عن دار النبوغ في بيروت صدر كتاب "الأفغاني : صفحات مجهولة من حياته" لمؤلفه محمد الحداد. الكتاب قسمان، في الأول: مشروع بحث جماعي، من كتب "الحاشية على شرح الدواني" و"رسالة الواردات"؟، هل كان الأفغاني ملحداً؟. وفي القسم الثاني وثائق حوله تقريران للشرطة الفرنسية، خفايا تمويل "العروة الوثقى"، مواقف سياسية، الأفغاني وروشفور، الأفغاني والعنحوري. وترجمة لكتابات الأفغاني التي نشرها بالفرنسية في باريس. من الكتاب هذا المقطع من النص الذي نشرته صحيفة "الكورسبوندونس" في باريس في 20 أيار مايو 1885 بقلم مديرها: "بالامس توفرت لنا فرصة التحاور لمدة ثلاث ساعات مع الأفغاني الوحيد المقيم حالياً في أوروبا وهو الشيخ جمال الدين، يقيم جمال الدين في سكة فيغنون Vignon في فندق عائلي، حيث استقبلنا بحفاوة كبرى. انه رجل في الأربعين، متوسط القامة، متين البنية، تحيط بوجهه الأسمر لحية سوداء قصيرة قليلة الكثافة وشعر جعد أشيب. ان هيئته هذه تبدو شديدة الجاذبية ونظراته توحي بذكاء متوقد وطيبة واضحة. اننا نسلم بصدق الشيخ عندما يقول في عبارات متقطعة ان الأفغان لينو الطباع حسنو الأخلاق. ان من اليسير عليهم على كل حال ان يكونوا أكثر وداعة من الانكليز فكلفوا شيخاً رجل دين أفغاني ان يزورهم ثلاث مرات في اليوم ليحثهم على الصبر ويدعوهم الى الاطمئنان. لقد لقي هؤلاء الأسرى أفضل معاملة وبذل الشيخ جهداً مؤثراً لرفع معنوياتهم. في الفترة نفسها مر الانكليز بقرية أفغانية لم يكن فيها غير النساء والشيوخ والأطفال فسفكوا دماءهم - وكان عددهم يربوا على الثلاثة آلاف - ثم أحرقوا منازلهم. يقول جمال الدين: "هذا هو الفارق بين الانكليز وهم أكثر الشعوب تحضراً وبين الأفغان الذين لم يتلقّوا أي تعليم. الا ان الانكليز شعب شرير قاس بالطبع ولن يغيّر التعليم طباعهم، اما الأفغان والهنود فهم طيّبون آدميون ولم يغير أفكارهم ومشاعرهم الجهل الذي قبعوا فيه بسبب الانكليز الحريصين على افساد عقولهم".