} لندن - "الحياة" - تضم القوات المسلحة في اندونيسيا عدد سكانها 200 مليون نسمة وتتألف من 17 ألف جزيرة منها ستة آلاف فقط مأهولة بالسكان الجيش وسلاحي البحرية والجو والشرطة الوطنية ويبلغ تعدادها 400 الف جندي، وفي حال التعبئة العامة يمكن ان ينضم اليها اكثر من 58 مليون اندونيسي. ويبلغ عدد الاندونيسيين المؤهلين للخدمة العسكرية نحو 35 مليون شخص. ويقدر عدد الذين يتأهلون للخدمة العسكرية سنويا بمليونين وربع المليون شخص. وخلال 1998 خصصت الدولة 3.3 بليون دولار للانفاق العسكري 2،3 في المئة من الدخل القومي. ومن الواضح ان المؤسسة العسكرية، التي تعرف باسم "أبري" وتحكم مباشرة عبر الرئيس سوهارتو منذ 32 عاماً، ستلعب دوراً حاسماً في المنحى الذي يمكن ان تتجه اليه البلاد في ظل الاحداث الحالية، ومهما كان هذا الاتجاه فانه سيؤثر مباشرة في مستقبل اندونيسيا، والمنطقة بأسرها، سواء لجهة ترسيخ استقرارها أم زعزعته، سياسيا وعسكريا واقتصاديا. والسؤال الذي يفرض نفسه على الجميع هو هل سيتخلى الجيش عن ولائه المطلق لسوهارتو طوال اكثر من ثلاثة عقود؟ وماذا ستفعل المؤسسة العسكرية لمواجهة الصعوبات الاقتصادية والاضطرابات وحملات الاحتجاج التي تزداد عنفاً الى حد المطالبة باستقالة سوهارتو في اطار اجراء اصلاحات سياسية جذرية تنهي الحكم الديكتاتوري الذي بدأ بانقلاب دموي في منتصف الستينات اطاح مؤسس الجمهورية الاندونيسية الرئيس احمد سوكارنو وأسفر عن سقوط مئات الالوف من القتلى؟ فهل سيواصل الجيش دعمه لسوهارتو، وبالتالي يسمح لنفسه بأن يبقى أداة قمع واضطهاد في يده يستخدمه كما استخدم الحزب الشيوعي الصيني جيش التحرير في القضاء على الحركة الديموقراطية التي قادها الطلاب وانتهت بمجزرة في ساحة تيانانمين وسط بكين في حزيران يونيو 1989؟ ومن الواضح ان سوهارتو لن يصمد ساعة من دون تأييد الجيش الذي يمكنه أيضاً أن يغلب مصلحته كمؤسسة نافذة. وفي هذا الخصوص نقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن ديبلوماسي غربي في جاكارتا ان هناك مؤشرات الى ان كثيرين من قادة الجيش يشعرون بقلق من امكان تلقيهم أمراً من سوهارتو باستخدام أقصى العنف للقضاء على احتجاجات الطلاب ومسانديهم من العمال، مضيفاً أنهم لا يريدون حدوث تطور كهذا من شأنه أن يسيء الى سمعة اكتسبها الجيش بصفته جيشا للشعب. ويعتقد خبراء في شؤون اندونيسيا انه ليس سهلا ان يتخذ الجيش، على رغم تماسكه كمؤسسة، موقفاً موحداً ضد سوهارتو، خصوصاً انه ظل يغير كبار قادته باستمرار ويختارهم شخصيا بعد التأكد الكامل من ولائهم التام له. وغالبية هؤلاء القادة سبق لهم ان عملوا مستشارين لسوهارتو قبل ان يعينهم في مناصب قيادية في الجيش. طبعاً يبقى هناك دائما احتمال ان يبرز فجأة قائد عسكري مغمور، كما حدث في الانقلاب الدموي ضد سوكارنو عندما أختير سوهارتو، المغمور آنذاك، ليبلغ إليه أن الأوان حان ليتخلى عن السلطة التي قرر الجيش أن يتسلمها لوضع حد لاضطرابات وفوضى سياسية واجتماعية عمت اندونيسيا في أجواء يشبهها كثيرون بما يحدث في الوقت الحاضر.