الهوس بمصر القديمة يعود الى زمن بعيد في أوروبا، وكانت تسمية "نمط العودة من مصر" ساهمت في نشر الفكرة القائلة ان ظاهرة الهوس بمصر ولدت مطلع القرن التاسع عشر، بُعيد حملة نابليون بونابرت عام 1798. إلا ان هذا التيار ظهر في العصور الرومانية، ذلك ان الارستقراطية الرومانية، خصوصاً في عهد شيشرون الذي أحبّ الآثار واقتناها، كانت تجمع التحف المصرية مقيمة صالات عرض عامة في بيوتها. وبعد ذلك بكثير، وخلال عصر النهضة الايطالية، كانت القطع الاثرية المصرية مطلوبة لجمالها وتستعمل كنماذج للفنانين. وفي القرن الثامن عشر، سيطر النمط المصري فعلياً في جميع المجالات الفنية. وفي باريس، الهوس بمصر القديمة موجود منذ القرن السادس عشر ويعشّش في كل مكان: عند مداخل المباني وعلى العواميد والافريزات والواجهات، وفي الساحات العامة والمدافن الكبرى، وحتى في شعار مدينة باريس حيث "ايزيس" المصرية تنتصب على مقدّم سفينة. ومن أشهر معالم باريس "مسلّة الاقصر" التي تحتلّ وسط ساحة الكونكورد منذ العام 1836، وكانت هدية من محمد علي الى فرنسا. وهذه المسلّة فريدة لأنها أصيلة لكنها ليست الوحيدة، فالمسلات المزيّفة تنتشر في العاصمة الفرنسية الى جانب عدد كبير من الاهرامات وتماثيل ابو الهول كتلك التي تزين نافورة ساحة "شاتلي" في الدائرة الرابعة والتي وضعت عام 1828. عن هذا الهوس الباريسي بمصر القديمة، يقدم "المتحف الوطني لجوقة الشرف" في باريس معرضاً يستمر حتى 12 نيسان ابريل المقبل ويقدّم التحف والصور الفوتوغرافية والرسومات والمحفورات واللوحات المجسمات… وكل ما يشهد على الشغف الغربي بالآثار الفرعونية. وبالاضافة الى كاتالوغ وافر عن "مصر في باريس"، يقدم المتحف خريطة عن "النزهات المصرية في العاصمة الفرنسية، من حديقة "مونسو" الى حدائق "تويلوري" الى ساحة "شاتلي" الى ميدان "شان دو مارس" الى شارع "سيفر" وساحة "القاهرة" ومقبرة "بيرلاشيز".