69 مليون دولار لاستخدام قوقل محتويات الإعلام الكندي    تعليم عسير يحصد المركز الأول و 27 ميدالية ذهبية وفضية وبرونزية    قتروي الشموخ الصامت في قلب بارق    عندما تتحول الأفكار إلى رافد اقتصادي    وطن بلا مخالف.. ضبط 19,541 غير نظامي وترحيل 8,954 مخالفاً    سقوط ضحايا إثر حريق بسوق في الصين    بقيمة 8 مليارات دولار.. بايدن يُسلّح إسرائيل ب«صفقة الوداع»    مركز (911) يتلقى (2٬606٬195) اتصالاً خلال شهر ديسمبر من عام 2024    السعودية تدفع بالطائرة الإغاثية ال5 لمساعدة سورية    البيرو.. سقوط حافلة من ارتفاع 150 متراً ومقتل 6 أشخاص    الرماح والمغيرة يمثلان السعودية في رالي داكار 2025    غرفة أبها تطلق مبادرة عيادات الأعمال الاستشارية بمجموعة خدمات متعددة    إيران.. استخراج 100 عبوة مخدرة من معدة شاب    مايكروسوفت تعتزم إنفاق 80 مليار دولار أمريكي على مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي في السنة المالية 2025    بعد انتشاره في الصين ..مختصون يوضحون ماهية فيروس HMPV ومدى خطورته    طقس شديد البرودة مع تكوّن الصقيع على عدد من مناطق المملكة    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    «ظفار» احتضنهما.. والنهائي يفرقهما    عُمان أمام البحرين.. دوماً في أمان    ترامب يشتكي من تنكيس الأعلام في يوم تنصيبه    افتتاح طريق التوحيد بمنطقة عسير    وكيل وزارة الشؤون الإسلامية لشؤون الدعوة يزور فرع الوزارة في جازان ويتابع سير العمل فيه    ريال مدريد ينتفض في الوقت الضائع ويهزم فالنسيا ب 10 لاعبين    ميلان يقلب الطاولة على يوفنتوس ويتأهل لنهائي السوبر الإيطالي    أمير عسير يستقبل رئيس جمهورية التشيك في بيشة    الشرع يبحث مع ميقاتي العلاقات بين سوريا ولبنان    الأخضر السعودي تحت 20 عاماً يكسب أوزباكستان وديّاً    غرفة جازان ومركز الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني يعززان شراكتهما لدعم التنمية الإعلامية في المنطقة    جاسم الصحيح و25كوكبًا من الشعراء السعوديين وغيرهم يحييون أمسيات شتاء جازان    مدير الأمر بالمعروف يزور مدير فرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية    جمعية التنمية الأسرية تعرض خدمات مركز الأنس بصبيا    حازم الجعفري يحتفل بزواجه    العُلا تستضيف نخبة نجوم لعبة «البولو»    موقف الهلال من قيد نيمار محليًا    عسير: القبض على شخص لترويجه 15 كيلوغراما من «الحشيش»    القيادة تعزي الرئيس الأمريكي في ضحايا الحادث الإرهابي الذي وقع في مدينة نيو أورليانز    خطيب المسجد النبوي: نعم الله تدفع للحب والتقصير يحفز على التوبة فتتحقق العبودية الكاملة    مغادرة الطائرة الإغاثية السعودية الرابعة التي يسيّرها مركز الملك سلمان للإغاثة لمساعدة الشعب السوري    مظلات الشحناء والتلاسن    الكلية الأمنية تنظّم مشروع «السير الطويل» بمعهد التدريب النسائي    كيف تتجنب ويلات الاحتراق النفسي وتهرب من دوامة الإرهاق؟    لتعزيز سعادتك وتحسين صحتك.. اعمل من المنزل    كيف ستنعكس تعديلات أسعار اللقيم والوقود على الشركات المدرجة؟    