لو أنني سألتك: "ما الذي تحمله من متعلقات شخصية الآن؟"، فغالباً ما ستكون الاجابة: سلسلة مفاتيح، وبطاقة الهوية، وبعض النقود، وساعة. ومن الوارد أيضاً أن تكون حاملاً بطاقات ائتمان، ودفتر شيكات، وشيكات سياحية، ودفتر عناوين، ودفتر مواعيد، ومادة للقراءة، وكاميرا، ومسجل جيب، وتليفوناً محمولاً، وبيجر، وتذاكر لحفل موسيقي، وخريطة، وبوصلة، وآلة حاسبة، وبطاقة الكترونية لسحب النقود، وصورة فوتوغرافية، وربما أيضاً صفارة عالية الصوت لطلب النجدة. إن كل هذه الأشياء وأكثر منها سيكون بامكانك أن تحفظها في أداة معلوماتية أخرى نسميها الكومبيوتر الشخصي "المحفظة" The Wallet PC أو كومبيوتر الجيب. فسيكون هذا الكومبيوتر في حجم محفظة الجيب تقريباً، مما يعني أنه سيكون بامكانك وضعه في جيبك أو كيس نقودك. وسوف يعرض على شاشته الرسائل وجداول المواعيد، كما سيمكنك من قراءة أو ارسال بريد الكتروني ورسائل فاكسية، ومتابعة تقارير الطقس والبورصة، ولعب كل من الألعاب البسيطة والمعقدة. وخلال اجتماع تحضره سيكون بامكانك تدوين ملاحظات، أو مراجعة مواعيدك، أو تصفح بعض المعلومات إذا ما استشعرت الضجر، أو تختار من بين آلاف الصور الفوتوغرافية لأطفالك المستحضرة بخدمة الاسترجاع التليفوني في جهازك. وبدلاً من حمل العملة الورقية، سيخزن كومبيوتر الجيب أموالاً رقمية غير قابلة للتزييف. فأنت عندما تسلم شخصاً ما فاتورة أو شيكاً بالدولار، أو شهادة بالهدية، أو أي ورقة قابلة للتداول، فإن انتقال الأوراق سيمثل انتقالاً للأموال. كذلك تمثل المشتريات على الحساب باستخدام بطاقة الائتمان نوعاً من تبادل المعلومات المالية الرقمية. وفي الغد سيجعل كومبيوتر الجيب الخاص بك من السهولة بمكان على أي شخص أن ينفق وأن يتلقى أموالاً رقمية. فكومبيوتر الجيب يمكن أن يتصل بكومبيوتر أي محل ليتيح نقل أي مبلغ من النقود دون أي تبادل مادي من خلال آلة تسجيل النقود. كما سيستخدم النقد الرقمي في التعاملات الشخصية أيضاً. فلو أن ابنك يحتاج الى بعض النقود، فبامكانك أن تدس رقمياً خمسة دولارات، مثلاً، من كومبيوتر الجيب الخاص بك في كومبيوتره هو. وعندما تصبح كومبيوترات الجيب شائعة الاستخدام، بامكاننا أن نتخلص من نقاط الازدحام التي تحدث ارتباكاً وتعطيلاً في أماكن دخول وخروج المسافرين بالمطارات، والمسارح، وفي الأماكن الأخرى التي يصطف الناس فيها في طابور لاظهار هوياتهم أو تذاكرهم. فعند مرورك من بوابة دخول أحد المطارات، على سبيل المثال، سيتصل كومبيوترك "الجيب" بكومبيوترات المطار ويتحقق من تسديد ثمن التذكرة، كما أنك لن تحتاج الى مفتاح أو بطاقة ممغنطة للمرور من الأبواب. فسيتولى كومبيوترك "الجيبي" عملية تعرف الكومبيوتر المتحكم في القفل عليك. ومع بداية اختفاء الدفع النقدي والتسديد ببطاقات الائتمان، ربما يستهدف اللصوص كومبيوتر الجيب، ولذلك سيتعين توفير اجراءات وقائية لمنع امكانية استخدام كومبيوتر الجيب بنفس الطريقة التي تستخدم بها بطاقات الشراء على الحساب. وسيقوم كومبيوتر الجيب بتخزين "الرموز السرية" التي تستخدمها للتعريف بنفسك. وسيكون بامكانك أن تبطل رموزك التي اخترتها بسهولة، كما سيمكن تغييرها بانتظام. كما سيكون بامكان كومبيوترات الجيب ذات المعدات الملائمة اخبارك أين أنت بالضبط في أي مكان أنت فيه على سطح هذا الكوكب. فأقمار "نظام تحديد الموضع الكوني" Global Positioning System G.P.S الصناعية، التي تدور حول الأرض، تبث اشارات تتيح لطائرات الرحلات البعيدة، والسفن العابرة للمحيطات، ولصواريخ كروز أو للذين يقطعون مسافات طويلة سيراً على الأقدام مستعينين بالمستقبلات المحمولة لنظام "تحديد الموضع الكوني" معرفة موقعها بالضبط في حدود تقريب لا يتعدى مئات قليلة من الأقدام. وتتوافر مثل هذه الأجهزة حالياً مقابل مئات محدودة من الدولارات، وسيتم تضمينها في العديد من الكومبيوترات. وسوف يوصلك كومبيوتر الجيب بطريق المعلومات السريع خلال سفرك على طريق سريع حقيقي، كما سيخبرك أين أنت بالضبط. وسيكون بامكان مكبر الصوت الداخلي اعطاء توجيهات تعرف منها أن هناك مخرجاً لطريق حر على مقربة منك، أو أن التقاطع القادم شهد حوادث متكررة. وسوف يراقب تقارير المرور الرقمية وينبهك الى أن عليك أن تتوجه الى المطار مبكراً، أو يقترح عليك طريقاً بديلاً. وستزودك خرائط كومبيوتر الجيب الملونة وهي تحدد لك موقعك بأي معلومات تريدها: ظروف الطريق والطقس، مواقع دور المسرح والسينما، محلات الأغذية السريعة... الخ. وإذا ما سألت: "أين يقع أقرب مطعم صيني لم يغلق أبوابه بعد؟"، فإن الاجابة سيتم بثها الى كومبيوتر الجيب عن طريق الشبكة اللاسلاكية. إن بعض كومبيوترات الجيب سيكون بسيطاً وأنيقاً ويقدم الخدمات المعلوماتية الأساسية فقط، من قبيل الشاشة الصغيرة، الميكروفون، طريقة مأمونة للتعاملات التجارية بالنقود الرقمية، القدرة على قراءة أو بالأحرى استخدام المعلومات الأساسية. هذا في حين سيعج بعضها الآخر بكل أنواع الأدوات، ومن بينها: كاميرا، وماسح Scanner والذي يمكنه قراءة النص المطبوع أو الكتابة الخطية ومستقبل receiver مزود بالقدرة على التحديد الكوني للموقع. وسيحتوي أغلبها على زر للطوارئ القصوى للضغط عليه عند احتياجك الى مساعدة طارئة. كما ستحتوي بعض الطرز على ترمومتر، وبارومتر مقياس الضغط الجوي، وألتيميتر مقياس الارتفاع، ومجس لمعدل سرعة ضربات القلب. وسوف تتباين أسعار كومبيوترات الجيب تبعاً لما تقدمه، لكنها سوف تُسعَّر بوجه عام بالطريقة نفسها التي تسعَّر بها الكاميرات اليوم. فسوف تكلف "البطاقات الذكية" أحادية الغرض والمخصصة للعملة الرقمية ما تكلفه على وجه التقريب الكاميرا العادية الآن، في حين سيكلف كومبيوتر الجيب المعقد التصميم، شأنه شأن الكاميرا المتطرة، حوالى 1000 دولار أو أكثر، لكنه سوف يفوق من حيث الأداء أكثر الكومبيوترات إثارة للدهشة منذ عقد واحد من الزمان. وتبدو البطاقات الذكية - وهي الشكل الأكثر أساسية لكومبيوتر الجيب - أشبه ما تكون ببطاقات الائتمان، وهي شائعة الاستخدام في أوروبا اليوم. والمشغلات الدقيقة في هذه البطاقات مطمورة داخل طبقة البلاستيك. وسوف تعرّف البطاقة الذكية في المستقبل بصاحبها، وتخزن النقود الرقمية، والتذاكر، والمعلومات الطبية. ولن تكون بها شاشة، أو امكانات بصرية، أو أي من الخيارات المتطورة الموجودة بالكومبيوترات الأغلى سعراً. وستكون ملائمة للاستعمالات المتعلقة بالسفر أو كأداة دعم، وربما كانت كافية بذاتها بالنسبة لاستعمالات بعض الناس. المقال مقاطع من الطبعة العربية لكتابه "طريق المستقبل" الصادر عن منشورات عالم المعرفة التي يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت.