دانت محكمة التمييز في بروكسيل أمس الصناعي الفرنسي سيرج داسو بتهمة الرشوة وأصدرت بحقه عقوبة السجن سنتين مع وقف التنفيذ، في اطار عقد وقعّته "الشركة الفرنسية للمعدات الالكترونية" وهي واحدة من مجموعة الشركات التي يملكها، سنة 1989 مع السلطات البلجيكية. وقد توفي معظم الشهود وأحدهم سوري لذا تعذر على القضاء التحقق من اقوال داسو. ودانت المحكمة أيضاً زعيم الحزب الاشتراكي البلجيكي الفرانكوفوني في حينه غي سبيتايلز، ووزير الدفاع البلجيكي في حينه غي كويم بتلقّي رشاوى من داسو لقاء تسهيل ابرام العقد مع شركته. وأفادت المحكمة بأنها لم تقتنع بأقوال داسو "الذي زعم ان لا علاقة له بالرشاوى" التي حصل عليها وزراء ومسؤولون بلجيكيون، في الحزبين الاشتراكيين الفرنكوفوني والفلامنكي، وتقدّر قيمتها بحوالي 15 مليون فرنك فرنسي. ومثل داسو في أيلول سبتمبر الماضي أمام القضاء البلجيكي ونفى امامه تهمة دفع الرشاوى التي نسبت اليه. وبلغت قيمة العقد الذي وقعته "الشركة الفرنسية للمعدات الالكترونية" سنة 1989، وحمل اسم "كاراباس" بليون فرنك فرنسي، ونصّ على تزويد سلاح الجوّ البلجيكي بأنظمة حماية الكترونية لمقاتلاته "اف 16". ولم تحط بهذا العقد أي شبهة حتى 1991، حين بدأ القضاء البلجيكي يحقق في حادثة اغتيال رئيس الوزراء السابق رئيس أحد الحزبين الاشتراكيين اندريه كولز، اذ عثر المحققون على أرقام حسابات سرية عائدة لكولز، ويعتقد ان الاموال التي حصل عليها من داسو أودعت فيها. ومنذ بداية القضية نفى داسو أي شأن له بالرشاوى وأكدّ في أكثر من مناسبة أنه ضحية عملية "احتيال"، وأنه رفض التعامل مع مبعوثين للاشتراكيين البلجيكيين حاولوا الاتصال به للحصول منه على عمولات لقاء عقد "كاراباس". لكنه أشار الى أن بعض هولاء المبعوثين توجه لاحقا الى والدته مادلين داسو التي قدّمت اليهم 15 مليون فرنك من حسابها الشخصي الذي يحمل اسم "سوفي" ويديره الرجل الثالث في مصرف "كريديه سويس" في جنيف بيار دو - بروكار. الشهود ويتعذّر على القضاء البلجيكي التحقّق من هذه الأقوال لدى دو - بروكار الذي توفي في ايلول سبتمبر 1995، فيما كانت والدة داسو توفيت عام 1992. واعتبر القضاء البلجيكي ان داسو استخدم الحسابات المصرفية السويسرية العائدة الى الصناعي السوري محمد بشري، لتحويل الرشاوى الى الاشتراكيين في بلجيكا. لكن بشري توفي في حادث سير، في حين ان القائد السابق لسلاح الجو البلجيكي جاك لوفيبر، أقدم على الانتحار بعد ورود اسمه في اطار هذه القضية. وتوقف القضاء ايضا حول الدواعي التي حملت مادلين داسو تلقائيا الى تقديم مبلغ 15 مليون فرنك الى الاشتراكيين البلجيكيين. وأشار الى أن لديه ما يدل على أن سيرج داسو لجأ بنفسه الى أساليب ملتوية لمنع المحققين من التعرف الى هوية صاحب الحساب المصرفي الذي يحمل اسم "سوفي".