ندّد المجلس النيابي اللبناني بشدة في توصية الى الحكومة اصدرها في ختام اجتماع للجان النيابية المشتركة خصص للتضامن مع العراق بپ"المعايير المزدوجة التي تتعامل بها الولاياتالمتحدة وبريطانيا ومن يؤيّد الخيار العسكري وسياسة الحصار المفروضة على اكثر من دولة عربية وإسلامية، تحت ستار ابداء الحرص على تطبيق قرارات مجلس الامن الدولي واستثناء اسرائىل من تطبيق القرارات الصادرة عن المؤسسة الدولية نفسها". ورفضت التوصية "مبدأ اللجوء الى القوة ضد العراق واستهداف منشآته"، وطالبت "باتاحة الفرصة للأمم المتحدة لقيادة ديبلوماسية هادئة في اطار معالجة المسألة العراقية". وأكدت "التمسك بوحدة الاراضي العراقية"، ودانت "العمليات العسكرية التركية وأي محاولة لإنشاء حزام أمن او منطقة عازلة في شمال العراق". كذلك دانت "التحالف العسكري التركي - الاسرائيلي باعتباره يمثل تهديداً مباشراً لأمن منطقتي الخليج والشرق الاوسط واستقرارهما". وطالبت بپ"رفع الحصار عن العراق وشعبه لانه يشكل ادانة وعقاباً في غير محلهما لشعب العراق لا للنظام المسؤول عن الحروب والتوترات". ودعت التوصية الاتحاد البرلماني العربي وجامعة الدول العربية الى "ممارسة الضغوط المناسبة لاتاحة الفرصة للشعب العراقي لانتاج نظامه السياسي الذي يلائم حرية اختياره". وختمت بالتأكيد على "علاقة المصير بين الدول العربية". وكان الاجتماع عقد قبل ظهر امس برئاسة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وتمثلت الحكومة بنائب رئيسها وزير الداخلية ميشال المر ووزراء الخارجية فارس بويز والدفاع محسن دلول والاعلام باسم السبع والاصلاح الاداري بشارة مرهج. وافتتحه بري بكلمة اكد فيها: "اننا نمر في مرحلة دقيقة وخطرة ليس على العراق فقط، بل على المنطقة كلها... واذا لم يكن هناك نية من العدوان لتقسيم العراق، كما يدور الحديث الآن، فسنة 1991 كان ثمن حرب الخليج اخذ العرب الى مدريد. والسؤال الذي يُطرح الآن، اذا وقع عدوان 1998 فإلى اين ستأخذنا الضربة؟ هل الى تل ابيب؟ ام عفواً الى القدس العاصمة الابدية لإسرائيل بين هلالين". وأعطى الرئىس بري بعد ذلك الكلام للنائب سامي الخطيب رئيس لجنة الدفاع النيابية فأشار الى "ان مصير الضربة للعراق سيتقرر خلال الايام الاربعة المقبلة اذ لا يمكن ان تبقى القوى العسكرية مستنفرة اكثر من اسبوعين". ورأى "ان الضربة قد يكون هدفها تقسيم العراق ليصل الى تقسيمات اخرى". ودعا الى "الوقوف مع الشعب العراقي والطلب من الحكومة العمل لتخفيف معاناته". وتكلم الوزير بويز فنفى "ان يكون ثمة اثبات على وجود فعلي لأسلحة دمار شامل في العراق، انما هناك تهم". وانتقد "حصر تشكيل لجنة الرقابة المكلفة البحث عن الاسلحة بالاميركيين والبريطانيين فقط، اذ ليس فيها اي عضو من الدول الاخرى الممثلة في مجلس الامن. واستمرت اللجنة في رقابتها بعد تدمير كل الاسلحة المحظورة ولم يظهر خلال السنوات الماضية مثل هذه الاسلحة ولكن لم يرفع الحصار. من هنا بدأ العراق يطالب بلجنة اكثر توازناً تضم اعضاء ممثلين لمجلس الامن، ومن ضمنهم السيد باتلر بصفته رئيساً للجنة المراقبة التقنية ووضعها تحت سلطة مجلس الامن لا الولاياتالمتحدة". وقال: "ان المشكلة انطلقت على نقاط ثلاث: هوية اللجنة وصلاحياتها وموضوع المباني الرئاسية اضافة الى ان المشكلة القائمة لم تطرح على مجلس الامن حتى هذه الساعة". ورأى بويز "ان موضوع لجنة الرقابة مخالف لمنطوق مجلس الامن ومفهومه لأنها من لون واحد". وقال: "ليس هناك اي اثبات على وجود اسلحة يبرر عملية عسكرية ... ان الاهم بالنسبة الينا ان كل هذه الطاقة لتنفيذ قرارات مجلس الامن نراها في العراق، فيما نعرف ان اسرائىل