من المفارقات التي يصعب على العاقل استيعابها في افريقيا أن المغرب بحجمه الاستراتيجي والبشري والسياسي المعروف غائب من منظمة الوحدة الافريقية منذ 14 عاماً على رغم كونه من مؤسسيها في مطلع الستينات. بالمقابل لم تكتف جبهة "بوليساريو" بصفة مراقب أو بربع مقعد يليق بحجمها وانما هي "تحتل" مقعداً كاملاً في المنظمة منذ العام 1984. تتفرع من هذه المفارقة مفارقة أخرى تتمثل في أن المنظمة الافريقية تشارك في تنفيذ خطة الأممالمتحدة لإعداد استفتاء تقرير المصير في الصحراء، إلا أنها تتعاطى في الوقت ذاته مع "الجمهورية الصحراوية" كدولة مستقلة وكاملة العضوية في المنظمة مثلها مثل مصر أو نيجيريا أو جنوب افريقيا! أما ثالثة المفارقات فهي أن عضوية "الجمهورية الصحراوية" كانت مطروحة دائماً في المزاد صعوداً ونزولاً. ففي الثمانينات ارتفع سهم "بوليساريو" مع تزايد تدفق عوائد النفط على شمال افريقيا ما فتح شهية بلدان افريقية فقيرة للحصول على مساعدات لقاء الاعتراف "بالجمهورية الصحراوية". إلا أن تراجع القدرة على تقديم المساعدات في التسعينات للأسباب المعروفة أدى الى انهيار "البورصة الصحراوية" فسارعت بلدان افريقية عدة الى سحب اعترافها واحدة بعد الأخرى حتى أن رئيس "بوليساريو" السيد محمد عبدالعزيز وجد نفسه ممنوعاً عملياً من الكلام غير مرة في مؤتمرات القمة الافريقية الأخيرة كحل وسط للسماح له بالحضور، فكان أشبه بتمثال من البرونز يجلس في المقعد المخصص له ليستمع الى رؤساء الدول يتداولون على الكلام فلا يعلّق ولا يصفق ولا يطلب دوره في الحديث... ثم يغادر القاعة مع المغادرين. حان الوقت لتصحيح هذا الوضع الشاذ، وهناك فرصة يمكن استثمارها قريباً وتتمثل في أن بوركينا فاسو - وهي بين البلدان العشرة التي سحبت اعترافها "بالجمهورية الصحراوية" وأعادت ربط الجسور مع المغرب - ستستضيف مؤتمر القمة الافريقي المقبل في الاسبوع الثاني من حزيران يونيو. ويمكن لرئيسها بليز كومباوري أن يبادر مع رؤساء آخرين لانضاج ظروف عودة المغرب الى منظمة الوحدة الافريقية لقاء تعليق عضوية "بوليساريو" وان "وقتياً".