حسناً، سيقرر مجلس الامن تمديد الحصار على العراق. ولكن السؤال الحقيقي هو هل سيؤدي تمديد الحصار الى حلّ مشكلة هذا العراق؟ والجواب الواضح هو كلا. ذلك ان مشكلة العراق تكمن في الرئيس صدام حسين ونظامه، لذا فانهما لا يمكن ان يكونا جزءاً من الحل. ومشكلة العراق ستظل تكبر طالما تعامل المجتمع الدولي مع صدام ونظامه على اساس انهما يمثلان دولة العراق وحكومة العراق. والامر لا يتعلق في انهما - صدام ونظامه - مغتصبان للسلطة، وبالتالي لا شرعية لهما. المسألة هي ان هذا النظام قبل ووقّع رسمياً في نيسان ابريل 1991 القرار 687 الذي اتخذه مجلس الامن بالاجماع بموجب الفقرة السابعة من ميثاق الاممالمتحدة، التي تخول الدول الاعضاء استخدام القوة لتطبيق هذا النوع من القرارات. ما يعني ان هذا النظام تخلى طوعاً عن حقه في السيادة على العراق وعن واجباته في حماية شعبه والدفاع عن حدوده وتوفير الحد الادنى من متطلبات العيش. وفي المقابل صار لزاماً على مجلس الامن، وهو صاحب القرار السالف، ان يتحمل مسؤولية قانونية عن التدخل المباشر في شؤون العراق طالما استمرت الاسباب الداعية لاتخاذ القرار. والاكيد هو ان هذه الاسباب لا تزال قائمة. يُعاد تكرار هذه الحقائق الاساسية لأن هناك ازمة ذاكرة اذا صحّ القول، يعانيها كثيرون ما يستدعي هذا التكرار. منْ أثار الازمة الاخيرة بين النظام العراقي ومجلس الأمن كي لا تُرهق ذاكرات البعض بأمثلة أقدم؟ انها بدأت بافتعال النظام العراقي مواجهة مع لجنة الاممالمتحدة لإزالة اسلحة الدمار الشامل اونسكوم، وكان هدف بغداد هو كسب الوقت لاخفاء ما لم يستطع اخفاءه من معلومات تتعلق خصوصاً بأسلحته الجرثومية. ولتذكير الذين يعانون ضعفاً في الذاكرة يُشار الى ان الذريعة الرئيسية، بل الوحيدة، التي تمسّك بها النظام العراقي تبريراً للازمة هي ان مفتشي "اونسكوم" هم "جواسيس الاميركان" ارادوا دخول "المواقع الحساسة" وهو مطلب تحقيقه من رابع المستحيلات. وأقسمت بغداد ان دخول هذه المواقع سيكون بمثابة "اعلان حرب". ومع ذلك عادت بغداد وسمحت لاحقاً بعد اربعة اشهر كانت اكثر من كافية لاكمال تنفيذ "خطة الاخفاء" ل "الجواسيس" ذاتهم بدخول المواقع. ومرة اخرى يجب تذكير المعانين من ضعف في الذاكرة ان الامر يتعلق بكشف معلومات عن برامج الاسلحة الكيماوية والجرثومية وكشف الحساب في شأن مصير آلاف الاطنان من المواد المستخدمة لإنتاج هذه الجراثيم والتي اعترفت بغداد باستيرادها ولم تقدم حتى الآن أدلة مقنعة على انها تخلصت منها كما تزعم. وهذا، للتذكير، هو جوهر المشكلة، اي لو ان النظام العراقي تعاون مع "اونسكوم" وكشف هذه الحقائق لما بقيت ذريعة لاستمرار الحصار. ولكن لأن استمرار الحصار كان يعني استمرار معاناة الشعب العراقي فإن نظام صدام لم يعتبر ذلك امراً يستحق الاهتمام، بل رأى انه ثمن بخس يدفعه في مقابل الاحتفاظ بهذه الاسلحة التي ينوي استخدامها في مرحلة ما بعد الحصار. وخلال السنوات الست الماضية كان يمكن العراق ان يصدّر نفطاً ويجني عائدات تبلغ 100 بليون دولار. اي ان العراق كان يمكنه ان يصدر اعتباراً من 1992 ثلاثة ملايين برميل من النفط يومياً وربما اكثر. قبل سبع سنوات حدد مجلس الامن في قراره 687 مدة 120 يوماً لتنفيذه بتطبيق الفقرة 22 التي تربط رفع الحصار بإزالة اسلحة الدمار الشامل. والوقت الآن هو نيسان ابريل 1998. ولأن المشكلة تكمن في صدام حسين واستمرار نظامه، فإن القرار 687 لم ينفذ بعد مرور 2520 يوماً!