التي تملك نحو مئتي رأس نووي وثلاث محطات نووية، لا احد يستطيع اقناعها بتوقيع اتفاق الحد من انتشار اسلحة الدمار الشامل". وتابع ان "الولاياتالمتحدة التي مارست ضغطاً على كل دول العالم، وهي غير نووية، كانت عاجزة عن ممارسة هذا الضغط على اسرائيل". واشار الى "ان المساواة بالنسبة الينا في تنفيذ قرارات مجلس الامن والتوازن هو امر اساسي جداً لئلا تستعمل هذه القرارات استنسابياً ولأهداف سياسية مباشرة بعيدة كل البعد عن نيات مجلس الامن ورؤيته". ولفت الى "ان هناك محاولة لاضعاف الورقة العربية في شكل متعمّد على ابواب اي استحقاق سيطرح". ورأى "ان المفاعيل السياسية لما يحصل في العراق موجهة الى فرض حال سياسية جديدة على العرب في اي عملية سلام مستقبلية". واعتبر بويز "ان موقف الحكومة اللبنانية واضح، وهو رفض قاطع لأي تدخل عسكري، اذ انه غير مبرر ولم يحصل على دول اخرى تملك اسلحة الدمار الشامل". وأضاف: "ان موقفنا هو تشجيع كل المساعي السياسية والديبلوماسية ومشاركتنا في جزء منها مع الروس والفرنسيين لإيجاد حل سياسي لهذه المشكلة". وتمنى "ان تتم ادانة مطلقة لأي احتمال للقيام بأي عمل عسكري، وألاّ نوصي بمطالبة النظام العراقي بتنفيذ قرارات مجلس الامن بما يمكن ان يوحي كأن العراق لم ينفذ شيئاً منها بينما دمرت كل صواريخ السكود وعدد هائل من المصانع والمختبرات التي يمكن ان تنتج اسلحة دمار". وطالب بپ"تنفيذ قرارات مجلس الامن تنفيذاً متوازناً ومتساوياً يحفظ صدقية مجلس الامن، ولا يقتصر الموضوع على ان تستعمل قرارات مجلس الامن لأهداف ولغايات سياسية محصورة". وقال: "ان هناك محاولة اخيرة، هي محاولة زيارة الامين العام للأمم المتحدة كوفي أنان مدعوماً بمبادرتين روسية وفرنسية على رغم عدم تأكيدها الى الآن"، لافتاً الى "ان الولاياتالمتحدة ترفض اعطاء ضوء اخضر نهائي للقيام بهذه الزيارة بحجة انها تطالب بأن تكون الزيارة حاسمة وأن تكون مهمة أنان ليس ايجاد حل انما الحصول على التزام قاطع من العراق حيال تنفيذ حرفي لقرارات مجلس الامن". ورأى "ان مهمة انان هي الخرطوشة الاخيرة". وقال: "اذا حصلت العملية العسكرية فنحن نعتقد بأن هناك اهدافاً قد تكون موجودة وراء هذه العملية وهي غير ظاهرة". وبعدما عرض مفاعيل العملية اذا حصلت، رأى بويز: "ان الفوضى الاقليمية هي المنتظرة في هذا الواقع". بعد ذلك توالى على الكلام اثنان وعشرون نائباً ثم ادلى الرئيس بري بمداخلة انتقد فيها "الموقف البريطاني المتشدد والمتحمّس لضربة عسكرية اكثر من الادارة الاميركية". وأكد "ان النظام العراقي ليس مستهدفاً، وأكبر دليل الى ذلك كلام وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت امام لجنة الكونغرس، اذ اكدت ان في المرحلة الحالية ليس من الوارد تغيير صدام حسين او نظامه، وبررت ذلك بأنه يحتاج الى 500 الف جندي اميركي". وأضاف بري: "يقولون بالتقسيم، ويمكن انشاء شريط حدودي في شمال العراق". ورأى "ان الهدف لمصلحة اسرائيل اذ ان رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو يتهرّب الآن اكثر فأكثر، وبالتالي فقد يأتون بشروط اخرى، وجنوب لبنان ليس بعيداً منها، خصوصاً حيال التفسيرات الاسرائيلية الجديدة للقرار الرقم 425 اي انهم يمسحون هذا القرار". وشدد بري على "ضرورة تنفيذ القرار 425 وليست لنا علاقة لا بمفاوضات ولا بكلام، فلا تورطونا، وهذا القرار ليست له علاقة بالقرار الرقم 426"، مشيراً الى "ان الموقع القانوني من هذا الامر هو اتفاق الهدنة للعام 1949. هذا هو وضعنا القانوني لا اكثر ولا اقل". وأنهى: "لا يجوز لأحد اللعب بهذا الامر، فهذا موضوع مبتوت ومحسوم لدى الشعب وهذا هو موقف المجلس النيابي".