1 - هادي العلوي عن المدينة الفاضلة يتقشّرُ عنكَ لحاؤكَ: حربٌ ومراثٍ وبقايا جسدٍ ملتاثٍ بالذلِّ وبالتعذيب. ولكي تتملّصَ من جثثٍ هي نسجُ ردائكَ، صرتَ صفيَّ الصوفيينْ: بيتٌ من طينٍ ذاكرتي، ومخيلتي بيتٌ من طينْ. وأنا عرّافٌ خُصَّ بجرحِ بلاده. بالنزفِ اذا اصغيتُ، وبالسكينْ ان شئتُ الرؤيا. * ولذا عزّيتَ النفسَ بتقوى "الحقْ". وبنيتَ مدينتك الفاضلةَ من "الأبدالْ". وأخترتَ الهفوةَ في الزمنِ المحدود لتفلتَ للمطلقْ. ونسيتَ، بفعل عزاءِ النفس، عراءَ النفس. وبفعلِ "الأبدال"... الاوحالْ. وبفعلِ "الحق" الخلق. * في الماضي، حيثُ تجلّت آخر كوكبةٍ لفضائلنا في ليلِ الحكمة. في الماضي، حيث تعرّت عند غدير الحكمةِ سيدةُ الاوهام. في الماضي، حيث يلوح الماضي مسحوراً بكتابه. أبصرتكَ مكترثاً في وحشة غابْ تتوعّدُ بالسبابة اقداراً وتهشُّ ذئاباً بكتابْ وتغذّ السير! دمشق 29/12/1997 2 - سعدي يوسف عن انتظار الفجر ما الذي حلَّ بالفجر؟! إني أُشتتُ ريحاً لكي يفلتَ الخيطُ! استدرجُ الحلمَ فوق السرير المهاجر! أقتادُ أعمى يعلّمني حرفةً! وأساومُ في السوقِ بين المهرج بي والمشرَّدِ! طوبى لكلِّ الذينْ اسلموا صوتَهم لليقينْ. ولأكنْ في انتظاري. أتخبّطُ في سُحنةٍ تشبه الفجرَ. هذا خياري. يا نديمي، ويا نديمَ الثريّا، ما لكأسٍ يحلُّ مرَّ المذاقِ، بين كفّي ورغبةٍ باغتباقِ! أنفضُ الثوبَ عن بقايا رمادٍ ساقطٍ من توهّجي واحتراقي! وأُلبّي، وإنني أوهمُ النفسَ، نداءً يطلُّ من شفتيّا، سائلاً عن موسوسٍ، كان حيّا في ثيابي: نعمْ، وما زال حيّا. يتحاشى ليلاً بكفّين، شُدّت عروةُ الليلِ فيهما بوثاقِ. آه من رغبةٍ تحاول شيّا! علَّ فجراً يحنو عليها، نديّا! دمشق 24/12/97 3 - حسب الشيخ جعفر عن الحاضر الذي لا ينتسب لمكان الصدفةُ تحشو أيامي بالقطن، فأصنع من قطن الايامْ ركناً وسريراً لصديقي الشاعر. والصدفة أجرأ من عصفورْ، يتحيّنُ فرصةَ ان يرتادَ فضاء غير فضائه. ولذا اطلقتُ جناحيها كي تعبثَ في الركنِ المهجورْ من سكن صديقي الشاعر! * وصديقي الشاعر لا يكترث لغير الكأسْ وبقايا امرأةٍ دثرها ببياض الرأسْ! ولأن البردَ وشيك، غادر بيت صفيح في "عمّانْ". واحتالَ على ماضيه بحاضر لا ينتسبُ لأيّ مكانْ. "فثيابي حصني"، قالَ. وجسّ الكأسَ بحضن الكفْ، "كالساعد يحضن خصراً!!" ثم أحاط بها وألتفْ. * وصديقي أحسنَ صنعاً حين احتال على دنياه. ف "عراقُ" أبيه اهترأ، و"نخلتُه" ما عادت من نخلِ الله. أودت بهما الكلمات العورْ، وقصائدُ اخوته الصارخة بوجه الجدي المذعور أنْ يتجلّدْ في مسلخهِ. ان لا يرتدْ عن مسلخهِ. ان يشحذَ سكينَ الجلاد بعظام الرقبة * لا تُحصِ القتلى، بل إحصِ القتلة في كلِّ قناع مصنوعٍ من كلماتِ: سترى قفّازاً أسود او تسمعُ نزفاً لا ينفد ولذا، كنْ مثلي، مثل جميع الجوّالين وراء حدود الوطن - الفكرة. نختبرُ الوطنَ المحترقَ بنا، وسخامَ الوجه بأصابعنا، كي لا نُخدَع أو نَخدع. عمان 5/12/1997