أعلن الرئىس الأرجنتيني كارلوس منعم تأييد بلاده استمرار المفاوضات في الشرق الأوسط وفقاً لقرارات مجلس الأمن وأسس مؤتمر مدريد لتحقيق سلام عادل وشامل. وأيّد جهد الولاياتالمتحدة في هذا المجال، عارضاً إسهام الأرجنتين "في مبادرات تمكّن لبنان من توطيد أمن دائم ضمن حدوده المعترف بها دولياً". وبدأ منعم، السوري الأصل، بعد ظهر أمس زيارة تستمر ثلاثة ايام هي الأولى لرئيس ارجنتيني للبنان، على رأس وفد سياسي واقتصادي. وأقيم له استقبال رسمي في مطار بيروت تقدمه الرئىس اللبناني الياس الهراوي ورئىس المجلس النيابي نبيه بري وممثل رئىس الحكومة نائبه وزير الداخلية ميشال المر، اضافة الى وزراء ونواب وأعضاء السلك الديبلوماسي العربي والأجنبي. وبعد المراسم الرسمية واستراحة في صالون الشرف في المطار، اصطحب الرئىس الهراوي نظيره الارجنتيني الى قصر بعبدا حيث عقدت خلوة ثنائية تبعتها خلوة موسعة ضمت اعضاء الوفد الارجنتيني ووزراء لبنانيين. وعرض الرئىس منعم وجهة نظره من عملية السلام وشدد على "وجوب احلال السلام العادل في الشرق الاوسط"، مؤيداً تطبيق القرار الرقم 425 وعودة المفاوضات العربية - الاسرائيلية الى مسارها. وردّ الرئيس الهراوي بالتأكيد "ان القرار الرقم 425 ليس في حاجة الى مفاوضات انما الى قرار حاسم وإذا كانت وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت تجوب العالم اليوم تمهيداً لإجراء ما في حق العراق فلمَ لا تفعل شيئاً لتنفيذ القرار الرقم 425؟"، معرباً عن الأمل ب "مساعدة الارجنتين على تنفيذ هذا القرار". مواطن شرف ثم اقيم في القصر الجمهوري احتفال سلّم خلاله رئيس بلدية بيروت محمد غزيري الرئيس الارجنتيني مفتاح المدينة الذهبي، وأبلغه قرار البلدية منحه رتبة مواطن شرف. وردّ منعم بكلمة شكر، معلناً افتخاره بأصله العربي، ومشيداً بدور الجالية اللبنانية في نهضة الأرجنتين. وفي الخامسة مساء، انتقل منعم والوفد المرافق الى مقر اقامتهما في فندق "ماريوت" في بيروت، وعاد مساء الى قصر بعبدا حيث اقيمت مأدبة عشاء تكريماً له شارك فيها جمع من الشخصيات الرسمية والروحية والديبلوماسية والاقتصادية والاعلامية. وألقى الرئىس اللبناني كلمة ترحيب بنظيره الارجنتيني مشيداً فيها بالعلاقات التاريخية بين لبنانوالأرجنتين، مؤكداً ان الحرب في لبنان انتهت، داعياً المغتربين اللبنانيين الى المساهمة في إعمار لبنان. وكرر ثوابت السياسة الخارجية اللبنانية وخصوصاً تنفيذ القرار الرقم 425. ومنح ضيفه وسام الاستحقاق اللبناني من الرتبة الاستثنائية. وردّ منعم بكلمة عبّر فيها عن ارتياحه الى حصول الزيارة، مشيراً الى وجود ثلاثة ملايين ونصف مليون ارجنتيني من اصل عربي، اي ما يقارب عشرة في المئة من مجموع السكان. وأشاد بتاريخ لبنان الحضاري، وقال: "ان حكومتنا تعلّق اهتماماً دائماً بتطوّر الوضع في الشرق الأوسط حيث يؤدي لبنان دوراً اساسياً وحيوياً، وتتابع سياستها الداعمة للمجموعة الدولية في جهدها للوصول الى حل سلمي للصراع في الشرق الأوسط. فالمسيرة السلمية التي بدأت في مدريد عام 1991، يجب ان تستمر مع احترام الاتفاقات الموقّعة في اوسلو وواشنطن. ونحن ندعم في هذا الاطار جهد رئيس الولاياتالمتحدة بيل كلينتون التي تصبّ في هذا الاتجاه والتي سيكون لها حتماً نتائج ايجابية على المنطقة". وأضاف "ان الأرجنتين تؤيّد استمرار المفاوضات بين مختلف الأطراف على أساس القرارات 242 و338 و425 الصادرة عن مجلس الأمن الدولي والاتفاقات المذكورة آنفاً للوصول الى سلام شامل وعادل ودائم، لطالما كان منتظراً. والأرجنتين تعرض مرة اخرى ان تسهم في مبادرات يكون هدفها تمكين لبنان من توطيد أمن دائم يفسح في المجال للبنانيين بأن يعيشوا بوئام وازدهار ضمن حدود معترف بها دولياً". وأعرب عن اعتقاده "بأن الحل النهائي للمسائل التي لا تزال عالقة سيكون نتيجة للعلاقات الدولية القائمة الآن والتي تتصف بالتعاون واحترام حاجة الدول بعضها لبعض". وشكر الهراوي لمنحه الوسام. وقال: "ان لبنان الذي عاد وسلك طريق العيش المشترك بين طوائف دينية مختلفة، وتقبّل الفوارق الموجودة ضمن الأمة الواحدة، يلهمني في ممارستي اليومية في الحكم، التي ترتكز الى احترام التقاليد الديموقراطية". وأضاف "ان صلابة اللبنانيين في مواجهة الصعاب يؤكد لي ان هذا البلد الغالي سيستعيد في سرعة مكانته المميزة بين الأمم. وأتمنى ان تكون نهاية هذا القرن مناسبة لترسيخ الوئام والتعاضد في صفوف الشعب اللبناني الكبير كي يتمكن ابناؤه من تطوير امكاناتهم الهائلة داخل لبنان وخارجه على غرار ما فعله الفيلسوف والمفكر اللبناني الكبير جبران خليل جبران".