الى الشاعر خليل الأسدي هبطنا إليكِ، وفي الرّوحِ يرعى الهُيامُ ، تراودنا صورةُ الزمن المتغاوي الذي كانَ، بستانَ خسٍّ بكرَّادةِ الماءِ، حيث الحساسينُ في ظِلةِ السِّدْرِ أو في شَجَراتِ الطريقِ، تردِّدُ أغنيةَ العابرينَ الجميعُ بتلك الصيوفِ، يجيئون محتلمينَ برائحة الغَرَبِ القصبيِّ وزاوية السَّيْسَبانِ المُبللِ بالأمنياتِ، وكان الجميعُ، يُنيمُ الغِوى في يديهِ، يُهدهدُهُ طفلةً من رحيقٍ، بأرجوحة من ندى، يرتعي في هواها الحنانُ القديمُ، لكرّادةٍ لا تنامُ، تظلُّ الى الفجرِ، صاحيةً بين عائلةِ الطيرِ والتوتِ والنَهَرِ المستفيضِ، من الراهباتِ بمدرسةٍ، يحضنُ النخلُ أسوارها والهزارُ المدللُ بين الحدائقِ، حتى يسوعَ، فمريمُ تحنو على الطفلِ، في الحائطِ الخزفيِّ المُرقَّشِ بالشَّذرِ والتركوازِ البنفسجُ حاضنةٌ ليسوعَ غدا، وغدا البلبلُ البلديُّ هو المتحكِّمُ في مِذودٍ للوليدِ، غدا الطيرُ في أغصنِ السِّدْرِ ساقي المحلةِ في حانةِ الليلِ، حين تطلُّ على ماءِ نافورةٍ، تتدفَّقُ من نهدِ جاريةٍ، اسمها قهرمانهْ فلي في الحواري وفي كلِّ مقهىً وحانهْ نديمٌ ورنة كأسٍ ولي صفحاتُ الكتابِ الذي يتصفَّحهُ في النهارِ الهواءُ ولي صفوةُ من أنيسينَ، قرب مصائفِ لبنانَ، ذاك الأثير لنا في المواضي من السنواتِ، هنالكَ أيامَ نمضي الى الحبِّ في المنزوى الرَّطبِ حيثُ الظلالُ النديِّة تقطرُ... كرَّادةُ الماءِ أنتِ، وأنتِ بُنَيَّاتُ نَعشٍ، بجانبنا تتهادى لتؤنسَ ليلتَنا والأباريق ، كأسَ المُدامِ المُداومِ وقتَ الظهيرةِ... يا موئلَ الحاطبينَ الكلامَ، أيا بلدةَ النَّبْقِ يا نخلةَ الأشرسي وطيور الخضيري لقالقَ سيِّدِ ادريسَ والقِبَبِ الذهبيِّةِ، مني إليكِ سلاماً. لندن 14 - 7 - 2016