برأت لجنة تحقيق رسمية ساحة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو من أية مسؤولية عن فشل محاولة اغتيال مسؤول في "حركة المقاومة الاسلامية" حماس قامت بها الاستخبارات الاسرائيلية موساد السنة الماضية من دون أن تنتقد اختيار الأردن مسرحاً لعملية الاغتيال، موجهة بذلك ضربة ثانية للعلاقات "المتميزة" بين اسرائيل والأردن كما قالت مصادر اسرائيلية مختلفة. وأكد رئيس الوزراء الاسرائىلي مجدداً أمس ان اسرائيل ستتحرك حيثما ترغب ضد الارهاب برغم الانتقادات الموجهة الى محاولة اغتيال مسؤول فلسطيني في عمان. وقال نتانياهو للصحافيين بعد تلقيه تقرير لجنة التحقيق ان "سياستنا هي مكافحة الارهاب حيث نضطر الى ذلك". واعرب نتانياهو عن اقتناعه بأن القادة الأردنيين يتفهمون السياسة الاسرائيلية، وقال: "اعتقد ان هناك تفاهماً بيننا وبين الأردن حول أسلوب مكافحة الارهاب". وفي ما يتصل باحتمال تنحية الجنرال ياتوم، قال نتانياهو انه سيتخذ قراراً في هذا الشأن بعد ان يطلع على التقرير بمجمله. وأضاف: "إني أدعم ياتوم فعلاً. وأرى من المفضل ان أقرأ التقرير بأكمله حتى النهاية قبل ان أجيب على الأسئلة المتعلقة به". وأشاد نتانياهو بتقرير اللجنة التي عين بنفسه اعضاءها الثلاثة. وقال: "هناك محاولات لاتهام اعضاء اللجنة لأنهم وجدوا ان رئيس الوزراء تصرف بشكل صحيح، ومن جهتي اعتقد أنهم قاموا بعملهم بطريقة مسؤولة وجديرة بالثقة". وقالت اللجنة التي عينها رئيس الوزراء نتانياهو للتحقيق في القضية في تقريرها: "خلصنا الى أن رئيس الوزراء تعامل مع القضية بطريقة مسؤولة، وعلى هذا الأساس لا نجد أي شائبة في تصرفه الذي لم يخرج بأي شكل من الأشكال عن المعتاد في قضايا مماثلة في الماضي". وكشف التحقيق الرسمي الذي سلمته اللجنة أمس الى نتانياهو بصفته المسؤول الأعلى عن "موساد" عن عيوب أساسية في جهاز الاستخبارات الاسرائيلي "ساهمت في خلق التوجه الخاطئ" الذي اتسمت به العملية. واستناداً الى تقرير اللجنة الذي جاء في 90 صفحة فإن تنفيذ العملية والاستعدادات التي سبقتها شابها "الاهمال" وطغى عليها "عدم الاحتراف". وهزت عملية "موساد" الفاشلة في عمان صورة جهاز الاستخبارات الاسرائيلي محلياً وعالمياً بعد أن كانت اسرائيل تتباهى بمستوى احترافه في العمل ودقته في اصطياد أهدافه وتنفيذ مهماته في مختلف أنحاء العالم. وحذرت مصادر اسرائيلية من تجدد الغضب الأردني في ضوء تقرير لجنة التحقيق التي لم تخلص الى أن الاستخبارات ارتكبت خطأ باختيارها الأردن "أكثر البلدان العربية تقرباً الى اسرائيل" ساحة لتنفيذ عملية الاغتيال التي كان من الممكن أن تهز السلطة الحاكمة في عمان. وقالت المصادر ان الأردن أصيب ب "خيبة أمل كبيرة" من تقرير اللجنة التي امتنعت عن المطالبة باقالة رئيس "موساد" داني ياتوم على رغم تحميله مسؤولية فشل محاولة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" في الأردن خالد مشعل. وقال سفير اسرائيل السابق في عمان شمعون شامير للاذاعة الاسرائيلية ان اسرائيل وجهت ضربتين موجعتين الى الأردن، الأولى عند قيامها بتنفيذ محاولة الاغتيال الفاشلة على أراضيها وثانيها عندما "لم تكتف بما فعلت بل اعتبرت أنها تمتلك الحق في ذلك". وانتقد السفير الاسرائيلي السابق ما جاء في تقرير اللجنة عن عدم استبعاد تنفيذ عمليات مشابهة في الأردن في المستقبل وقال شامير "ان معاهدة السلام بين الأردن واسرائيل وقعت في العام 1994 لا تلزم الملك حسين بتطوير العلاقات مع موساد إلا أنه تجاوز كل المفاهيم المتبعة في هذا الشأن"، مشيراً الى ما أسماه ب "العلاقات المتميزة والناجحة بين جهازي استخبارات البلدين قبل توقيع المعاهدة". وكشفت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية في تقرير للمحلل السياسي المعروف زئيف شيف ان العاهل الأردني كان قد "أنذر" ساسة تل أبيب في وقت سابق أن العلاقات بين جهازي استخبارات البلدين "لن تعود كما كانت عليه ما بقي ياتوم في منصبه". وكانت محاولة الاغتيال الفاشلة اثارت غضب الملك حسين، الأمر الذي دعا اسرائيل الى اطلاق الزعيم الروحي لحركة "حماس" الشيخ أحمد ياسين و20 سجيناً فلسطينياً وأردنياً كانوا في سجون اسرائيلية مقابل الافراج عن عنصرين من "موساد" اعتقلتهما السلطات الأردنية. ووصف "شيف" العلاقة بين "موساد" والمخابرات الأردنية بأنها كانت "ممتازة". واعتبرت مصادر صحافية اسرائيلية ان نتانياهو لن يوصي بتنحية ياتوم في الوقت الحالي حفاظاً "على ماء وجهه" إلا أنها رجحت عزل ياتوم في الصيف المقبل. وقالت هذه المصادر ان نتانياهو قد يسعى الى اقالة ياتوم ليس بناء على طلب العاهل الأردني المتكرر بل نتيجة لضغوط العديد من المسؤولين الأمنيين الاسرائيليين الذين يريدون التخلص منه وعلى رأسهم رئيس الاستخبارات الداخلية شين بيت ووزير الدفاع الاسرائيلي اسحق مردخاي وآخرون استثناهم ياتوم عند اتخاذه القرار بشأن اغتيال مشعل.