أجرى الملك حسين أمس محادثات مفاجئة في ايلات مع بنيامين نتانياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي وذلك عشية بدء رئيس الوزراء البريطاني توني بلير جولة في المنطقة وقبل ثمانية أيام من عودة المنسق الأميركي لعملية السلام دنيس روس إليها. وقالت مصادر مطلعة إن المحادثات بين العاهل الأردني ورئيس الوزراء الإسرائيلي، وهي الأولى منذ تشرين الثاني نوفمبر الماضي تناولت أيضاً الاتهامات الصادرة عن مسؤولين إسرائيليين بأن حركة "حماس" تتلقى أوامر وتعليمات عسكرية من قياديين فيها يقيمون في الأردن. وانتقل الملك حسين من العقبة إلى ايلات بحراً، لكنه عاد إلى الأراضي الأردنية براً. ورافقه في زيارته لإيلات وفي المحادثات التي جرت في أحد الفنادق، رئيس الوزراء الدكتور عبدالسلام المجالي ورئيس الديوان الملكي الدكتور فايز الطراونة. وقالت مصادر أردنية موثوق بها إن المحادثات الأردنية - الإسرائيلية في إيلات تناولت "التصور الأميركي المتكامل" لتحريك عملية السلام على المسار الفلسطيني، والاتهامات الإسرائىلية بأن الأوامر لتنفيذ عمليات عسكرية ضد إسرائيل تأتي من قيادات "حماس" في الأردن. وأضافت ان العاهل الأردني اطلع نتانياهو على نتائج القمة التي عقدها مع الرئيس حسني مبارك في وقت سابق من هذا الأسبوع والموقف الأردني - المصري المشترك في ما يخص ضرورة تنفيذ إسرائيل التزاماتها المتعلقة باتفاق أوسلو. وأوضحت أن الملك حسين دعا إسرائيل إلى التوقف عن توجيه اتهامات بأن القرارات التي تتخذ لتنفيذ عمليات عسكرية ضد إسرائيل من جانب "حماس" تنطلق من الأردن. وكانت صحف إسرائيلية نسبت إلى رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية عامي ايالون قوله أمس إن أوامر "حماس" تأتي من عمّان. وذكرت مصادر أردنية رسمية ان عمّان أكدت غير مرة أن ممثلي "حماس" ومسؤوليها في الأردن يلتزمون القانون الأردني، ويمتنعون عن أي عمل يتنافى مع هذا القانون. وكان العاهل الأردني شدد في رسالة بعثها إلى رئيس الوزراء أول من أمس على أنه يعتبر السلطة الوطنية الفلسطينية ورئيسها السيد ياسر عرفات "السلطة الشرعية في الساحة الفلسطينية التي تحظى بدعمنا وتأييدنا... ونعتبر أيضاً أي مساس بالسلطة الوطنية الفلسطينية وقيادتها هو مساس بنا وبالدولة الأردنية ومؤسساتها". وفي واشنطن أعرب مسؤولون في ادارة الرئيس بيل كلينتون امس عن أملهم بأن تؤدي الجولة الشرق أوسطية الجديدة التي سيقوم بها السفير دنيس روس منسق الجهود الاميركية لعملية السلام الى تحقيق الانجاز المطلوب لدفع العملية الى أمام واستئناف المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية في شأن المرحلة النهائية. وقال مسؤول في وزارة الخارجية ان الشعور الاميركي العام هو ان عناصر ردم الفجوات في المواقف بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي متوافرة، ولكن الأمر يعود في النهاية إليهما، فإذا أظهرا رغبة في التوصل الى الحل المنشود فإن الاحتمالات متوافرة. وأضاف المسؤول ان الادارة ستبذل هذه المرة - من خلال جولة روس - مزيداً من الجهود لكنه اعترف ان الولاياتالمتحدة ستصل قريباً الى مرحلة اتخاذ القرار في شأن عملية السلام بطريقة أو بأخرى، "وعلينا عندئذ ان نقرر ما الذي سنفعله" خصوصاً انه لن يكون في الامكان متابعة التحرك الديبلوماسي دون نتيجة. وزاد المسؤول "لقد بتنا قريبين من القول، هل هناك صفقة أم انه لا توجد صفقة، خصوصاً اننا غير مستعدين للعمل طوال أشهر فيما المواقف تراوح مكانها". وكان الناطق باسم وزارة الخارجية جيمس روبن اعلن بعد ظهر امس ان الرئيس كلينتون والوزيرة مادلين اولبرايت قررا ايفاد السفير روس مرة أخرى الى المنطقة في 24 نيسان ابريل الجاري وذلك بعدما اتصلت اولبرايت بالرئيس ياسر عرفات وبرئيس وزراء اسرائيل. وأضاف روبن ان الهدف من الجولة المقبلة لروس والوفد الاميركي المرافق له متابعة العمل مع الجانبين على اساس الأفكار التي عرضها الرئيس كلينتون على كل من عرفات ونتانياهو مطلع العام الحالي حين حضهما على اتخاذ القرارات الضرورية للتوصل الى الإنجاز المطلوب. والى روس يضم الوفد الاميركي كلاً من مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط مارتن انديك والمسؤول عن قسم الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي بروس رايديل ونائب المنسق ارون ميللر. وذكرت مصادر الخارجية ان توقيت بدء الجولة الجديدة أواخر الاسبوع المقبل يهدف الى تحديد ما يمكن انجازه قبل وصول نائب الرئيس آل غور الى اسرائيل مطلع الشهر المقبل في بداية جولة تشمل ايضاً كلاً من المملكة العربية السعودية ومصر. ويذكر ان المصادر المطلعة تحدثت عن ضرورة الربط بين الاتصال الهاتفي بين الرئيس كلينتون والملك حسين مطلع الاسبوع الجاري وبين الزيارة التي قام بها العاهل الأردني الى اسرائيل أمس. وأشارت هذه المصادر الى اتصالات اميركية عربية اخرى جرت خلال الأيام العشرة الماضية يصب معظمها في كيفية دفع عملية السلام الى أمام خصوصاً على المسار الفلسطيني - الاسرائيلي.