من المتعارف عليه ان الوسط السياسي في اي بلد من البلدان يعج باشخاص من مختلف المشارب وغير منسجمين بالضرورة مع بعضهم البعض وغير متجانسين ومضطرين في الوقت نفسه الى التفاعل والاخذ والرد تبعاً لمقتضيات اللعبة السياسية ومتطلباتها. لكن يبدو الآن وكأن انترنت باتت تتسّم بهذه السمة التي كانت حكراً على العالم السياسي. ويجد رالف نادر نفسه حالياً في جبهة واحدة مع بوب دول وروبرت بورك فيما يحاول الثلاثة اقناع وزارة العدل الاميركية بالتعامل بقسوة مع مايكروسوفت على رغم ان المعروف عن نادر انه لا يروق للمحافظين الاميركيين، من امثال دول وبورك، الذين يعارضون مبدأياً قيام اية حكومة باخضاع النشاط الاقتصادي للانظمة والقوانين التقييدية. ويمارس كل من دول، مرشح الجمهوريين الاميركيين لرئاسة الجمهورية عام 1996، وبورك الخبير في الشؤون القانونية المحافظ والجمهوري النزعة، دور لاعب كرة القدم الاميركي، الذي ينظّم عادة الهجوم في اللعب، في جهود جديدة تدعى "مشروع الترويج للمنافسة والابتكار في العصر الرقمي". وتدعم هذه الجهود/ الجماعة مالياً جبهة العداء العادية التقليدية لمايكروسوفت التي تتضمن شركة نتسكيت وصن مايكرو سستمز واوراكل. وتسعى الجماعة الى توسيع نطاق تحقيقات وزارة العدل الاميركية مع مايكروسوفت بتهمة مخالفتها لاحكام القوانين التي تحرّم الاحتكار. وكان دول قال غير مرة خلال حملته الفاشلة منذ عام ونصف العام، ان الحكومة الاميركية تخطئ اذ تتحامل على مايكروسوفت وتخصها بغضبها. لكن معارضة نادر لمايكروسوفت تتناسب اكثر مع اتجاهاته العامة المعروفة ومع ما عوّد الاميركيين عليه من سلوكه وحملاته. وفي تشرين الثاني نوفمبر الماضي عقد اجتماعاً "لتقييم مايكروسوفت" في واشنطن كانت الغاية منه التشجيع على قيام الحكومة الاميركية بتشديد القبضة التنظيمية على مايكروسوفت والترويج لهذا، وكان اللقاء ناجحاً، من وجهة نظر نادر على الأقل، بحيث انه اعلن اخيراً عن نيته عقد لقاء مماثل في الخريف المقبل. لكن دول وبورك، من جهة اخرى، عرفا منذ فترة طويلة كشخصيتين تعارضان بشدة قيام الحكومة بتعزيز نشاطها التنظيمي التدخلي وممارسته. وقال معارض آخر للتدخل التنظيمي الحكومي، وهو جاك كمب، الاسبوع الماضي انه سيعين مستشاراً رفيع المستوى لشركة آي دي تي كورب الناشطة من بلدة هاكنساك في ولاية نيوجرزي وهي شركة تنمو بسرعة وتنشط في مجال انترنت والهاتف الانترنتي. ويذكر ان كمب ترشح لرئاسة الجمهورية الاميركية عام 1988 ولنيابة الرئاسة، مع دول، عام 1996، ومثّل نيويورك الغربية في المجلس النيابي الاميركي من 1971 الى 1989 وكان يدافع وقتها بحرارة واندفاع عن مبدأ السوق الحرة المتحررة من الانظمة والقوانين التقييدية. خطاب وفي خطاب القاه كمب العام الجاري، باسم مركز امباور اميركا المحافظ، الناشط في مجال الابحاث والذي كان كمب من المشاركين في انشائه، انتقد وزارة العدل الاميركية على محاولتها "ادارة صناعة برامج الكومبيوتر برمتها وعلى نحو دقيق لا عام باسم الابقاء على التنافس في الاسواق" ومما قاله كمب في خطابه ايضاً: "يصعب تصور قيام اية حكومة باستخدام السلطات المتاحة لها والموضوعة بتصرفها على نحو اكثر خطأ وضلالاً واضراراً، بالقوة الكامنة، بالآخرين بحجة تطبيق القوانين التي تحرم الاحتكار". والمعلوم ان جيمس كورتر الجمهوري المحافظ، الذي مثّل نيوجرزي ست مرات في المجلس النيابي الاميركي، صار رئيساً لشركة آي دي تي العام الماضي على رغم افتقاره لأية خبرة أو دراية في مجال الاتصالات كافة. والمعلوم ايضاً ان هذه الشركة عيّنت كليفورد سوبيل ليعمل فيها بعدما كان اكبر جامع للتبرعات لحساب الحزب الجمهوري في نيوجرزي. وتنحصر مهمة سوبيل في الشركة في ادارة الخدمة الهاتفية التي تقدمها الشركة من انترنت. ويبدو ان آي دي تي تأمل في الاستفادة من نفوذ كمب وكورتر السياسي لمساعدتها في الدخول الى رحاب الخدمة الهاتفية الأوروبية التي تحررت اخيراً من الانظمة والقوانين التقييدية، وفي الدخول الى رحاب انترنت، والى الكونغرس الاميركي حيث يوجد خلاف بين ادارة الرئيس بيل كلينتون وبين مفوضية الاتصالات كافة الفيديرالية حول تنظيم خدمة انترنت الهاتفية. اسوشيتدبرس