الغضراف    ذلك اليوم.. تلك السنة    خشونة الركبة.. إحدى أكثر الحالات شيوعاً لدى البالغين    عبير أبو سليمان سفيرة التراث السعودي وقصة نجاح بدأت من جدة التاريخية    عام جديد بروح متجددة وخطط عميقة لتحقيق النجاح    سوق العمل السعودي الأكثر جاذبية    ابتسم أو برطم!    سُلْطةُ الحُبِّ لا تسلّط الحرب    لماذا لا تزال الكثيرات تعيسات؟    عام الأرقام والتحولات الكبيرة السياسة الأمريكية في 2024    السعودية تأسف لحادثة إطلاق النار التي وقعت في مدينة سيتينيي بالجبل الأسود    استقبله نائب أمير مكة.. رئيس التشيك يصل جدة    محافظ محايل يلتقي مدير عام فرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية    المملكة تنظم دورة للأئمة والخطباء في نيجيريا    نائب أمير تبوك يستقبل مدير فرع وزارة الرياضة بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بريد القراء - يا علماء ايران ... انتبهوا
نشر في الحياة يوم 29 - 03 - 1998

نشرت "الحياة" في عددها الصادر صباح الخميس 19/3/1998 نبأ يقول ان حاخاماً اسرائيلياً اسمه مناحيم فروهمان سيزور ايران بعد ان حصل على موافقة رسمية من طهران.
وفي الخبر تفاصيل أخرى عن الوفد الذي سيصحب هذا الحاخام الى ايران، وأن الهدف من الزيارة هو "التأثير في النظام الايراني" وهو "المساهمة في تغيير صورة اسرائيل لدى الايرانيين، والحصول من الأوساط الدينية في ايران على مقاربة مختلفة حيال اسرائيل". وقالت "الحياة" نقلاً عن صحيفة "هاآرتس" الاسرائيلية ان الحاخام شدد على ان "هذا المسعى يرتكز الى فكرة ان الاتصالات الدينية يمكن ان تغير العلاقات العدائية جداً بين اسرائيل وايران".
ومهما يكن أمر صحة خبر الموافقة الايرانية على الزيارة التي يريد هذا الحاخام الاسرائيلي القيام بها او عدم صحتها، فإن الخبر في حد ذاته يثير الانتباه، ويدعو الى التأمل ويدفع الغيورين الى ابداء النصيحة، التي نقول دائماً ان من عجائب الاسلام انه جعلها هي "الدين" في قول النبي صلى الله عليه وسلم "الدين النصيحة".
وكاتب هذه السطور تربطه بايران الاسلامية وشائج عديدة، وتجمعه بكثير من علمائها الكبار علاقة أخوة اسلامية وطيدة، وله مع أعلام منهم، في مدنها الكبار ذكريات غالية عزيزة، وهذا كله يجعل النصيحة لهؤء الأعزاء - ولغيرهم من علماء ايران - أوجب عليه منها على سواه. ويجعل أمله في قبولها أكبر من أمل من يكتب عن ايران من خلال معلومات صحافية مغلوطة او دعاوى عدائية مكذوبة.
والحاخام الاسرائيلي لا يخفي هدفه من الزيارة بل يحدده في نقاط أربع هي التي لخصناها نقلاً عن "الحياة". وهي أهداف لا علاقة لها بالدين اليهودي ولا بالدين مطلقاً، وانما هي أهداف اسرائيلية سياسية صهيونية محضة لا خفاء فيها ولا مواربة.
وأوثق ما يربط هذه الأهداف الصهيونية بالدين هي محاولة هذا الحاخام استخدام الدين وسيلة واتخاذه مطية لتحقيق مكاسب صهيونية على حساب الاسلام وعلمائه في عقر دار الثورة الاسلامية في ايران.
ومعرفتي بايران شبابها وشيوخها، الذين يحكمون منهم والذين لا يزالون متفرغين لخدمة العلم في الحوزة أو في التأليف والكتابة، تجعلني كبير الشك في ان يستطيع هذا الحاخام - وعشرات أمثاله - ان يحصلوا على شيء مما يسعون اليه من علماء ايران.
