانت كان ضيوف العرس الكروي، لكن في حال وجد ايفيتش التوازن بين اسلوبه الدفاعي وقدرات لاعبيه الهجومية الهائلة، فستجل ايران مفاجآت في النهائيات. البطاقة المساحة: 648،1 مليون كلم مربع. عدد السكان: 500، 67 مليون نسمة تأسس الاتحاد العام 1920 وانضم الى فيفا العام 1945، ورئيسه درويش مصطفاوي. عدد اللاعبين 306 الاف لاعب عدد الاندية: 6236 ناد. السجل: بطلة آسيا 1968 و1972 و1976. بطلة دورة الالعاب الاسيوية العام 1962 والعام1974. السجل في المونديال: مشاركة واحدة العام 1978 في الارجنتين، لعبت ثلاث مباريات، تعادلت في مباراة وخسر اثنتين. وسجلت هدفين ودخل مرماه ثمانية ادهاف. الطريق الى فرنسا الدور الاول - المجموعة الثانية ايران - المالديف 17-صفر المالديف - ايران صفر-9 ايران - سورية 1-صفر سورية - ايران 1-1 ايران - قرغيستان 7-صفر قرغيستان - ايران 1-3 الدور الثاني الحاسم - المجموعة أ ايران - الصين 4-2 الصين - ايران 1-4 ايران - السعودية 2-1 السعودية - ايران 2-1 ايران - الكويت 1-1 الكويت - ايران صفر-صفر ايران - قطر 3-صفر قطر - ايران 2-صفر مباراة فاصلة 1 ايران - اليابان 2-3 بعد تمديد الوقت مباراة فاصلة 2 ايران - استراليا 1-1 استراليا - ايران 2-2.