أفادت مصادر مصرية ان الرئيس حسني مبارك استخلص من الاتصالات التي اجراها مع الزعماء العرب بصفته رئيس الدورة الحالية للقمة العربية ان "لا زعيم عربياً، باستثناء القيادة الكويتية لظروف خاصة، اعطى موافقة صريحة على توجيه ضربة للعراق أو تعهد بتوفير الارض او التمويل لها. وحتى الكويت لم تغلق الباب نهائياً امام الجهود السياسية". وعلم ان الاتصالات التي اجراها الرئيس المصري، قُبيل استقباله وزيرة الخارجية مادلين اولبرايت مع القادة العرب تناولت فكرة عقد قمة عربية يحضرها العراق، اي انه اتضح من خلال هذه الاتصالات ان حضور العراق اي قمة مقبلة امر منتهي. ويستقبل مبارك غداً وزير الخارجية العراقي السيد محمد سعيد الصحاف الذي سينقل رسالة من صدام حسين رداً على رسالة كان الرئيس المصري بعث بها اليه قبل أيام. في موازاة ذلك، رحب مجلس الجامعة العربية امس بتكليف الرئيس المصري الامين العام للجامعة الدكتور عصمت عبدالمجيد بالتوجه الى بغداد في اطار بذل جهود عربية وتفعيل الدور العربي تجاه العراق عموماً. واعتبر مصدر مسؤول في الجامعة ان زيارة عبدالمجيد لبغداد "تنهي الازدواجية في التعاطي مع العراق والتي استمرت منذ 1991 بالفصل بين قضية الشعب العراقي ومعاناته ومسألة التعاطي مع النظام العراقي"، لافتة الى ان الامين العام للجامعة "سيلتقي الرئيس صدام حسين". والتقى عبدالمجيد السفير الاميركي في القاهرة دانيال كيرترز بناء على طلبه للاستفسار عن مهمته في بغداد. وطلب عبدالمجيد من السفير الأميركي نقل رسالة عاجلة إلى وزيرة الخارجية مادلين أولبرايت شددت على الرفض العربي لتوجيه ضربة عسكرية للعراق. وعُلم ان مبارك حمّل عبدالمجيد رسالة الى الرئيس العراقي تتضمن أفكاراً لحل الأزمة الحالية. ويسود تفاؤل في القاهرة حيال امكان رد ايجابي من الرئيس العراقي. وعزت المصادر المصرية ذلك الى "اتصالات مصرية - عراقية على مستوى عالٍ تمت أخيراً أبلغ خلالها الرئيس صدام حسين الرئيس مبارك موافقته على ايفاد عبدالمجيد الى بغداد وأثنى على الموقف المصري". في غضون ذلك استقبل الرئيس مبارك بعد ظهر أمس سفير الكويت لدى القاهرة فيصل عبدالرازق الخالد الذي نقل رسالة الى مبارك من أمير الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح تتعلق بالتطورات العراقية. وكان مبارك اجرى اتصالاً هاتفياً قبل يومين مع الشيخ جابر أبلغه فيه موقف مصر من هذه التطورات. وقال عبدالمجيد في مؤتمر صحافي لاحق انه سيلتقي خلال زيارة بغداد الرئيس صدام حسين ونائب رئيس مجلس الوزراء طارق عزيز ووزير الخارجية محمد سعيد الصحاف، للتشاور معهم بخصوص افضل السبل لحل الازمة لتجنيب العراق ضربة عسكرية وشيكة، مشدداً على ضرورة التزام العراق تنفيذ قرارات مجلس الامن الدولي. لكنه شدد في الوقت نفسه على "مشروعه مطالباً العراق بالنسبة لوضع سقف امني لعمل فرق التفتيش الدولية والحفاظ على سيادة العراق ووحدة اراضيه". وأكد عبدالمجيد "ضرورة عقد قمة عربية استثنائية بصفة عاجلة"، وقال: "ما يهدد الأمن القومي العربي الآن يستوجب عقد قمة وتحقيق التنسيق العربي"، واعتبر مبادرة مبارك ارساله إلى بغداد "تعكس حرص القمة على التعبير عن نفسها تجاه الأزمة"، وقال: "معاناة الشعب العراقي طالت وآن الأوان لوضع حد لهذه العقوبات المفروضة على العراق". واجرى عبدالمجيد امس اتصالا هاتفيا مع وزير خارجية العراق اكد خلاله الاخير ترحيب بغداد بهذه الزيارة التي انتظرها العراق طويلا. وجرت اتصالات امس بين الامانة العامة للجامعة والخارجية الاردنية لترتيب انتقال عبدالمجيد من عمان الى بغداد. وهذه الزيارة هي الاولى التي يقوم بها عبدالمجيد لبغداد بصفته أميناً عاماً للجامعة، ما يسقط عملياً الشرط الذي كان وضعه لإتمام هذه الزيارة، وهو الافراج عن الأسرى الكويتيين لدى بغداد. وكان عبدالمجيد عقد مساء أول من أمس اجتماعين مع كل من السيد عمرو موسى وزير الخارجية المصري، ومندوب العراق الدائم لدى الجامعة الدكتور نبيل نجم. الى ذلك دان رؤساء احزاب وممثلو القوى السياسية المعارضة في مصر التهديدات الاميركية بضرب العراق، وأكدوا في بيان امس تأييد موقف القاهرة الرافض لأي عمل عسكري ضد العراق. وطالبوا "الحكومات العربية بعقد اجتماع عاجل في إطار الجامعة العربية لاتخاذ موقف موحد من العدوان الاميركي يستند الى اتفاق الدفاع المشترك"، وقرروا اقامة صلاة في الجامع الازهر تضامناً مع الشعب العراقي.