يأخذ فريق واسع في الطائفة الدرزية على رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري عدم مراعاته خصوصية مشيخة العقل في تعاطيه السياسي مع القيادات الزمنية في الطائفة، مشيراً الى انه أخطأ مرتين في تعامله معها. الاولى عندما أصدر قراراً ادارياً أوكل فيه شؤونها الى السيد سلمان عبدالخالق نزولاً عند رغبة وزير شؤون المهجرين وليد جنبلاط، والثانية من خلال اختيار التوقيت غير المناسب الذي رد فيه الاعتبارالى القائم مقام شيخ العقل الشيخ بهجت غيث. والاعتقاد السائد في الوسطين السياسي والشعبي الدرزيين ان الحريري "كان في غنى عن تحويل الامور المتعلقة بمشيخة العقل بازاراً سياسياً يخضع كلياً لميزان علاقته بجنبلاط الذي هو على خلاف الآن مع رئاسة الحكومة، وكان من الافضل إبقاء المشيخة على الحياد رافضاً الاستجابة في المرة الاولى لرغبة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي في اقصاء غيث بقرار اداري سرعان ما أبطله مجلس شورى الدولة". واعتبر اصحاب هذا الاعتقاد الذي لا يبدو الوزير طلال ارسلان وجنبلاط بعيدين منه "ان الزجّ مجدداً بمشيخة العقل في خلاف رئيس الحكومة مع الاخير لم يكن في محله، بل ان المطلوب كان اعادة الاعتبار الى غيث بقرار اداري ينسجم مع ابطال مجلس شورى الدولة التدبير القاضي بتعيين عبدالخالق". ويقول احد القياديين الدروز: "ان هناك شبه إجماع في الطائفة الدرزية على لوم الحريري، وهو الذي كان أطلق يد جنبلاط في كل شيء قبل ان يختلف واياه، خصوصاً ان ذلك لم يؤمن له استقراراً في علاقته مع الدروز، ما دفع بارسلان الى الابتعاد عن النزاع القائم ورفضه ان يصنف على خانة احدهما، في معرض استمرار الازمة بينهما. ويرى المصدر ان الحريري وجنبلاط "باتا على اقتناع كلّي بأن ارسلان ليس في وارد الدخول طرفاً الى جانب اي منهما وهو يصرّ على التعاطي معهما من الموقع الذي يتيح له ان يرسم لنفسه مسافة متساوية من كل منهما". وبالنسبة الى اللقاء المرتقب اليوم بين جنبلاط وارسلان في حضور وزير البيئة أكرم شهيب، يؤكد القيادي "ان احتمال التعاون بينهما قائم ولكن ليس على اساس قيام حلف في وجه رئيس الحكومة، خصوصاً ان ارسلان يرفض التأسيس لحلف مع الاخير في صراعه السياسي مع رئيس الحزب الاشتراكي. فارسلان وإن كان يرغب في إقامة علاقة متوازنة مع الحريري وجنبلاط في آن، لا يجد مشكلة في التفاهم مع وزير المهجرين على مجموعة من المسلّمات التي تخصّ الدروز، بعدما ثبت لكل منهما، بالتجربة الملموسة، ان هناك استحالة امام كل منهما ان يوفّر الحلول للمشكلات العالقة داخل الطائفة من دون عودة أحدهما الى الآخر".