حقق مشروع قانون مثير للجدل يتعلق بانشاء مكتب في البيت الأبيض "لمراقبة الاضطهاد الديني" خطوة اخرى الى أمام في اتجاه إقراره عندما قررت لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس النواب الأميركي بغالبية 31 صوتاً ضد خمسة أصوات طرحه للمناقشة في المجلس والتصويت عليه خلال الاسابيع المقبلة. ويتضمن مشروع القرار المسمى "قانون التحرر من الاضطهاد الديني للعام 1997"، تكليف مدير المكتب الجديد مراقبة معاملة الاقليات الدينية في بلدان بينها السودان وبلدان اسلامية اخرى والصين، وتبعاً لذلك فرض الحكومة الأميركية مستويات من العقوبات، اقتصادية او غيرها. وعندما قدم فرانك وولف، النائب الجمهوري من فيرجينيا، مشروع القرار للمرة الأولى في ايلول سبتمبر الماضي عبّرت ادارة الرئيس بيل كلينتون عن معارضتها القوية للمشروع انطلاقاً من ان الولاياتالمتحدة تتعامل مع الحرية الدينية كقضية مهمة تتابعها عن كثب، كما يتجسّد ذلك في سياسات قائمة. وأقرت لجنة الشؤون الخارجية خلال اجتماعها الأربعاء الماضي عددا من التعديلات الهادفة الى تلبية قسم من متطلبات الادارة. وبين أهم التعديلات السماح بنقل مهمة المراقبة والاشراف الى مسؤول مستقل يعمل مع وزير الخارجية. كما استثنت اللجنة من العقوبات استيراد مادة الصمغ العربي من السودان الذي يُنتج 80 - 90 في المئة من الانتاج العالمي لهذه المادة المستعملة في الكثير من الصناعات، مثل مستحضرات التجميل والمرطبات. لكن اللجنة صوتت لمصلحة فرض حظر تجاري واستثماري شامل على السودان، يستثني مادة الصمغ، من دون اعطاء الرئيس الأميركي حق تعطيل الحظر. وعلى رغم التعديلات اعترض وزير التجارة ستيوارت ايزنستات على اللائحة مشيراً الى الضرر بمصالح الولاياتالمتحدة الذي يسببه وضع بلد ما على قائمة الملاحقة لاعتبارات دينية. وقال ان من شأن اللائحة أن تفاقم تأزم الأوضاع في دول تمر بمرحلة التحول الى الديموقراطية، كما ان اعطاء طالبي اللجوء على أساس الاضطهاد الديني الأولوية سيُدخل تعقيدات كبيرة على أنظمة اللجوء المعتمدة في أميركا. وأشار الى ان واشنطن تفرض على السودان، ومن خلال "أمر تنفيذي"، ما يكفي من العقوبات، وان اللائحة، في حال تحولها الى قانون، تحرم البيت الأبيض من المرونة اللازمة في السياسة الخارجية. وعلى رغم هذه الاعتراضات لم تستطع بربارا لاركن، المسؤولة في وزارة الخارجية، ان تؤكد ان الرئيس الأميركي سيستعمل حق النقض اذا اقرّ الكونغرس اللائحة التي يفترض أن تحصل في بعض اجزائها على موافقة لجان المال والقضاء والتخصيصات قبل طرحها على مجلس النواب. وكان السفير جون شاتوك، مساعد وزير الخارجية لشؤون الديموقراطية وحقوق الانسان والعمل، قال في شهادة في جلسة استماع في 9 أيلول سبتمبر الماضي ان القانون سيترك تأثيراً سلبياً على مصالح الولاياتالمتحدة في العالم. وعلى رغم ذلك، يحظى مشروع القانون بدعم الحزبين الجمهوري والديموقراطي، إذ يرعاه ما لا يقل عن 110 من اعضاء الكونغرس حتى قبل ان يُطرح على التصويت على الاعضاء ال 435 في المجلس. ويعني ذلك ان ادارة كلينتون ستُضطر الى التعامل مع القضية، على رغم ان مشروع القانون، مثل معظم التشريعات التي تتعلق بقضايا السياسة الخارجية، يعطي كلينتون صلاحية تخوّله تجنب فرض عقوبات اذا اعتبر انها لا تخدم المصالح الاميركية. وأضاف شاتوك في جلسة أيلول ان القانون "اداة فجة يتوقع ان تلحق الاذى بضحايا الاضطهاد الديني أكثر من أن تساعدهم، مما يهدد بإلحاق الأذى بعلاقات حيوية مع حلفاء اساسيين وقوى اقليمية، واضعاف مساعي الحكومة الأميركية لاشاعة السلام والتسامح". واشار الى مخاوف الادارة من انشاء جهاز بيروقراطي آخر. وبالنسبة الى السودان، البلد الوحيد الذي يقترح مشروع القانون فرض عقوبات واسعة عليه في الوقت الحاضر، بسبب "اضطهاده" لأقليات دينية، اعتبر شاتوك ان مشروع القانون غير مفيد. وتركز لائحة القانون على "القمع" في انحاء العالم الذي يتعرض اليه المسيحيون في جنوب شرقي آسيا والشرق الاوسط، والبهائيون في ايران، والبوذيون في منطقة التبت في الصين. ولا تتضمن اللائحة سوى إشارة واحدة الى اضطهاد المسلمين، وذلك في السودان، على رغم الحالات الموثقة في شكل جيد في عدد من البلدان، مثل الصرب والصين وكشمير في الهند واريتريا، وحتى في بلدان اوروبية مثل فرنسا. ويُتهم السودان ب "شن حرب دينية ضد اشخاص مسيحيين وغير مسلمين ومسلمين معتدلين باستخدام التعذيب والتجويع والاستعباد والقتل".