بعد روتشيلد وفورد وروكفلر غدا اسم الصيرفي الهنغاري الاصل جورج سورس رمزاً للغنى والجاه خصوصاً في روسيا، منذ ان بدأ عام 1988 "الزحف" على موسكو عبر مؤسسات خيرية سرعان ما غدت مرتكزاً لشن هجوم واسع على الاسواق المالية في البلاد، وممارسة تأثير على اكبر صناع القرار في الكرملين. وخلال عشر سنوات ارتفعت المبالغ المرصودة لمؤسسة سورس الخيرية الى زهاء مئة مليون دولار. وأعلن الصيرفي العالمي الذي يزور موسكو حالياً عن رصد 450 مليوناً للانفاق على برامج عدة بينها تطوير شبكة "ال "انترنت" وربطها ب 33 مركزاً في الجامعات الاقليمية والمدارس المحلية. وفي اطار برنامج يحمل اسم الشاعر الروسي الكسندر بوشكلين سينفق سورس 20 مليون دولار، لدعم دور النشر والمكتبات. إلا ان كثيرين من المعلقين الروس يعتبرون العمل الخيري مجرد "غطاء" يستخدمه سورس لتحقيق اهداف بعيدة المدى، بدأها بالمشاركة في مناقصة لشراء اكبر مؤسسة للاتصالات الحكومية "سفيازينفيست". وساهم سورس ب 980 مليون دولار في كونسرتيوم ضمه ومؤسسة "اونيكسيم" الروسية لشراء 25 في المئة من اسهم الشركة المذكورة. وهو يطمح حالياً الى شراء الاجزاء الاخرى المتبقية. وأقام الصيرفي المعروف علاقات وثيقة مع النائب الاول لرئيس الوزراء اناتولي تشوبايس المتحالف مع "اونيكسيم" وساعده في الحصول على قروض مالية غير معلنة اواخر العام الماضي لتسديد المرتبات التقاعدية وامتصاص جزء من الاستياء الذي عمّ البلد. بيد ان تورط سورس في الصراعات السياسية الداخلية البّ ضده اكبر اثرياء روسيا بوريس بيريزوفسكي الذي يعد من "اصدقاء عائلة الرئىس" بوريس يلتسن. ونظمت اجهزة الاعلام الالكترونية والمطبوعة التي يسيطر عليها بيريزوفسكي وحلفاؤه حملة ضارية ضد سورس ووجهت اليه اتهامات كان مصدرها في الماضي المعارضة الشيوعية والقومية ومن بينها، محاولة "شراء روسيا" والتلاعب بمصيرها وتقويض نظامها المالي اسوة بما جرى في اندونيسيا. ورد سورس الصاع صاعين وأدلى بأحاديث قال خلالها ان روسيا اشبه بقارب يديره سبعة مشيراً الى تحالف اكبر سبعة صيارفة روس ويختصمون على الذهب الموجود فيه بينما القارب يسير حثيثاً نحو شلال هادر. وبعيداً عن الاستعارات المجازية قال سورس ان "على روسيا ان تغير سلوكها" وتكف عن الاقتراض من الخارج وتهيئ ظروفاً وقواعد ثابتة للمستثمرين الاجانب للعمل فيها. ودعا القيادات الروسية الى ان "ترقص على اللحن الجديد" الذي قال انه بدأ يصدح إثر الأزمة المالية الآسيوية، وان تتحول "من رأسمالية النهب ... الى رأسمالية القانون".