تستعد مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي لإرسال بعثة الى سورية الشهر المقبل لبدء محادثات تتناول مشاريع اقترحتها الحكومة السورية. وقال مسؤول في الهيئة الدولية لپ"الحياة" ان قراراً بقبول تمويل أحد هذه المشاريع سيتخذ في حزيران يونيو المقبل، وسيعتبر القرار ان عملية تطبيع العلاقات بين دمشق والبنك الدولي تسير بصورة طبيعية. وكان البنك الدولي نشر الخميس الماضي تقريراً ذكر فيه ان سورية من بين الدول الثلاثين التي ينمو اقتصادها على نحو أسرع من نمو اقتصادات الدول الأخرى في العالم. واستند البنك الدولي في هذا التصنيف الايجابي للاقتصاد السوري الى تقديراته الخاصة بمتوسط نسب نمو اجمالي الناتج المحلي السنوي بالفرد الواحد بين عامي 1965 و1995. واحتلت سورية في التقرير المرتبة 12 بين الدول الثلاثين في العالم التي نمت قطاعات الخدمات فيها بسرعة فاقت السرعة التي نمت بها هذه القطاعات في سائر دول العالم. وفي تقدير التقرير الدولي ان اجمالي الناتج السوري المحلي نما بنسبة متوسطة سنوية بلغت 7.4 في المئة في الفترة بين 1990 و1996 بعدما كانت النسبة المتوسطة عينها 1.5 في المئة في عقد الثمانينات. وفي مقابلة مع "الحياة" قال وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية السوري محمد العمادي "ان نسبة نمو تبلغ سبعة في المئة جيدة، لكن الأفضل والأجود هو اننا عممّنا ثمار النمو على أنحاء سورية كافة، الريفية منها والمدينية، وعلى مختلف شرائح المجتمع السوري، مما أبقى الوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي السوري في حالة متماسكة. ولهذا السبب نقوم بأعباء التنمية على نحو متدرج أي بالطريقة السورية، أي خطوة خطوة، ونحن لسنا في عجلة من أمرنا". وزار الوزير السوري واشنطن الاسبوع الماضي لحضور لقاءات الربيع الخاصة بالبنك وصندوق النقد الدوليين. ومثّل بلاده في لقاءات مجموعة الدول الأربع والعشرين النامية وتم النظر في موضوع مهم هو العلاقة بين الدول النامية وبين المؤسسات المالية الدولية بعد انفجار الأزمة الآسيوية. وتم النظر أيضاً، في هذه اللقاءات، في الاقتراحات التي تتناول تشديد مراقبة صندوق النقد الدولي للاسواق الناشئة والطلب منها التقيد بمستويات جديدة تتعلق بالشفافية والمساءلة والمحاسبة في قطاعات هذه الدول الأسواق المالية. وقال العمادي "ان البحث في أسباب الأزمة الآسيوية وفي نتائجها وذيولها مهم جداً لأن الحاجة تدعو الى فهم وجهات النظر كافة نظراً الى ان البنك الدولي نفسه لا يتفق تمام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي في شأن المسائل كافة". وأضاف الوزير العمادي: "ان هذا مهم على نحو خاص لأن المؤسسات الدولية ساهمت في وضع الدول الآسيوية في مواقع جديدة ولم تعرف هذه الدول ما يجب عليها فعله". وأشار الوزير الى ان مجموعة الدول الأربع والعشرين أوصت بوجوب زيادة التعاون بين الدول النامية وبين الدول الصناعية في هذه المسائل، وبوجوب التعاون الوثىق مع المؤسسات المالية الدولية، وهذا أمر مهم جداً". وانتقد المسؤول السوري طلب صندوق النقد والبنك الدوليين وطلب عدد كبير من الدول الصناعية ان تزداد الشفافية في الصفقات المالية، وقال: "على رغم اننا ندعم مزيداً من الشفافية إلا ان لهذه الشفافية نتائج عدة". واعطى مثالاً على ذلك ما يجري في المصارف اللبنانية التي تتطلب الشفافية منها ان تنشر المعلومات كافة عن الصفقات أو المعاملات المالية. وينطبق الأمر نفسه على المصارف السويسرية والمصارف الحكومية. ونحن ندعم هذا مبدئياً لكننا نقول ان علينا ان نتعامل مع هذه المسألة بحذر وتأن. وقال العمادي: "ان عدداً كبيراً من الدول النامية سيجد صعوبة في التقيّد بمعايير ومقاييس جديدة في حساب التعاملات المالية الدولية لأن هذا التقيد يستتبع تغييرات في الدساتير وفي القوانين المالية وهو ما لا يمكن القيام به بسرعة وسهولة. وأشار الوزير السوري الى ان مجموعة الدول الأربع والعشرين اقترحت انشاء لجنة مؤلفة من ممثلين عن الدول الصناعية والنامية لكي تتولى هذه اللجنة دراسة المسائل المعقدة التي تواجه النظام المالي الدولي. وقال العمادي ان بعثة من مؤسسة التمويل الدولية ستزور سورية في أيار المقبل للبحث في دراسات أكملتها الحكومة السورية لعدد من المشاريع التي اقترحت الحكومة السورية تنفيذها". وقال مسؤول في مؤسسة التمويل الدولية لپ"الحياة" ان المؤسسة تأمل في اتمام العملية الخاصة بمشروع واحد على الأقل من المشاريع السورية بحلول الثلاثين من حزيران المقبل، أي بحلول موعد نهاية عام البنك الدولي المالي. وسيكون المشروع أول نشاط للبنك الدولي في سورية منذ توترت العلاقات بينها وبينه بسبب تأخرها في تسديد متوجبات عليها. ويذكر ان العلاقات بين الجانبين تحسنت منذ توصلا الى اتفاق الصيف الماضي. وقال الوزير السوري ان البنك الدولي سيزود بلاده بالمعونة الفنية في مختلف المجالات التي تمثلت في هروب رؤوس الأموال منها لأنها سمحت للمستثمرين بحرية نقل رؤوس الأموال بسهولة.