توفي أمس في دمشق عن 89 عاماً الرئيس اليمني السابق القاضي عبدالرحمن الارياني. واستقبلت صنعاء خبر وفاته بحزن عميق نظراً إلى دوره البارز والمؤثر في الحركة الوطنية اليمنية منذ أواخر الثلاثينات. وارسلت رئاسة الجمهورية اليمنية طائرة خاصة إلى دمشق لنقل جثمانه إلى صنعاء حيث يشيع إلى مثواه الأخير. ويعتبر القاضي الارياني من أهم شخصيات الحركة الوطنية المعارضة لحكم الإمامة في اليمن قبل ثورة سبتمبر 1962، إذ كان من أبرز العناصر التي هيأت لقيام الثورة إلى جانب شخصيات وطنية أمثال محمد محمود الزبيري وأحمد نعمان والقاضي عبدالسلام صبره لا يزال على قيد الحياة. وشارك القاضي الارياني في حركة عام 1944 ضد الإمام يحيى حميد الدين وبعدها كان أحد رموز ثورة عام 1948 التي أطاحت الإمام يحيى ثم اعتقل في سجن حجة حتى عام 1954 قبل أن يعين عضواً في الهيئة التشريعية العليا التي كان الإمام أحمد يحيى حميدالدين على رأسها. وهيأ له هذا المنصب العمل في المعارضة لاطاحة نظام الإمامة ضمن حركة عام 1955 التي فشلت. وكان الارياني أحد الذين اعتقلوا وحكم عليه آنذاك بالاعدام ونجا باعجوبة، إذ عفا عنه الإمام أحمد وهو في ميدان الاعدام قبل دقائق من قطع رأسه بالسيف، إثر تدخل مجموعة من العلماء كانوا بجوار الإمام في أثناء تنفيذ الاعدامات في حق مجموعة كبيرة من عناصر الحركة الوطنية المعارضة. وكان الارياني الوحيد الذي نجا من حكم الاعدام، وعاد إلى ممارسة نشاطه السياسي الرسمي في هيئة التشريع العليا والمعارضة السرية بالتعاون مع عناصر تعمل لاطاحة الإمامة. وكان للارياني دور في انضمام اليمن إلى الجمهورية العربية المتحدة عام 1958، وعمل من خلال التأثير على ولي عهد الإمام آنذاك محمد البدر على فتح مجالات التعاون بين اليمن والمنظومة الاشتراكية مثل الصين والاتحاد السوفياتي ودول أخرى، وعمل خلال الفترة ما بين 1955 و1962 على تأجيج الصراع بين أفراد الأسرة الحاكمة ما هيأ لقيام الثورة عام 1962 وظل وحيداً من أعمدة العمل الوطني وصاحب دور سياسي بارز في مرحلة ما بعد الثورة، إذ وصل إلى منصب رئيس المجلس الجمهوري رئيس الجمهورية في انقلاب 5 تشرين الثاني نوفمبر عام 1967 الذي أطاح المشير عبدالله السلال رئيس الجمهورية. وترأس الارياني مجلساً للجمهورية حتى 13 حزيران يونيو 1974 حين غادر اليمن بعد "الحركة التصحيحية" التي قادها آنذاك الرئيس الراحل إبراهيم الحمدي.