استقبل الرئيس حافظ الأسد امس رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري الذي أكد "تفاهم لبنان وسورية التام على سبل تحصين موقفهما وتمتينه وتحقيق أهدافهما ومصالحهما المشتركة والمصالح القومية العليا". وعقد لقاء الأسد والحريري، من الثانية الى الخامسة بعد الظهر، لاستكمال المحادثات التي اجراها وزير الخارجية السوري فاروق الشرع قبل يومين في بيروت مع كبار المسؤولين اللبنانيين، وفي مقدمهم رئيس الجمهورية الياس الهراوي لتنسيق الموقف من الطروحات الاسرائيلية لتنفيذ مشروط لقرار مجلس الأمن الدولي الرقم 425. وجاء اللقاء تتويجاً لمحادثات كان الحريري باشرها مساء الجمعة مع كبار المسؤولين السوريين في شأن التطورات الاقليمية والافكار التي يطرحها المسؤولون الاسرائيليون الذين يجولون على عدد من الدول الاوروبية، خصوصاً رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع اسحق موردخاي، لتسويقها، خصوصاً ان الاخير التقى نظيره الفرنسي هوبير فيدرين أول من أمس، بعدما كان اعلن مطلع الأسبوع انه سيطلب تحرك فرنسا لنقل هذه الافكار. وفيما ذكر الناطق الصحافي لقصر الرئاسة السورية ان البحث بين الأسد والحريري تناول الوضع في المنطقة، وعملية السلام والعلاقات الثنائية، صرح الحريري بأن "لبنان سيظل يعمل مع الشقيقة سورية من أجل السلام الشامل والعادل ومن اجل بناء موقف عربي قوي ومتماسك ومتضامن ولحشد اكبر قدر ممكن من الدعم الدولي للمطالب العربية المشروعة لتحرير الأرض المحتلة وبناء المستقبل للوطن العربي والمنطقة على أسس راسخة من العدل والحق والشرعية". وقال مصدر لبناني رسمي ان المحادثات تناولت ما اتفق لبنان وسورية على اعتباره "مناورة اسرائيلية" عبر اشتراط تل ابيب الضمانات والترتيبات الأمنية لتنفيذ القرار 425، بهدف فصل المسارين اللبناني والسوري لمفاوضات السلام عبر جر لبنان الى اتفاق أمني، لكنها تعدت الطروحات الاسرائيلية في هذا الصدد وأجرت تقويماً مشتركاً للحركة الاسرائيلية المستمرة منذ أشهر، اثر وصول نتانياهو الى السلطة، بهدف فصل المسارين. وكان الحريري اجتمع مرتين اول من امس مع نائب الرئيس السوري عبدالحليم خدام في جولة اولى من المحادثات وحضر الوزير الشرع. وتناولت المحادثات استناداً الى مصادر رئيس الحكومة، "الطروحات الاسرائيلية المخادعة في شأن الانسحاب من الجنوب اللبناني عبر تنفيذ مشروط للقرار 425 بترتيبات أمنية لم ينص اصلاً القرار عليها". وأشارت المصادر الى "ان لبنان سبق ان رفض هذه الشروط وطالب في الوقت نفسه بتنفيذ القرار 425 من دون قيد او شرط والتقيد بمضمونه". وأوضحت المصادر "ان مشاورات دمشق أمس اكدت تطابق الموقفين وان البلدين ينطلقان من حقيقة ان السلام العادل والدائم يجب ان يأتي شاملاً وفق القرارات الدولية ومبدأ الأرض في مقابل السلام". واشارت الى ان البحث تناول ايضاً سبل تنسيق موقفي البلدين قبل الزيارة المرتقبة للأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان للبنان وسورية في 20 آذار مارس الجاري. وأضافت المصادر نفسها ان "محادثات الحريري تطرقت الى الوضع الداخلي من زاوية حرص سورية على تمتين الجبهة الداخلية اللبنانية في وجه المحاولات الاسرائيلية المستمرة لفصل مساري التفاوض السوري واللبناني ولإحداث بلبلة". وفي هذا السياق اطلع الحريري المسؤولين السوريين على جانب من المشاورات التي يجريها مع سائر الافرقاء السياسيين والفاعليات الدينية والنقابية والاقتصادية، للخروج بتوافق على المعالجات الاقتصادية، خصوصاً نتائج اجتماعه الطويل مع البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير و13 أسقفاً من اعضاء مجلس المطارنة الموارنة خصوصاً لجهة تأكيد صفير ان المسيحيين "لن تغشهم طروحات اسرائيل" في شأن القرار 425.