سعت مصر والسودان أمس الى تجنب تدهور سريع في علاقاتهما إثر فشل محادثات لجان فنية في التوصل الى اتفاق على إعادة ممتلكات مصرية صادرتها السلطات السودانية في أثناء الأزمة بين البلدين. وباتت قضية معالجة ملفات الخلاف السوداني - المصري مجمدة عملياً في انتظار مبادرة جديدة لتسوية الخلافات العالقة في ظل توقف آلية اللجنة المشتركة. وأعربت مصادر ديبلوماسية مصرية عن اسفها لفشل اعمال اللجنة المصرية - السودانية المكلفة دراسة عملية إعادة الممتلكات المصرية في السودان تنفيذاً لقرار من الرئيس عمر حسن البشير بعد تحسن شهدته العلاقات بين البلدين أخيراً. وعاد الوفد المصري الذي ترأسه مدير ادارة السودان في وزارة الخارجية السفير فؤاد يوسف الى القاهرة وقدم أمس تقريراً الى وزير الخارجية المصري السيد عمرو موسى اشار فيه الى "تلكؤ الجانب السوداني في اعادة الممتلكات المصرية". وأوضح التقرير ان ما طرحه المسؤولون السودانيون في المفاوضات ابتعد كثيراً عن تعهدات سبقت الإعداد لزيارة الوفد المصري. وسرد التقرير ما شهدته المحادثات والجدول الزمني الذي اقترحه الجانب السوداني لإعادة الممتلكات. وأشار الى ان الجانب المصري طلب من نظيره السوداني العودة الى مرجعيته وابلاغها تحفظ مصر عن الطرح السوداني وان القاهرة في انتظار موقف سوداني يتفق مع سير العلاقات بين البلدين. وينتظر المسؤولون المصريون ان يقدم وزير الري السوداني السيد شريف التهامي خلال زيارته لمصر في أيار مايو المقبل موقفاً اكثر جدية في قضية إعادة الممتلكات المصرية التي صادرتها الخرطوم في خضم الازمة مع القاهرة في عامي 1993 و1994. وقال وزير الاشغال والموارد المائية المصري السيد محمود أبو زيد ان محادثاته مع المسؤول السوداني ستتناول موضوع استراحات الري المصرية في السودان التي تمثل جزءاً من عمل اللجنة واستغلال البلدين لحصتيهما من مياه النيل. وستتطرق المحادثات الى استكمال مشروع قناة جونغلي الذي توقف بسبب الحرب الدائرة في جنوب السودان. وقالت مصادر في الوفد السوداني الذي شارك في المحادثات ل "الحياة" أمس ان قرار إعادة الممتلكات المصرية "قرار سياسي سينفذ. والصعوبات التي برزت في أثناء عمل اللجنة الفنية من نوع الصعوبات العملية التي يمكن تجاوزها بالنقاش". وأضافت ان "التباين في وجهات النظر الذي برز داخل اللجنة لن يؤثر على مجالات التعاون الأخرى". وقللت من شأن الخلافات معتبرة أن "معالجتها ممكنة على مستوى أرفع من مستوى اللجنة. وهذا التباين من النوع الذي يحصل عادة في اللجان وبين الفنيين". وركز عمل اللجنة على إعادة ممتلكات تابعة لوزارات الدفاع والتعليم والري المصرية. وعلمت "الحياة" ان خلافاً في تصور عمل اللجنة برز بعد بدء الاجتماعات في 16 نيسان ابريل الجاري إذ أن الوفد المصري اعتبر أنه حضر الى الخرطوم لبدء اجراءات تسليم في حين قدم الجانب السوداني تصوره لتسليم الممتلكات في اطار جدول زمني. وقالت المصادر السودانية ان الجدول شمل إعادة 40 في المئة من الممتلكات المصرية في الخرطوم في غضون ستة أشهر. ومن أبرز نقاط الخلاف بين الجانبين ان الخرطوم اقترحت إعادة جامعة القاهرة فرع الخرطوم في غضون ثماني سنوات في حين اقترح الجانب المصري مدة عام واحد. وبرر الجانب السوداني هذه المدة ب "صعوبات عملية تتعلق بالطلاب الموجودين في الجامعة والمناهج ومشاكل إدارية أخرى". وتركز الجدول السوداني على ثلاث مراحل للتسليم، الأولى فورية وتهدف الى إظهار حسن النيات والثانية مبرمجة على فترات والثالثة تتعلق بمواقع ترغب الخرطوم في فتح حوار في شأن تقديم بدائل منها أو دفع تعويضات. وأكدت المصادر نفسها ان الوفد السوداني "لم يطرح رفضاً نهائياً لتسليم أي موقع. ولا يوجد أحد في الخرطوم ضد إعادة الممتلكات المصرية". اطلاق أسرى على صعيد آخر، أكد مسؤول في منظمة اغاثة نروجية في نيروبي أمس رويترز، ان "الحركة الشعبية لتحرير السودان" بقيادة العقيد جون قرنق اطلقت أول من أمس نحو 400 جندي حكومي أسرتهم في معارك في جنوب السودان وغالبيتهم من أبناء جنوب السودان. وأوضح دان إيف، وهو ضابط اتصال في منظمة "العون الشعبي النروجي" في نيروبي، أن الأسرى اطلقوا من سجن الحركة في مدينة يي في اقليم غرب الاستوائية في جنوب السودان التي استولى عليها قرنق في معارك دارت في آذار مارس من العام الماضي. وأعلن قرنق لدى استيلائه على المدينة أنه أسر نحو ألف جندي سوداني. ولم ترد معلومات عن بقية الأسرى. وقال إيف، الذي حضر احتفالاً باطلاق الأسرى ال 400، إن هؤلاء "أحرار في تحديد ما يريدون فعله". وأضاف ان "بعضهم سينضم إلى الحركة الشعبية، في حين ستنضم مجموعة منهم إلى قوات المعارضة في اريتريا، في حين سيعود بعضهم إلى منازلهم في شمال السودان". وأضاف ان بعض السجناء نقلوا في شاحنات إلى بلدة أروا في شمال اوغندا التي تبعد نحو 160 كيلومتراً من يي التي سينقلون منها جواً إلى العاصمة الاريترية أسمرا. وقال مسؤول عسكري اوغندي ان سجناء سودانيين سينقلون إلى أروا، لكنه لم يعط تفاصيل. وأكد الناطق باسم حركة قرنق في نيروبي جورج ناكير بنيامين نقل سجناء إلى أروا، وأوضح أنه سيتم الاتصال باللجنة الدولية للصليب الأحمر للمساعدة في نقل السجناء.