ربما كانت الاشاعات المتعلقة بتراجع صحة المصمم الفرنسي العالمي إيف سان لوران صحيحة، وربما كانت من نسج خيال وسائل الإعلام الساعية إلى الاثارة... إلا أن ذلك لم يكن ظاهراً على الاطلاق عندما أطل هذا المصمم المخضرم 62 سنة في مجموعته الأنيقة أواخر الشهر الماضي في اطار عروض باريس لأزياء الموضة الراقية ربيع وصيف 1998. وكانت هذه العروض مناسبة ليحتفل سان لوران بمرور أربعين عاماً على امتهانه تصميم الأزياء الراقية التي لا تزال تستمتع بتلك اللمسات الكلاسيكية، تماماً مثلما كانت حديث الصالونات والمجتمعات الفنية ابتداء من الخمسينات. وقد عبر الجمهور عن تقديره الكبير لهذا العطاء المستمر بتحية خاصة وجهت اليه عندما انتهت عارضاته من تقديم أفكاره الجديدة. وإذا كانت السنوات بدأت تظهر على ملامح إيف سان لوران وتترك بصماتها على صحته المتراجعة، فانها تظل عاجزة - اذا حكمنا من خلال ما شاهدناه في باريس أخيراً - عن إخفاء تلك اللمسات الفاخرة التي تضع هذا المصمم الفرنسي في مكانة متمايزة عن عشرات من الاسماء الجديدة الساطعة الآن في دنيا الموضة والأناقة. ويتضح من المجموعة الجديدة ان إيف سان لوران ما زال يمتلك ناصية تصاميمه الباذخة، ولم يسقط في فخ الانجرار وراء الإثارة الطاغية كما يفعل العديد من المصممين الآخرين، الجدد منهم والقدامى. فالمرأة التي يريدها هي قمة الأناقة الكلاسيكية التي تزينها ايقاعات تشكلية ولمسات زخرفية هي التي تميز هذا التصميم عن الآخر. وسواء كانت الأزياء لهذه المناسبة أو تلك، فإن المرأة قادرة من خلالها على ان تؤكد شخصيتها المتمايزة والطاغية في الوقت نفسه. وأبرز ما لفت النظر في مجموعة إيف سان لوران الجديدة ان المصمم الفرنسي المخضرم استعاد أهم ما تفتقت عنه مخيلته الابداعية في العقود الأربعة الماضية، كالسترات المتوسطة الطول والسراويل ذات القصات المناسبة بهدوء والفساتين المنسدلة بارتياح... وكل ذلك في خضم زخارف ونقوش صاخبة الألوان اعتمدت الورود والزهور موتيفات أساسية لها. ولكن مسك الختام، كما في كل عروضه السابقة، كان التصاميم المخصصة للسهرات والمناسبات الاجتماعية الخاصة. فهنا تبرز روعة الأفكار التي يحملها إيف سان لوران للمرأة ذات الاطلالة الساحرة. وكانت الفساتين مكونة من طبقات متراكبة تزينها الكشاكش المنتهية بتطريزات دقيقة للغاية. التحية الحماسية التي لقيها إيف سان لوران في ختام عرضه الباريسي جاءت على قدر قيمة التصاميم المعروضة. لكن التساؤل الملح الذي يخطر على بال الجميع - وان لم يبوحوا به علناً - هو عن مستقبل الدار طالما ان السنوات بدأت تؤثر في صاحبها؟ غير ان حضور تلك السهرة الباريسية يكتفون - حتى الآن على الأقل - بمتعة مشاهدة الكلاسيكية الراقية في أروع مظاهرها!