لا تزال قضية اقامة "نصب ابادة اليهود" في برلين وحجم هذا النصب أو شكله ومكانه تثير ردود فعل واسعة في ألمانيا، بعد الرسالة المفتوحة التي بعث بها 19 مثقفاً وفناناً ألمانياً الأسبوع الماضي، بينهم الكاتب الألماني غونتر غراس، وطالبوا فيها بتأجيل موعد إقامة النصب الى موعد يتفق عليه لاحقاً. فبعدما حيا رئيس حكومة الولاية ايبرهارد ديبغن الرسالة معتبراً انها تمثل "موقفاً جاداً"، وبعدما رأى رئيس الكتلة النيابية للحزب الديموقراطي المسيحي الحاكم في الولاية كلاوس لاندونسكي ان من الأفضل تأجيل موعد اختيار النصب المرشح الشهر المقبل، أدلى رئيس الجماعة اليهودية في برلين اندرياس ناخاما أمس بدلوه أيضاً في النقاش الدائر ودعا بدوره الى عدم الاستعجال لأن الوقت لم ينضج بعد لاقامة النصب، على حد قوله. ويأتي موقف ناخاما مفاجئاً تماماً، خصوصاً ان رئيس المجلس اليهودي في ألمانيا ايغناتس بوبيس أعلن أول من أمس انه ضد أي تأجيل لموعد اختيار النصب من بين أربعة عروض مقدمة. وكانت المبادرة الى اجراء مسابقة النصب ليا روش انتقدت بشدة رسالة المثقفين والفنانين الألمان معلنة عن دهشتها وصدمتها لما احتوته. ووجهت النقد بشكل أساسي الى الكاتبين غونتر غراس وفالتر يانس مشيرة الى انهما كانا الأكثر حماساً في البداية لمشروع النصب، وكان الأخير عضواً في لجنة التحكيم التي قومت العروض الأولى للنصب قبل عامين. وأضافت تقول: "اما ان يانس وغونتر لم يعرفا على ماذا وقعا وماذا يدعمان وإما انهما لا يعرفان ذلك اليوم". ورد الكاتب يانس على ذلك بالقول انه يرفض النصب اليوم لأن عروض النصب الجديدة تقنعه بدورها، وتابع يقول: "بعد عملية تفكير طويلة توصلت الى الاقتناع بأنه من غير الممكن اقامة نصب مناسب يمكن ان يذكر بملايين الأعمال الاجرامية التي وقعت". وحدد ناخاما موقفه من النقاش الدائر قائلاً: "ان التصور الحالي عن النصب لم ينضج بعد، والوقت أيضاً لم ينضج بعد". ووضع رئيس الجماعة اليهودية في برلين ثلاثة شروط للموافقة على اقامة النصب، هي ايجاد مكان يكون في حجم مقبرة كبيرة يسود فيها الهدوء، وان يكون النصب بمثابة نواة تجلب الزائرين اليه، وان يكون المكان مفعماً بالتاريخ.