أكد بطريرك الطائفة المارونية الكاردينال نصرالله صفير "ان اسرائيل لن تستطيع ان تغش اللبنانيين او المسيحيين او تسبب انشقاقاً بين اللبنانيين بطروحاتها على التفاوض على ترتيبات امنية" في سياق شروطها لتنفيذ قرار مجلس الامن الدولي الرقم 425. وأوضح صفير في سياق مناقشة مع رئيس الحكومة رفيق الحريري الذي زاره في بكركي امس، في حضور عدد من اعضاء مجلس المطارنة الموارنة في شأن الطروحات الاخيرة من الجانب الاسرائيلي في شأن التنفيذ المشروط لتطبيق القرار 425 "اننا المسيحيين إنكوَينا من اسرائيل في الجبل في 1983 ولم نشفَ بعد من ذلك". راجع ص2 وعقد صفير والحريري جلسة حوار استمرت سبع ساعات وثلث الساعة، في حضور 13 مطراناً هم غالبية اعضاء مجلس المطارنة، في اطار المشاورات التي يجريها رئىس الحكومة مع الفاعليات السياسية والاقتصادية والدينية والنقابية في شأن الاوضاع الاقتصادية في لبنان. ووصفت جلسة المشاورات هذه بانها سابقة اذ انها المرة الاولى يلتقي فيها مسؤول حكومي صفير في حضور هذا العدد الكبير من الاساقفة، ولهذه المدة الطويلة من الوقت للبحث في الشؤون اللبنانية. وقدّم صفير والمطارنة مذكرة من تسع صفحات فولسكاب تضمنت انتقادات البطريركية المارونية وتساؤلاتها وملاحظاتها على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية واقترحت حلولاً في شأن تأمين موارد للمشاريع الانمائية. وأبرز ما جاء في المذكرة التي تلا نصها المطران شكرالله حرب في بداية الاجتماع الذي عقد على مرحلتين، تخللهما غداء عمل، تساؤلها عن مدى استمرار الاستقواء بالخارج داخل السلطة اللبنانية وعن اسباب عدم تنظيم العلاقة المميزة مع سورية. كما تضمنت تساؤلات عن استبعاد الزعماء المسيحيين وحل حزب "القوات اللبنانية" واعتقال قائدها الدكتور سمير جعجع مشيرة الى رفض المسيحيين تغييب دورهم، ودعت الى تطبيق اتفاق الطائف نصاً وروحاً. وقالت مصادر حكومية ل "الحياة" ان النقاش تناول البنود التي تضمنتها المذكرة وان العلاقة مع سورية تم التطرق اليها من زوايا عدة، اهمها ان رئىس الحكومة اشار الى اهمية مجيء رئىس جديد للجمهورية محترم وعروبي يقبل به الموارنة ويكون صديقاً لسورية فوافقه صفير قائلاً: "طبعاً". اما الزاوية الثانية فكانت شرح الحريري للاتفاق الاقتصادي الاخير الذي عقد مع سورية الالغاء التدريجي للرسوم الجمركية على الصناعات في العام 2003، مشيراً الى "انه لمصلحة الصناعة اللبنانية ولا يمس الزراعة". وأوضحت مصادر حكومية ان الحريري سمع كلاماً ايجابياً حيال سورية. ورحبت المذكرة بالمشاورات التي يجريها الحريري، لكنها اشارت الى عدم استكمال عودة المهجّرين، ورد رئيس الحكومة، بحسب مصادره، مستعرضاً ما صرف من مبالغ لهذا الغرض، مشيراً الى المال السياسي الذي دفع في هذا المجال. وقال انه ينتظر الدراسة المطلوبة من الوزير المختص والسعي الى تأمين موارد اضافية من اجل صرف مبلغ 200 مليون دولار على البنى التحتية في قرى التهجير وبليون دولار على اعادة الاعمار، وطرح المطارنة الموارنة افكاراً عن وجوب الاستفادة من صناديق دولية ومن تنظيم حملة مساعدات عبر جمعيات على غرار جمعية "كاريتاس" لدعم مشروع عودة المهجّرين. وأوضحت المصادر الحكومية ان الحريري اكد رداً على مخاوف المسيحيين على السيادة بالقول: "ان لبنان سيد حر مستقل يعاني مشكلات اهمها الاحتلال الاسرائيلي"، مشيراً الى ما تم انجازه في مجال استعادة الثقة الخارجية بلبنان في الخارج واسترجاعه احترام الدول له. وتطرق الحوار الى المواضيع الحساسة كافة التي تتعلق بالمسيحيين ومنها: - اوضاع العمال غير اللبنانيين وضرورة تنظيم اوضاعهم وجباية مزيد من الرسوم على مداخيلهم. - قانون الانتخاب: شرح صفير والمطارنة اسباب تفضيلهم الدائرة المصغرة وخصوصاً القضاء لأنه يؤمن افضل تمثيل، فيما عرض الحريري اسباب تفضيله اعتماد لبنان دائرة واحدة لانه يؤمّن موجبات العيش المشترك في التمثيل، قائلاً "اذا كان المسيحيون لا يرضون فيه فهو لن يصرّ عليه". وتناول الحريري اضرار مقاطعة المسيحيين الانتخابات النيابية في 1992، مشيراً الى ان حكومته جاءت بعدها وأمّنت استقراراً وثقة شعبية لكن نقص التمثيل انتج خللاً سياسياً. - اوضاع المدارس الخاصة والرسمية: أكد الحريري دعم المدرسة الرسمية وتأييده حرية التعليم. وتناول الحوار ايضاً ما انجزته الدولة في ما يتعلق بالمؤسسات خصوصاً الجيش فامتدح الحريري دوره وتركيبته، وأكد ان مشروعه لتنظيم قوى الامن الداخلي ليس لنزع منصب من المسيحيين، بل لتنظيمها على أسس طرحها رئىسان سابقان للجمهورية الراحل كميل شمعون وأمين الجميّل. اما بالنسبة الى قضية المجنّسين، فأكد الحريري ان هناك مبالغة في طرح ارقام المستفيدين من مرسوم الجنسية، مشيراً الى ان الملحق الذي سيصدر لا بد من ان يعالج الخلل على نحو يحقق التوازن ويؤدي الى تبديد الشكوى. وانتهى الحوار ببيان مشترك اكد على صراحته وشموليته، ونفى الحريري اي نية لتبديل حكومي. وزار الحريري دمشق مساء امس حيث التقى نائب الرئىس السوري السيد عبدالحليم خدام وعدداً من المسؤولين السوريين الى مائدة العشاء، للبحث في التطورات على الصعيد الاقليمي وعلى الصعيد اللبناني الداخلي. على صعيد آخر، تسلم لبنان امس دفعة ثانية من الموقوفين اللبنانيين في السجون السورية، بينهم امرأتان، بعدما كان تسلم دفعة اولى اول من امس بلغت 101 موقوف، وبذلك يصبح مجموع الذين اطلقوا 121. راجع ص3 وأبقى القضاء اللبناني على 15 موقوفاً لأنهم ملاحقون من القضاء اللبناني في حين ينتظر اطلاق الآخرين خلال ساعات.