انتقد سياسي مغربي في المعارضة الجديدة تصرفات حكومة رئيس الوزراء عبدالرحمن اليوسفي، كونها بدأت تنفيذ اجراءات من دون ان تنال ثقة مجلس النواب. واعتبر هذا السياسي الذي طلب عدم ذكر اسمه، في تصريح الى "الحياة" امس، ان الاعلان الذي صدر عن الناطق الرسمي باسم الحكومة السيد خالد عليوة، وزير العمل والتنمية الاجتماعية، لجهة فرض رسوم جمركية على واردات القمح "يكشف عن تناقض بين التزامات الحكومة الحالية حين كانت في المعارضة وبين سلوكها الراهن". وذكر في هذا الصدد ان حكومة رئيس الوزراء السابق عبداللطيف الفيلالي كانت واجهت انتقادات عنيفة عام 1994، قبل ان تمارس مهماتها، واتهمتها المعارضة وقتذاك بأنها غير دستورية "لأن الممارسة الحكومية لا تبدأ إلا بعد حيازة الثقة في البرلمان". وأشار الى ان من أبرز المتدخلين في الجلسة التي عقدها البرلمان المغربي وقتذاك وزراء في الحكومة الحالية "أصروا على ان الاجراءات كافة التي كانت تقوم بها الحكومة يجب اعتبارها لاغية لأنها تتعارض ومقتضيات الدستور". ورد وزير العلاقة مع البرلمان الدكتور محمد معتصم وقتذاك بالقول ان تنصيب الحكومة يصبح دستورياً بمجرد ان يعينها ملك البلاد. وأضاف السياسي المغربي: "لم نسمع عن اجتماع لمجلس الحكومة قبل الاعلان عن الاجراء الأخير" في شأن واردات القمح. واعتبر ان القرار يرتدي بعداً سياسياً يهدف الى كسب تعاطف المزارعين الذين يتضررون من توريد القمح و"المفترض ان يعلن عنه بعد اجتماع حكومي". وقال ان الحكومة السابقة التي كان يشارك فيها حزبه ضمن تحالف "الوفاق أقرت خطة لايجاد فرص عمل حاملي الشهادات الجامعية العاطلين عن العمل "وما دام ان الحكومة الحالية لم تعرض الموازنة المقبلة أمام البرلمان، فإن الاجراءات التي أعلنتها الحكومة الجديدة تظل تجسيداً لسياسة الحكومة السابقة". وقال السياسي في المعارضة الجديدة ان حكومة اليوسفي "انتهكت دستور البلاد عند الاعلان عن الاجراء الأخير من خلال برنامج تلفزيوني باللغة الفرنسية". واعاد الى الأذهان ان حزب الاستقلال، المشارك في الحكومة الحالية، كان من أشد المعارضين لاستخدام اللغة الفرنسية، وندد كثيراً بما وصفه بپ"خرق الدستور" عبر استخدام هذه اللغة في الادارة المغربية. وعزت أوساط حكومية المواجهة التي وقعت بين المعارضة والحكومة عام 1994 الى ان حكومة رئيس الوزراء السابق عبداللطيف الفيلالي كانت تضم شخصيات تكنوقراطية لا تنتسب الى أي حزب سياسي، وكانت اشكالية حيازتها ثقة البرلمان قائمة، في حين ان حكومة عبدالرحمن اليوسفي الحالية مطمئنة الى حيازة ثقة الغالبية النيابية كون ائتلافها الذي يضم سبعة أحزاب في المعارضة والوسط، اضافة الى دعم حزبين آخرين غير مشاركين، في الحكومة، يؤهلها لذلك. ولاحظت مصادر سياسية ان حكومة اليوسفي عززت وضعها من خلال المساندة التي أعلنت عنها "الكتلة الديموقراطية" التي كانت متحالفة في المعارضة السابقة. اذ على رغم ان منظمة العمل الديموقراطي - المتحالفة مع المعارضة السابقة - لا تشارك في الجهاز التنفيذي للحكومة، فإنها التزمت مساندة الحكومة عبر موقف جماعي، جاء فيه ان قيادات الكتلة الديموقراطية في اجتماعها الأخير "تؤكد دعمها والتزامها انجاح هذه التجربة، لما فيه مصلحة الأمة المغربية جمعاء". في غضون ذلك صدر مزيد من الترحيب الخارجي بالحكومة المغربية الجديدة. ونقل عن الادارة الاميركية ان تشكيل حكومة جديدة من أحزاب المعارضة السابقة "يدشن صفحة جديدة في الحياة السياسية في البلاد". وقال مسؤول رفيع المستوى في ادارة الرئيس بيل كلينتون، ان هناك أجواء أمل وتغيير في المنطقة، وان الحكومة الاميركية ستواصل عن قرب رصد هذا الجهد الهادف الى توسيع مجال المشاركة في الحياة السياسية في المغرب". ومن المقرر، في غضون ذلك، ان يعقد مجلس النواب دورته المقبلة قبل منتصب نيسان ابريل المقبل، وسيكون على رأس جدول أعمالها درس "التصريح الحكومي"، اي البرنامج السياسي والاقتصادي الذي تلتزمه حكومة اليوسفي، على ان تنصرف بعد ذلك لإعداد الموازنة المالية التي ستحددها آليات تنفيذ ذلك البرنامج على امتداد سنة كاملة. ويقول خبراء ماليون ان الوقت لن يكون كافياً لإدخال تعديلات جوهرية على تقارير القطاعات التي تعتبر مرجعية في اعداد الموازنة، لكن في الامكان توقع مفاجآت على مستوى اعطاء الأولوية للملفات الاقتصادية والاجتماعية. وسيكون درس الموازنة الاختبار الأول للمواجهة بين الحكومة والمعارضة، سيما وان الغالبية السابقة كانت تتولى مناصب المال والقطاعات الاقتصادية والتجارية.