كلمة رثاء قصيرة عن الديبلوماسي العراقي عدنان رؤوف الذي توفاه الله الأحد الماضي في قبرص. التقيت بعدنان رؤوف للمرة الأولى في بيت الفنان الراحل جواد سليم في محلة الفضل ببغداد خلال الحرب العالمية الثانية 43 - 1944 على وجه التحديد. كانت تربطني بجواد سليم صداقة بدأت عندما تعرفت عليه بواسطة صديقي طفولته نزار علي جودت الأيوبي وخلدون ساطع الحصري وكنت أقضي مع المرحوم جواد امسيات كثيرة في ذلك الوقت نتحدث عن شؤون الفن والحياة والسياسة. وفي احدى تلك الامسيات وبينما كان احد افراد الجيش البولوني المرابط في العراق يعزف على البيانو مقطوعات من موسيقى فردريك شوبان تعرفت على شاب لم يبلغ العشرين من عمره اسمه عدنان رؤوف وأعجبت باهتمامه بالأدب والفن وبسعة اطلاعه. مرت الأيام وأصبحنا زملاء في السلك الديبلوماسي العراقي ومن حسن الحظ ان عدنان رؤوف عين مستشارا في بعثة العراق لدى الأممالمتحدة عندما كنت سفيراً وممثلاً دائما فكان ساعدي الأيمن وكلفته بكثير من المهمات وخصوصاً في لجنة تصفية الاستعمار الذي لعب فيها العراق دوراً رئيسياً. ورشحته عضواً في لجنة الاممالمتحدة لتقصي الحقائق في المستعمرات في افريقيا ومنطقة المحيط الهادي ونجح نجاحاً باهراً في هذه المهمة. وساعدني كثيراً عندما كنت اعالج قضية فلسطين وآثار العدوان الاسرائيلي عام 1967 في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، وعندما قدمت استقالتي من وظيفتي في مطلع عام 1969 تركت الممثلية العراقية في الأممالمتحدة بعهدته فأدارها بكفاءة. عيّن لاحقاً في سكرتارية الأممالمتحدة وكان آخر منصب شغله المدير التنفيذي للجنة الاقتصادية الاقليمية لغرب آسيا بلاد المشرق العربي قبل ان يلم به المرض الذي كافحه بشجاعة وعزيمة فائقتين. يمثل عدنان رؤوف احسن ما في العراق، الذكاء والعلم والثقافة والوفاء والصدق.ة