ومع ذلك فإن الزيارة التي يتوق الحاخام اليها يجب ان تثير الحذر، وتدعو الى التنبه واليقظة، وينبغي على كل قادر في ايران وغيرها ان يحول - او يسعى الى الحيلولة - بين هذا الحاخام الاسرائيلي وبين الدخول الى الأرض الاسلامية في ايران. ولذلك أكتب الى العلماء هذه الكلمات.
ان اسرائيل تريد تحقيق كل المكاسب التي ذكرها الحاخام، وأكثر منها لو استطاعت. وهي لا تدخر في ذلك وسعاً. فكل المغريات متاحة، وكل وسائل الاغواء مبذولة، وجميع وسائل التهديد والعدوان واقعة تحت يدها وليس عند أحد من الصهاينة مانع من اي نوع من استعمالها ضد الناس جميعاً في سبيل تحقيق أصغر هدف اسرائيلي. ولم ينس الناس ولن ينسى المخلصون من العرب والمسلمين الفعلة الشنعاء التي أقدمت عليها "موساد" ضد خالد مشعل، ولا التهديد القبيح الذي أعلنه وزير البنية التحتية، القاتل المحترف، ايريل شارون من ان اسرائيل سوف تغتال خالد مشعل يوماً ما.
ولكن اسرائيل لا يفوتها إن عجزت عن تحقيق الأهداف الكبار ان تحقق أي كسب صغير بأي ثمن كان. وليس ما أعلنه الحاخام هو الهدف او الأهداف الكبار لزيارته، ولكنها في الواقع أهداف للتمويه، يعلم هو قبل غيره ان تحقيقها شبه مستحيل، ولكن اعلانها - وهي مستحيلة - قد يغري بعض العلماء ان يستقبلوه او يسمحوا له بزيارة طهران، ولو قالوا له كل قول لا يحبه، ولو أسمعوه كل رأي يكرهه، فإن مجرد استقباله في طهران، وفتح مجالس العلماء له هو الهدف الأكبر والكسب الأعظم لاسرائيل.
فاسرائيل لا تريد من ايران وباكستان وبقية الشعوب المسلمة إلا الاعتراف بشرعيتها. ثم لا يهمها بعد ذلك كيف تمضي الأمور ومتى تكسب ومتى تخسر، على أي صعيد، ما دامت قد كسبت هذا الموقف الأهم، موقف الاعتراف بها والتعامل معها.
لقد كانت زيارة حاخام تل أبيب لليهود الاشكيناز يسميه بعض المصريين تمويهاً او جهلاً حاخام اسرائيل الأكبر للأزهر الشريف اكبر هزيمة روحية للمسلمين منذ قيام اسرائيل حتى اليوم. ولذلك عارضناها وعارضها من لا يحصون عدداً من الوطنيين الشرفاء ومن ذوي الدين والغيرة، ومن ذوي الفهم السياسي الواعي ومن ذوي الشعور القومي الصادق.
وكانت التبريرات التي سيقت دفاعاً عنها أضعف وأسخف من ان يرد عليها. وكانت اللغة التي استخدمت في ذلك أفحش من ان يقع العقلاء في مقابلتها بمثلها، ولا زلنا نعتقد ان القانون الذي ينظم الأزهر الشريف ومجمع البحوث يجعل كثيراً مما قيل ونشر وأذيع في الرائي نوعاً من السلوك الذي لا يليق بالعلماء ولا بأعضاء المجمع. ولا أحسب شيئاً من ذلك كله غائباً عن علماء ايران.
