شكل اعلان وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت أن واشنطن لن تعلن الآن عن مبادرتها لتحريك عملية السلام وستكتفي بالمساعي المبذولة استفزازاً لمصر، ودعا وزير الخارجية المصري السيد عمرو موسى الولاياتالمتحدة الى اعلان الموقف الحقيقي للطرفين الفلسطيني والاسرائيلي من افكار عرضها دنيس روس خلال جولته الاخيرة في المنطقة بسرعة "لأن هناك شعوراً عاماً بأن حكومة اسرائيل تحاول اضاعة الوقت والالتفاف حول طرح أي مبادرة حتى لا يعرف الرأي العام سلبية هذه الحكومة وخطورتها" على السلام، واعرب عن قلقه من عدم طرح واشنطن مبادرة، وقال: "اذا رأت واشنطن عدم الاعلان عن مبادرة سنبحث الموضوع عندما نصل اليه .. اعتقد اننا قريبون من هذه المرحلة". واستدرك موسى في تصريحات صحافية امس عقب محادثاته مع كبير المفاوضين الفلسطينيين وزير الحكم المحلي في السلطة الوطنية الدكتور صائب عريقات قائلا : "لم يتم اعلامنا بموقف اميركي رسمي بالتراجع عن طرح مبادرة، لكننا نقرأ تقارير وتصريحات تشير الى احتمال عدم اطلاق مبادرة .. نحن على اتصال بواشنطن ونبحث معهم الموضوع ... يجب اتخاذ موقف ازاء السياسة الاسرائيلية"، لافتاً الى ان "رد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات على الطرح الاميركي خلال زيارة روس ايجابي والرد الاسرائيلي سلبي". وزاد: "خلال وقت قصير لا بد من اعلام الرأي العام بكل ما تم لأنه لا يمكن ترك الأمور بهذا الشكل غير المحدد ... هذا لا يخدم عملية السلام ولا يحدث تقدماً ... هذا يعوق التقدم". وعما أعلنه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو عن فشل اتفاق اوسلو وضرورة تغييره، شدد موسى على انه "سواء كانت اوسلو فاشلة أو غير فاشلة أو بها متناقضات فإن الحكومة الاسرائيلية وقعت عليها. اذا كانت المسألة مجرد إضاعة وقت والتوقيع على اتفاقية لمجرد امر معين في لحظة ما ثم الرجوع عنها فإننا نكرر ان مصداقية المواقف الاسرائيلية اصبحت شبه منعدمة كما هو واضح. هذا يؤدي الى تردد اللبنانيين والسوريين في الدخول في مفاوضات مع اسرائيل حتى لا يكون مصير اي اتفاق إما التنكر له او عدم تنفيذه. لقد اصبحنا نعي هذه النقطة. ولا بد من مواجهة هذا الموقف". احتمالات القمة العربية واعاد موسى الى الحياة مرة اخرى احتمال عقد قمة عربية، وقال: "انها من الافكار المطروحة ولكنها ليست الحل، والحل هو التنسيق العربي للوقوف في مواجهة الظروف الحالية، وهناك تنسيق واتصالات عربية كثيرة حالياً. وستعقد القمة العربية في جهة ما وبشكل ما". ومن جانبه صرج صائب عريقات بأن الرئيس ياسر عرفات تعاطى مع الجهود الاميركية لإنعاش عملية السلام بشكل ايجابي، وحذر "من محاولة لشراء مزيد من الوقت من اجل نتانياهو لإعطائه المبرر لعدم الالتزام بالاتفاقات وعدم تنفيذها". وقال: "عدم الاعلان عن المبادرة الاميركية في مصلحة سياسة نتانياهو بعدم تنفيذ الاتفاقات الموقعة او الالتزام بها"، مطالباً الادارة الاميركية بپ"ألا تقع في هذه المصيدة وان تعلن مبادرتها". عبدالمجيد ودعا الامين العام للجامعة العربية الدكتور عصمت عبدالمجيد امس الى عقد اجتماع لمجلس الجامعة على مستوى المندوبين بناء على طلب عريقات الذي اطلع المجلس على الموقف الفلسطيني من تطورات عملية السلام والمعوقات التي تمارسها الحكومة الاسرائيلية، وما آلت اليه عملية السلام بعد الجولة الاخيرة لروس ومواقف القيادة الفلسطينية "التي بذلت قصارى جهدها وأبدت كل مرونة ممكنة لإنجاح مهمة المبعوث الاميركي لكسر الجمود في عملية السلام". الباز في غضون ذلك اطلق الدكتور اسامة الباز المستشار السياسي للرئيس المصري، تصريحات متفائلة رغم تصريحات اولبرايت واعرب عن اعتقاده بأن الادارة الاميركية "ستعلن عن مبادرة في عملية السلام، قبل نهاية الاسبوع"، وقال: "فريق صنع السياسة الخارجية الاميركية يعكف حالياً على وضع اللمسات الأخيرة على المبادرة في ضوء جولة روس الأخيرة". واستبعد في تصريحات لقناة "النيل" الدولية مساء أول من امس عقد قمة عربية خلال الفترة القصيرة المقبلة. وعن رفض رئيس الوزراء الاسرائيلي الطروحات الاميركية، قال الباز: "رئيس الوزراء الاسرائيلي او اي شخص على شاكلته ليست لديه القدرة على تهديد الادارة الاميركية ... نتانياهو يستهدف تحسين موقفه التفاوضي وردع الادارة الاميركية عن القيام بعمل جدي لدفع عملية السلام ولجعلها تتنازل عن الحد الادنى لمطالبها في المبادرة التي تطرحها حتى الآن بشكل غير رسمي، ولكن في النهاية، عندما يتم اعلان المبادرة، سيتعين عليه أن يقبل حلولاً وسطاً". واعتبر الباز أن "من الخطأ القول إن عملية السلام ماتت تماماً وترديد هذه المقولة سيعطي المتطرفين في اسرائيل مبرراً للحفاظ على الوضع القائم الذي ليس في صالح العرب. أما اذا حدثت اعمال عدائية واسعة النطاق فإننا يمكن ان نقول إن العملية السلمية قد انتهت. واذا توقفت المفاوضات فإننا يمكن ان نقول إن عملية السلام توقفت بصفة موقتة، ولكن ما دام يتحقق تقدم في العملية، حتى وإن كان ضئيلاً، فإننا في هذه الحالة يمكن أن نقول إن العملية لا تزال على قيد الحياة ولم تمت بعد".