انتقل الرئيس بوريس يلتسن من المستشفى الى الكرملين بضعة ساعات امس الاثنين ليعلن أكبر حركة مناقلات في قيادة الديوان الرئاسي ويعود مرة ثانية الى أطبائه. وفي غضون ثلاث ساعات أمضاها الرئيس في مكتبه قرر اقصاء مدير الديوان الرئاسي فالنتين يوساشيف الذي يعد من أكبر الأقطاب في السياسة الروسية وثلاثة من نوابه. وكلف سكرتير مجلس الأمن القومي نيكولاي يورديوجا ان يجمع بين وظيفته والإشراف على الديوان. ووصف سياسيون كثيرون هذه القرارات بأنها "مفاجأة". واعتبروا ان هدفها الأول والأساسي البرهنة على ان رئيس الدولة "ما زال موجوداً". وذكر الناطق الرسمي باسم الرئيس دميتري ياكوشكين ان يلتسن انتقد وزارات "القوة" وقيادة الديوان. وقال ان "الأمور لا تسير كما ينبغي"، خصوصاً في مجال مكافحة التطرف السياسي والفساد والاجرام والنزعات الانفصالية. وبموجب مراسيم صدرت أمس، اعفي يوساشيف من منصبه وعين مستشاراً للرئىس. وعزل نوابه: يوري ياروف ويفغيني سافوستيانوف، وميخائيل كوميسار. ويعد يوساشيف من أهم اللاعبين على المسرح السياسي. وكان وثيق الصلة بيلتسن وعائلته منذ ان تولى كتابة "مذكرات الرئيس" وصار مديراً للديوان قبل سنتين. وحولت مهام يوساشيف الى نيكولاي بورديوجا الذي كلف ايضاً التحضير لجلسة طارئة يعقدها مجلس الأمن القومي للبحث في "اجراءات تأمين الاستقرار للمجتمع والدولة". وذكر ياكوشكين ان يلتسن طلب من بورديوجا اتخاذ "موقف صارم جداً" لمكافحة الفساد في الأروقة العليا للسلطة. إنذار لبريماكوف؟ ورغم ان السكرتير الصحافي أكد ان الاجراءات الأخيرة لا تعني "انتقاداً" لرئيس الوزراء يفغيني بريماكوف، فإن رئيس كتلة "روسيا بيتنا" الكسندر شوخين، اعتبرها "ناقوس خطر" للحكومة. واضاف ان "رؤوساً كبيراً قد تسقط" في حال فشل السلطة في حصر التضخم ووقف انهيار الروبل واخفاقها في الحصول على قروض اجنبية. واجمع المراقبون على ان يلتسن العاجز عن المشاركة في معالجة الأزمة الاقتصادية ووقف الاستياء من "الاصلاحات" يحاول ان يتظاهر بوجود "تحرك" من خلال المناقلات في قمة هرم السلطة. واسترعى الانتباه ان الرئيس قرر ان يتولى المسؤولية المباشرة عن وزارة العدل وشرطة الضرائب وهما آخر مؤسستين تملكان تنظيمات مسلحة ظلت تحت اشراف رئيس الوزراء لغاية امس. صراع داخل الكرملين والى ذلك، فإن المراسيم التي صدرت أمس تعني ان الصراع انتقل الى داخل أروقة الكرملين، فمن المعروف ان يوماشيف المتحالف مع البليونير بوريس بيريزوفسكي ايد كتلة "روسيا بيتنا" وفقد موقعه، في حين احتفظ بالمنصب نائبه اوليغ سيسويف الذي دعم تكتلاً يمينياً راديكالياً يقوده رئيس الوزراء الأسبق يغور غايدار وحليفه اناتولي تشوبايس. وذكر سيسويف امس أن التغييرات "ليست الأخيرة"، واضاف ان يلتسن يريد تعزيز السلطة الرئاسية والتصدي لپ"التطرف والانفصالية والنقاشات الخارجة عن اطار الدستور". ومعروف ان سيسويف يؤيد فكرة حظر الحزب الشيوعي واتخاذ اجراءات صارمة ضد المعارضة اليسارية والقومية. يذكر ان الرئيس الروسي الذي يمضي غالبية اشهر السنة متنقلاً بين المستشفيات والمصحات، يشرف مباشرة وشخصياً على الوزارات والهيئات التالية: الدفاع والأمن والداخلية والخارجية والدفاع المدني والاستخبارات الخارجية والضرائب وهيئة حماية كبار المسؤولين وهيئة الاتصالات الحكومية ومديرية البرامج الخاصة واللجنة التكنولوجية ولجنة السلاح الكيماوي والبيولوجي. وألحقت بهذه القائمة امس وزارة العدل وشرطة الضرائب.