تفاعلت الازمة التي يشهدها تجمع المعارضة الموريتاني الرئيسي، "اتحاد القوى الديموقراطية"، بسبب انضمام مجموعة ناصرية انسحبت قبل شهور من الحزب الحاكم احتجاجاً على ما قالت انه انحراف النظام الحاكم عن الأسس التي تم على اساسها التحالف معه. ففي حين تبادل الناصريون والماركسيون السابقون الاتهامات واصل الماركسيون السابقون حملتهم ضد الناصريين وضد العناصر المؤيدة لرئيس الحزب احمد ولد داداه مؤكدين رفض القبول بوجود القادمين الجدد داخل "اتحاد القوى". واعتبر مؤيدون لولد داداه موقف "الحركة الوطنية الديموقراطية" مقدمة للانسحاب من المعارضة الى الموالاة. وينتقد بعض هؤلاء علناً ما يصفه بمحاولة "الماركسيين" الابقاء على الحزب "معزولاً عن الموريتانيين". لكن زعيم المجموعة الماركسية السابقة التي تشكل واحدة من أهم ركائز التجمع المعارض مصطفى ولد بدرالدين اعتبر الموقف نابعاً من قناعة بأن الجماعة الناصرية "مسؤولة أدبياً في الأقل عن احداث القمع التي طاولت السود من 1989 الى 1991". وقال بدرالدين لپ"الحياة" ان "بعض اعضاء المجموعة احتل مراكز قيادية في الحزب الحاكم وفي حكومته وكانوا يعتبرون العنصر الموجه لهذا الحزب والقوة القادرة على تبرير تصرفات النظام طوال هذه الفترة". وأضاف ان "تملص هذه الجماعة من اي مسؤولية في تسيير البلاد، وبالتالي الامتناع عن ابداء اي أسف على تلك المسؤولية، يعتبر تلاعباً بالرأي العام الوطني وسخرية منه". وقال ان مجموعته لا تعترض على توسيع قاعدة الحزب "وإنما نعترض على خلط كبير للأوراق بإضافة جماعة لم تكشف بعد عن هويتها الحقيقية الى حزب ظلت تعاديه وتحاربه. ولهذا قررنا الانسحاب من الدورة الحالية للمكتب التنفيذي رفضاً لتزكية قرار ابعد ما يكون عن الصواب". واعتبر بدرالدين ان وراء انضمام الناصريين أحد احتمالين: "اما تلقوا ضمانات من جماعة ولد داداه بأن الحزب سيتغير ويصبح قومياً بالمعنى الناصري للكلمة وهذا هو الاحتمال الأقوى. وإما انهم يبحثون عن ملاذ موقت في صراعهم مع السلطة بدون الموافقة على اهداف الحزب ريثما يرتبون امورهم لسلوك طريقهم النهائي". لكن محمد محمود ولد الشيخ الناطق باسم الجماعة الناصرية اعرب عن أسفه لموقف "الحركة الوطنية الديموقراطية". وقال في تصريح الى "الحياة" ان "اكبر ازمات النخبة هي صراعاتها التي مكنت النظام من ادارة الامور بالطريقة التي يريد". وأضاف: "ناقشنا مع كل الحساسيات السياسية في المعارضة ولاقينا الترحيب. والماركسيون هم وحدهم من قابلنا بعدم الارتياح". وأكد ان "الاسباب الظاهرة وهي محاولة تحميلنا مسؤولية احداث الثمانينات ليست الا حجة مختلقة. فالحقيقة هي ان هذه المجموعة اي الماركسيين تبحث عن تبرير موقف سياسي تريد اتخاذه وتلميع صورة نظام تنوي العودة اليه". وبخصوص اتهام الناصريين بالتورط في احداث القمع ضد السود قال ولد الشيخ: "لا املك حق الدفاع عن الناصريين لأن هذا التيار منقسم، بعضه ظل في المعارضة وبعضه خارج المعارضة وخارج الحكم. والبعض الآخر كان مع النظام لكنه خلال الاحداث لم يكن يحتل مواقع تمكنه من الحاق الأذى بالسود...". وأوضح انه "كان هناك عنصر واحد مكلف بمحاربة الأمية وزير". واتهم الناطق باسم المجموعة الناصرية من وصفهم بالماركسيين "بإثارة النعرات العرقية". وقال ان الناصريين "لا يؤمنون بالاقصاء ويعترفون للسود بخصوصياتهم وبحقهم في صيانة ثقافتهم وتطوير لهجاتهم". وزاد: "نعترف بالقومية الزنجية الموجودة ونعتبر التعدد العرقي عنصر ثراء له دوره الكبير للوطن العربي وأفريقيا". يذكر ان "اتحاد القوى الديموقراطية" يتألف من ثلاث مجموعات هي الماركسيون السابقون والسود و"المستقلون" انصار ولد داداه. ولعل المفارقة ان السود غير الاعضاء في المجموعة الماركسية السابقة كانوا اكثر ترحيباً بالناصريين من غيرهم واتخذوا موقفاً حازماً في مواجهة "الماركسيين" الذين قاطعوا اجتماعاً للمكتب التنفيذي للحزب احتجاجاً على عضوية الناصريين. ويعتقد انهم سينسحبون من الحزب.