السيد المحرر، تحية طيبة، لفتت انتباهي مواضيع كتبها خيرالله خيرالله في 4/5/1998 تحت عنوان "تفادياً لخدمة نتانياهو" وكرر المضمون نفسه في 6/5/1998 تحت عنوان "المفاوضات أشرس من الحرب". لست هنا بصدد الخوض في كتابات خيرالله. أريد أن أناقش ما يطرحه من أفكار التي في رأيي تخالف الصواب. يشهد الجميع أن قيادة "حماس" تتمتع بوعي سياسي ودراية بالواقع الفلسطيني، وتتعامل مع الأحداث بواقعية، وتقدر الأمور تقديراً صحيحاً. ومن هذا المنطلق نستطيع أن نسلم بأن العقلية الصهيونية لا تفهم إلا منطق القوة وأن الرد على الاعتداءات والممارسات التعسفية هو الكفيل بردعها وهو السبيل الوحيد للحصول على تنازلات من الصهاينة. أي حس سياسي هذ وأي تحليل يقبل به عاقل ما يطرحه السيد خيرالله، وليتنا نعرف كيف دُفعت "حماس" إلى اتخاذ قرار اللجوء للكفاح المسلح في حين تخلى من دفعها إليه عن ذلك الخيار قبل أن تبدأ "حماس" عملياتها العسكرية. ان "حماس" تسير ضمن برنامج وخطط مرحلية وضعتها لنفسها وتندرج في صور مقاومة الاحتلال وتتمتع بصدقية لثباتها على منهجها، وهي تسعى الى تحقيق مكاسب للشعب الفلسطيني ولا أظنها تمانع أن تجني سلطة الحكم الذاتي هذه المكاسب على رغم أنها تعاني من ممارسات السلطة ضدها بحكم الاتفاقات الأمنية الموقعة مع الصهاينة. ان التعويل على جولات التفاوض الحالية مغالطة كبيرة، فليس هناك أي دلائل تشير الى احتمال حصول الفلسطينيين على أي شيء، وكل الظروف والمعطيات تظهر بأن نتانياهو يراوغ ويحاول اطالة أمد المفاوضات العقيمة وفي كل مرة بأمور واهية، لكنه يوقن بأنها سوف تلقى قبولاً من الجانب الأميركي غير المعني بممارسة أي ضغط عليه. فهل تعي هذا السلطة الفلسطينية وتعمد الى إعادة ترتيب أوراقها وتخفف الخناق على حركات المقاومة بدلاً من تقديم رؤوس قادتها قرابين للسلام المزعوم؟ فإسرائيل لن ترضى عن السلطة مهما فعلت وستظل المقاومة المسلحة هي الداعم الوحيد لموقف السلطة في وجه التعنت الاسرائيلي. المحرر: الأرض التي استرجعت هي التي استرجعتها منظمة التحرير الفلسطينية عبر المفاوضات، وليس عبر المزايدات التي يمكن أن تضيع ما تحقق حتى الآن... وفي ذلك أكبر خدمة لنتانياهو.