والاعتراف الذي تريده اسرائيل بشرعية وجودها ليس اعتراف الدول، فعندها من ذلك فوق حاجتها. ولكنها في أمس الحاجة وأقساها الى اعتراف الشعوب. والطريق الى قلوب الشعوب وعقولها يمر عبر العلماء الذين يحظون بالاحترام والتوقير من كل أبناء شعوبهم حتى اولئك الذين لا يمارسون الشعائر بانتظام، ولا يتعاملون مع المنهيات والمأمورات الدينية بالقدر الواجب من الاحترام. وهذه الشعوب لا تزال - بحمد الله - على قلب رجل واحد في موقفها من عدم الاعتراف بشرعية الوجود الاسرائيلي ومن عدم قبولها التعامل مع الصهاينة والرضا بقبول تطبيع العلاقات معهم. ولا يستطيع شيء ان يزلزل هذا الموقف المتحد، الذي يشارك فيه في مصر بوجه خاص الأقباط والمسلمون معاً، إلا ان يتم اختراق العلماء وجبهتهم المتراصة في عداوة ثابتة للصهاينة والصهيونية. ولا تحلم اسرائيل بأكثر من هذا الاختراق، ولو كان من رجل واحد ممن ينتسبون الى العلم الشرعي الشريف، ومهما يكن غير ممثل لغالبية العلماء ولا لجماهير المتدينين. وقد قال قائلهم غداة زيارة حاخام تل أبيب الاشكينازي للأزهر الشريف: "هذه خطوة اختصرت لنا مئة سنة في علاقاتنا بالمسلمين". كبرت كلمة تخرج من أفواههم.
وبعد ان ظن الصهاينة انهم اخترقوا قلعة العلم الاسلامي السنيّة في الأزهر الشريف، ها هم يتطلعون الى اختراق الحوزة العلمية الشيعية.
ولا تنطبق في شأن ايران - حكومة او شعباً - تلك الكلمة الحكيمة الصادقة التي أطلقها أخونا الجليل العلامة محمد مهدي شمس الدين رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى في لبنان: "للحكومات ضروراتها وللشعوب خياراتها". لأن الحكومة في ايران، وهي منتخبة انتخاباً حراً شهد به القاصي والداني، تمثل شعبها تمثيلاً صحيحاً، وتبقى مستحقة لثقته ما دامت معبرة عنه، وتفقد هذه الثقة، وتفقد معها صلاحيتها وأهليتها يوم تعبر عن مصالح غير مصالحه او تختار غير خياراته.
والرؤوس المسؤولة في الدولة والحكومة والبرلمان والقضاء الايراني كلها من كبار العلماء وأهل الفقه والفتوى. فتصرف اي منهم لا يحمل أبداً على مقتضى الضرورة السياسية التي يحمل عليها تصرف العلماء او الحكام في بلاد أخرى. وايران ليست من دول الجوار المساوي لاسرائيل حتى يكون عليها الخضوع للابتزاز الأميركي الذي يرغم تلك الدول على الصلح والتطبيع مع العدو الصهيوني على الرغم من رفض الشعوب وكرهها.
والسقطة من أي عالم من علماء ايران ستكون، كما وصفت العرب كذب ذوي السلطان، بلقاء لا تداري ولا تستر ولا تبرر. ومهما قال اعداء ايران واعداء سيادة الاسلام فيها عن نظام حكمها وعن ثورتها فإنهم لم يستطيعوا ان يفقدوها صدقيتها الدينية او الثورية لسبب وحيد هو موقفها الثابت من العدو الصهيوني. واليوم تسعى الصهيونية عن طريق حاخاماتها الى نقب جدار الثقة القائم بين ايران وبين جماهير المسلمين من السنة والشيعة على سواء، والى ضرب العمق الايراني الفكري والسياسي في وقت واحد، والى كشف الغطاء القوي الذي تتمتع به قوى المقاومة في الجنوب اللبناني وفي سورية العربية بإحداث فجوة عدم ثقة عميقة بين ايران والعالم الاسلامي والوطن العربي كله بهذه الزيارة المشبوهة لأحد الحاخامات الصهاينة الى ايران.
لذلك كله حق لي ان أقول وأكرر: يا علماء ايران انتبهوا. ولا تسمحوا - تحت أي ظرف - لهذه الزيارة ان تتم. واذكروا قول الله تبارك اسمه "وان تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.