شهد القطاع الزراعي السعودي منذ الثمانينات دعماً غير محدود من الحكومة تمثل في تقديم أسعار تشجيعية لمزارعي القمح. إلا أنها عادت وخفضت الدعم في إطار سياسة تهدف الى تنويع الانتاج الزراعي والاكتفاء بزراعة حاجة البلاد من القمح مع صرف النظر عن فكرة تصديره إلى الخارج. وفي هذا السياق خفض سعر شراء القمح الى 1500 ريال 400 دولار للطن الواحد، كما سمح أخيراً للقطاع الخاص باستيراد الحبوب بالتزامن مع رفع الدعم عنها نهائىاً. مستحقات المزارعين وشهدت السنة الجارية وضع اللمسات النهائية على ملف مستحقات المزارعين الذي تنوي الحكومة السعودية اقفاله بعدما باشرت منذ عام 1995 في معالجة متأخرات قدرت آنذاك بنحو ثمانية بلايين دولار. ويعتقد السيد عبدالله المنقاش رجل الأعمال السعودي المتخصص في الزراعة أن الدعم المقدم لمزارعي دول الخليج يعتبر قليلاً مقارنة بالدول الأخرى، وخفض هذا الدعم في صورة تدرجية سيحد من آثاره السلبية الكبيرة على القطاع الزراعي، مشيراً إلى ان تطبيق اتفاق منظمة التجارة الدولية في الدول الاخرى المصدرة للسلع الزراعية سيحد من الاعانات الكبيرة والدعم والحماية المقدمة من هذه الدول لمزارعيها، ما سيؤدي إلى رفع أسعار المنتجات الزراعية المصدرة منها. المنتجات المستوردة وتوقع منقاش ارتفاع أسعار المنتجات المستوردة بعد تطبيق اتفاق منظمة التجارة الدولية على جميع الدول المصدرة والمنتجة ما سيحفز الانتاج المحلي وانتاج سلع لم تكن تنتج سابقاً بسبب ارتفاع الكلفة وانخفاض سعر البيع، وبالتالي سترتفع الأسعار، مضيفاً انه ينبغي مراقبة الانتاج الزراعي السعودي وتحسينه ليصل إلى مستوى المستورد أو أفضل منه لأن الاسواق المحلية ستصبح مفتوحة والأسعار متقاربة بسبب اتفاق منظمة التجارة العالمية. إلى ذلك، تشير المصادر الرسمية السعودية الى الاتجاه نحو تخصيص المؤسسة العامة لصوامع الغلال السعودية وتحويلها الى شركة مساهمة وذلك بعد نحو 27 عاماً من تأسيسها كمرفق حكومي يتولى اقامة مشاريع الصوامع وتخزين محاصيل القمح والشعير وتسلمها من المزارعين السعوديين اضافة الى استيراد الشعير من الخارج لسد النقص في السعودية وبيعه بأسعار مدعومة. الدعم الحكومي ويرتبط الاتجاه بتخصيص المؤسسة بالتطورات الاخيرة التي صاحبت أعمال المؤسسة، ومن أهمها رفع الدعم الحكومي عن الشعير والسماح للقطاع الخاص باستيراده عقب تراجع أسعاره في الأسواق العالمية، وكذلك خفض انتاج القمح المحلي الى مستويات تتلاءم مع حجم الاستهلاك المحلي. وتتوقع مصادر ان تمهد هذه الخطوة نحو التخصيص الطريق نحو رفع الدعم الحكومي عن القمح في مرحلة لاحقة وبالتالي أن يكون الانضمام إلى منظمة التجارة الدولية مفتوحاً وسهلاً. وأقرت السعودية تطبيق نظام الرزنامة الزراعية مع الدول التي تشترط تطبيقها وفق مبدأ المعاملة بالمثل، وتطبيق المواصفات والمقاييس السعودية على جميع المنتجات الزراعية المستوردة بهدف حماية المنتجات المحلية، خصوصاً التي تحقق فيها الاكتفاء الذاتي. ويعني تطبيق الرزنامة الزراعية ان اي منتج زراعي أو حيواني ينتج محلياً وأصبح يغطي الاسواق إلى درجة وجود فائض عن الاستهلاك في شهر أو موسم معين يتوقف استيراد مثله في هذه الفترة من أجل الحماية. ويأتي هذا التوجه بعد تزايد شكوى المزارعين السعوديين من الخسائر التي تكبدوها خلال الأعوام القليلة الماضية والتي بلغت نسبتها عند بعض المزارعين اكثر من 50 في المئة في بعض المواسم بعدما اضطروا الى البيع بأسعار تقل عن نصف الكلفة. كما يأتي هذا التوجه بعدما أوشكت السعودية على الاكتفاء في معظم الناتج الزراعي. ففي قطاع الاسماك وصل الانتاج المحلي الى أكثر من 70 ألف طن سنوياً، ووصل انتاج الخضر إلى 7،2 مليون طن، والفاكهة الى مليون طن، اضافة الى تزايد الانتاج في الحبوب واللحوم والالبان ومشتقاتها. يشار الى ان القطاع الزراعي السعودي حقق معدلات نمو متصاعدة، إذ بلغ النمو السنوي خلال الفترة من 1969 إلى 1995 نحو 6،8 في المئة، الأمر الذي زاد اجمالي الناتج المحلي للقطاع الزراعي ليبلغ 31 بليون ريال 3،8 بليون دولار، وفقاً لاحصاءات ادارة الدراسات الاقتصادية والاحصاء في وزارة الزراعة السعودية.