أكد وزير الداخلية السوداني اللواء عبدالرحيم محمد حسين استعداد بلاده للتعاون مع اي دولة عربية في مواجهة الارهاب، مشيرا الى ان بلاده شاركت في إعداد الاتفاقية العربية لمواجهة الارهاب منذ مراحلها الاولى. وانتقد حسين المعارضة السودانية بشدة "لافتئاتها على الحكومة السودانية"، واتهمها بالكذب، لكنه فتح الباب امام عودتها الى الخرطوم من دون شروط. وبرر الوزير السوداني في حوار مع "الحياة" عدم توقيع الاتفاق الأمني مع مصر بضيق الوقت وحاجة المسؤولين في القاهرة الى دراسته. وطالب السلطات المصرية باتخاذ اجراءات لتأمين السودان من اعدائه. وقال: "لا يمكن ان تكون مصر نقطة انطلاق لأعداء السودان". ونفى ان تكون بلاده تلقت لوائح تضم اسماء مطلوبين في جرائم ارهابية من أي دولة عربية باستثناء مصر، وعبر عن دهشته من الاتهامات الجزائرية لبلاده بالوقوف وراء ما يحدث فيها. وقال: "لا توجد في السودان جالية جزائرية، ونحن على استعداد لمساعدة المسؤولين الجزائريين في اي طلبات في هذا الشأن". وفي ما يأتي نص الحوار: ما هو موقفكم من تسليم مطلوبين في قضايا ارهابية الى دولهم بعد توقيع السودان على الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب؟ - السودان لم يتسلم لوائح بأسماء مطلوبين في قضايا ارهابية من دول عربية باستثناء مصر ولم تطلب اي دولة عربية من السودان تسليمها اشخاصاً معينين. هل تقصد اللائحة المصرية التي تضم 17 مطلوباً؟. - نعم. وما موقفكم من الافغان العرب الموجودين في السودان؟. - لا يوجد في السودان ما يسمى بالافغان العرب. اذاً لماذا الود مفقود بين الجزائر والسودان ولماذا تتهم الجزائر السودان بالوقوف وراء العمليات الارهابية؟ - نستغرب مثل هذه الاتهامات، خصوصاً انه لا توجد جالية جزائرية في السودان ونحن على استعداد للتعاون التام مع الجزائر متى وصلتنا معلومات عن اي شخص في السودان يدعم العمليات الارهابية في الجزائر. نحن في السودان ندين العمليات الارهابية التي يتعرض لها الشعب الجزائري، هذا ما اكدناه للمسؤولين الجزائريين على اختلاف مستوياتهم.. والمذابح التي تحدث في الجزائر اكبر من السودان. التقيتم وزير الداخلية المصري اللواء حبيب العادلي في اعقاب الحديث عن توقيع اتفاق أمني، فلماذا تم تأجيل هذا الاتفاق؟ - مشروع الاتفاق تم ارساله الى وزير الدخلية المصري قبل ايام من زيارتي للقاهرة ويتضمن رؤية السودان للتعاون الامني.. والتقيت وزير الداخلية المصري خلال زيارتي وتحدثت عن اهمية الاتفاق وابلغني بأنه قرأ مشروع الاتفاق ووصفه بأنه اساس صالح لاتفاق أمني يربط بين البلدين لكن الاجراءات هنا في مصر تتخذ عبر اجهزة مختلفة تناقش الصياغة والمضامين وبعد الموافقة عليها تطرح للتوقيع.. وابلغني الوزير المصري انه احال المشروع على الجهات المعنية لدراسته. ما هي الجوانب التي يغطيها الاتفاق؟ - يغطي مجالات التعاون الامني والجنائي والتدريب والهجرة والجوازات ومكافحة التهريب وغيرها من كل المجالات الامنية. تحدث مسؤولون مصريون وسودانيون أخيراً عن ان التعاون الامني قطع شوطاً كبيراً بين البلدين فهل لكم ان تقدموا لنا بعض التفاصيل؟. - لا يمكن الخوض في تفاصيل هذا التعاون الذي تم خلال اجتماعات لجان مختلفة ونتيجة هذه الاجتماعات هي مشروع الاتفاق الأمني الذي قدمه السودان لمصر، والزيارة التي تقوم بها لجنة مصرية حالياً الى الخرطوم يرأسها مدير ادارة السودان في وزارة الخارجية السفير فؤاد يوسف لتنفيد قرار الرئيس السوداني إعادة الممتلكات المصرية. تتهمكم المعارضة السودانية بأنكم مسؤولون عن انتهاكات حقوق الانسان ولعل ما حدث في معسكر العيلفون خير شاهد على ذلك فما هو ردكم؟. - السودان لا ينتهك حقوق الانسان والتقارير الصادرة عن المؤسسات الدولية تؤكد ذلك، والسودان اقل دولة يوجد فيها معتقلون سياسيون وعددهم لا يتجاوز خمسة والدستور الجديد يؤكد ضرورة احترام الحريات العامة. اما بالنسبة الى قضية العيلفون فهذا معسكر للخدمة العسكرية الوطنية