احتفل لبنان امس بعيد شفيع الطائفة المارونية مار مارون. فأقيمت الصلوات في مختلف المناطق وألقيت عظات ركز معظمها على دور الموارنة وتاريخهم العريق في لبنان، وذكر بمبادئ سياسية واجتماعية ووطنية. في كنيسة مار مارون في الجميزة، ترأس رئيس اساقفة بيروت المطران بولس مطر قداساً احتفالياً رسمياً حضره رئىس الجمهورية الياس الهراوي ورئىس المجلس النيابي نبيه بري، ومثل وزير الداخلية ميشال المر رئىس الحكومة رفيق الحريري الموجود في ماليزيا، اضافة الى عدد من الشخصيات السياسية والديبلوماسية والعسكرية، والسيدتين صولانج بشير الجميّل وستريدا سمير جعجع. وألقى المطران مطر عظة لفت فيها الى عدد من الملاحظات، مذكراً بما أوصى به الإرشاد الرسولي. ودعا الى "التشبث بالحرية، اي حرية المواطن والوطن في آن. الحرية التي تصل في نضجها الى صوغ مشروع حياة او مشروع وطن تجد نفسها فيه وتتجنّد للعمل على تحقيقه". وطالب "بحوار رصين يدرس كل القضايا العالقة والمشاريع المطروحة في اطار الاحوال الشخصية وسواها، ويجسّد في نتيجتها متطلبات الحرية عندنا في مواد الدستور على مقدار قبول الشعب لها، فيكون دستورنا كما الحياة، كياناً قوياً ومتجدداً على الدوام. اما التزام الآخر والتضامن في ما بيننا، فهما تحقيق للذات الجماعية، وضمان لبلادنا في وحدتها ومسيرتها نحو الافضل. فالمواطن لا يستطيع ان يكون حراً سعيداً فيما غيره من ابناء الوطن يشقون ويتعسون". وأضاف: "اننا نحمد الله ان قضية التضامن بين جميع اللبنانيين قطعت شوطاً بعيداً على صعيد الفكر والشعور، إذ لا نجد اليوم لبنانياً لا يشعر باحتلال أرض وطنه في الجنوب والبقاع الغربي او بمرارة التهجير التي يتكوى بنارها المهجّرون، وخصوصاً حين يطرد البعض منهم من مآويهم بموجب احكام قضائية في حين يتعذر عليهم الاحتكام الى القضاء ليسترجعوا بيوتهم وأملاكهم التي هجّروا منها". وتوقف مطر عند الوضع المعيشي وحالات العوز، وقال: "لكننا ملزمون القول مع الأسف ان هذا التضامن الشعوري لم يصل بعد الى تضامن فعلي كامل، ولا الى تضامن يمارسه المجتمع كله ممارسة عقلانية واعية، ويفرضه القانون فرضاً عبر ضرائب عادلة تعيد توزيع الثروة العامة لمصلحة الفقراء اولاً". وأضاف: "ان الارشاد الرسولي للبابا يوحنا بولس الثاني لفتنا الى كل هذه الامور، وأوصانا بنقلة نوعية تنطلق من المصالحة الكاملة بين جميع اللبنانيين، ومن مد الجسور حيثما انقطعت، فلا تبقى في الوطن جزر محاطة بالإهمال او اللامبالاة، ونتقدم نحو بناء مجتمع عصري يتضامن فيه الجميع بمحبة واحدة والتزام كامل". ورأى "ان الدستور كرّس من جديد وحدة الارض والشعب والمؤسسات، إلا ان هذا التكريس القانوني لن يتجسد على ارض الواقع بأبعاده ومعانيه كاملة، ما لم تولد وحدة حقيقية بين الناس في تأمين مصالحهم وتكاتفهم من اجل تأمينها". وقال: "نحن لا نخشى وجود طوائف روحية عدة بل ما نخشاه ألا تظهر امام الناس وحدة حياتهم وضرورة تضامنهم في السراء والضراء". وتقبل الرئىسان الهراوي وبري والوزير المر والمطران مطر التهاني بالعيد. وأقيمت في المناطق قداديس حضرها ممثلون عن الرؤساء الثلاثة وألقيت عظات تناولت الاوضاع الراهنة، ووجّهت الدعوات الى "الموارنة المقيمين والمغتربين، لأن يكونوا الملح والنور والحنطة المزروعة في ارض لبنان الطيبة". وشددت على "الديموقراطية والحرية واحترام العدالة الاجتماعية". وأعرب بعضها عن "الخوف على الصيغة اللبنانية الفريدة من الاهتزاز بفعل ما يخطط وما يحاول البعض ان يفرضه على الآخرين من تهميش". وأقامت الجالية المارونية في بلاد الاغتراب قداديس في هذه المناسبة.