الالزامية التي تطبق في السودان منذ قبل الثورة، والخدمة العسكرية ليست بدعة وموجودة في اسرائيل واميركا. وكل ما فعلته الحكومة السودانية هو تفعيل قانون الخدمة الالزامية نتيجة للظروف التي يواجهها السودان سواء التحرشات الموجودة على حدوده الشرقية او تلك الموجودة في الجنوب فكان علينا ان نستنفد كل طاقاتنا للدفاع عن امننا وعقيدتنا. الجيش الاسرائيلي يمثل نحو 75 في المئة من السكان للدفاع عن اسرائيل وليس عيباً ان نحمي بلدنا بالشباب ونقوده للخدمة الوطنية ... الولاياتالمتحدة كانت تقود الشباب للقتال في فيتنام ويتحدثون حالياً عن ان الخدمة الوطنية تشكل انتهاكاً لحقوق الانسان، واعداء السودان يصورون كل شيء على انه قضية. وما حدث في العيلفون كان محاولة نحو 250 من المجندين الهروب من معسكر الخدمة الالزامية وفر بعضهم تجاه النهر حيث استقلوا احد قوارب الصيد الذي انقلب في المياه بسبب تزاحمهم فأسفر عن وفاة 52 مجنداً تم تسليم 12 منهم الى عائلاتهم بعد العثور على جثثهم في يوم الحادث اما الباقون فطفت جثثهم على سطح الماء بعد نحو ثلاثة ايام وتم تشريحها واخذ بصمات ايديهم وتسليمهم الى ذويهم بعد اتمام كل الاجراءات القانونية التي يمكن ان يواجهها اي شخص. والحملات الامنية التي تتم في الشوارع السودانية للتأكد من اتمام الخدمة الالزامية للشباب السوداني من سن 18 الى 33 عاما. ولماذا حدثت محاولة الهرب من هذا المعسكر؟ هل كان ذلك نتيجة لتصرفات المسؤولين عنه؟ - معسكر العيلفون معسكر للتدريب العسكري، والتدريب تابع للقوات المسلحة ويبدو ان سبب الهروب هو كرههم للقتال وخوفهم منه فضلاً عن أنهم اجبروا على دخول المعسكر. وماذا عن فرار احد الناجين من معسكر العيلفون الى مصر؟ - لم يحدث هذا وما ذكرته المعارضة السودانية عن فرار احدهم لا يعدو كونه كذبة صدقوها.. ووقعوا في خطأ كبير اذ ان التوقيت الذي اعلنوا فيه عن هروب احد الفارين الى القاهرة عبر الخط الملاحي لا يتفق مع مواعيد الرحلات النيلية، فضلا عن ان دخول المدعو ابراهيم حامد عبدالله خليل الى مصر تم قبل حادث العيلفون وهذا مثبت في جواز سفره. في اطار التقارب الامني المصري - السوداني هل طلبتم من الجانب المصري طلبات معينة في شأن المعارضة السودانية وتقليص دورها؟ - نحن نريد ان تكون مصر ظهراً آمناً للسودان ولا نريد ان تكون نقطة لانطلاق اعداء السودان في محاربة جيش السودان الوطني، ونعتقد ان مصر حريصة وقادرة على ان تفعل ذلك. هل التقيتم خلال زيارتكم لمصر معارضين سودانيين؟. - لم يحدث ذلك. وماذا عن اتصالات الحكومة مع المعارضة السودانية؟ - هناك سودانيون خيرون يبذلون محاولات لإقناع المعارضة بأن السودان مفتوح امامهم وليس هناك ما يبرر وجود معارضة من خارجه. أليس هناك اتجاه لإصدار عفو عام عن المعارضة؟ - نحن نوجه الدعوة لكل السودانيين في الخارج، فالدستور الجديد يسمح بالحريات السياسية لكن لغة السلاح مرفوضة. وأصدرنا من قبل عفواً عاماً عن كل المعارضين.. ومن حق المعارضة ايضا ان تصدر صحفاً من داخل السودان. الى اين وصل التعاون الامني السوداني - الليبي؟ - يسير على ما يرام والتقيت خلال الزيارة امين اللجنة الشعبية للعدل محمد الزوي والداخلية محمد الحجازي وأكدنا ضرورة العمل على تقوية العلاقات بين البلدين. بوصفكم وزير داخلية السودان كيف ترى تأثير الازمة الاقتصادية على معدلات الجريمة؟ - تقارير صندوق النقد الدولي والمؤسسات الاقتصادية الدولية تؤكد تحسن الوضع الاقتصادي في السودان ونجاح الحكومة في خفض معدل التضخم من 112 في المئة مطلع العام 1996 الى نسبة لا تتعدى 32 في المئة في نهاية العام الماضي ونجحت الجهود في خفضه حاليا الى 7،13 في المئة. والظروف التي يمر بها السودان اقتصادياً معقدة جداً. وقبل تولي الرئيس عمر البشير السلطة كانت الموازنة السودانية تعتمد على 80 في المئة في شكل منح وقروض ومساعدات خارجية جملتها 800 مليون دولار، اما في موازنة العام الماضي لم يتعد الدعم الاجنبي نسبة 3 و2 في المئة.