"لعل احتفالنا اليوم لتكريم الإبداع الفلسطيني هو احتفاظ بما فينا من شبق الى استرداد حياتنا الطبيعية من حالة الطوارىء التي صاحبت كل نشاطنا الثقافي"، بهذه الكلمات استهل الشاعر محمود درويش مداخلته مفتتحاً الحفل السنوي الثاني لتوزيع جوائز فلسطين في الآداب والفنون والعلوم الإنسانية للعام 1998 وقد أقيم في جامعة النجاح في مدينة نابلس وحضره الرئيس ياسر عرفات وسلم الفائزين جوائزهم. وقال درويش: "هل في الأمر مفارقة؟ ربما في الوقت الذي يضطرب فيه المجتمع في خضم هذه المرحلة الانتقالية بين ما يريد أن يكون وما يراد له أن يكون، بين حلمه المفتوح وواقعه المحاصر، يسعى الإبداع الى خوض نوع من الصراع الذاتي على اختبارات استراتيجية الجمالية التي لا ترهن حياتها للراهن والانتقالي"، وأضاف الشاعر "ليس هنالك فاصل حاد بين الماضي والحاضر كي يسأل الكثيرون ماذا سنكتب بعدما صار لنا وطن. لقد كان لنا دائماً وطن وكان دائماً لنا منفى في الوطن، فأن يفتقر أحد إذا الى الألفة مع موروثات موضوعاته". وقال "ان ما نفتقر اليه هو اتقان المهنة لنعرف حدود الفارق بين ما يقوله الهدف وما يقوله البرنامج وكي ندرك شبقية العلاقة بين الذات والموضوع وحرية انسانيتنا في سرد حكايتنا بضعفها وقوتها بخوفها وبنزوعها الطبيعي الى محاكمة ذاتها بحرية، فالوطن ليس صنماً ليعبد أو يكسر زانه حقل للعمل وقابل للمساءلة المتبادلة بإعلان كمية العمل المبذول فيه وبمعيار ما يوفر للمواطن من كرامة وحرية". وأضاف "ولعلي أجرؤ على القول أن الإسراف في مديح الوطن في الوطن هو شكل من أشكال هجاء المواطن كما ان الإفراط في التذمر في الوطن هو درب من دروب مديح العبودية". وتحدث برويش مطولاً في وقت آثر فيه الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الذي حضر الحفل الصمت على غير عادته. وسلم الرئيس عرفات الجوائز للفائزين بها أو لمن ناب عنهم في حقول الآداب والفنون والعلوم الإنسانية. وكانت جائزة "القدس" للباحث والمؤرّخ وليد الخالدي "تقديراً لأعماله وجهوده المتميزة في صوغ الذاكرة الجماعية طوال السنوات الماضية والتي كان آخرها كتاب "كي لا ننسى". والخالدي مؤرخ بارز ومرجع في القضية الفلسطينية على نطاق عالمي واسع. ولد في القدس وتخرج من جامعتي لندن واكسفورد وعمل أستاذاً في جامعة أكسفورد والجامعة الأميركية في بيروت وجامعة هارفارد وزميلاً في مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة هارفارد خلال 1982 - 1996، وتسلم الجائزة عن الخالدي، نظمي الجعبة. وكانت جائزة القدس الأولى قد قدمت الى السيدة فيروز في العام الماضي. جائزة فلسطين للرواية والقصة فاز بها الأديب اللبناني الياس خوري عن روايته "باب الشمس". وجاء في قرار لجنة التحكيم "ان رواية "باب الشمس" تروي التراجيديا الفلسطينية بكل ما فيها من أحداث وشخصيات وهي تتميز بحيويتها الهائلة وبلغتها الشعرية الراقية وأسلوبها المنساب". ووصفتها اللجنة بأنها "ملحمة بشمولها واتساعها". وتسلم الجائزة عن خوري الكاتب جمال قعوار. وحصلت سلمى الخضراء الجيوسي على جائزة "فلسطين التقديرية في العلوم الإنسانية" وهي الى كونها شاعرة، باحثة وناقدة معروفة ولها دور مميز في تعريف قراء الانكليزية بالأدب العربي الحديث عن طريق ترجمته ونشره. أما جائزة فلسطين التقديرية للتراث الشعبي فحصل عليها عبداللطيف البرغوثي أستاذ الدراسات العربية الإسلامية في جامعة بير زيت والخبير في اليونيسكو في تدريب المعلمين. وحصل الشاعر أحمد دحبور على جائزة ف لسطين "جائزة توفيق زياد" في الشعر عن ديوانه "هنا هناك" الذي وقد وصفته اللجنة بأنه "صورة جديدة مدهشة لكنها غير بعيدة عن الواقع وغير مغرقة في التجريد". وكانت جائزة فلسطين للفن التشكيلي للفنان سليمان منصور تقديراً لمسيرته الفنية الدائمة التطور والتنوع. وحصل المخرج رشيد مشهراوي على جائزة فلسطين للسينما عن أعماله الإبداعية ومنها أفلام "حيفا" و"منع التجول" و"الانتظار". وكانت جائزة فلسطين للمقالة الصحافية للكاتب حسن البطل صاحب العمود اليومي في جريدة "الأيام" الفلسطينية وهو "تشكل مساهماته قفزة نوعية في أسلوب الكتابة الصحافية في فلسطين" كما قالت اللجنة. وكانت جائزة فلسطين للموسيقى منحت للفنان سليم عبود أشقر وهو عازف بيانو مميّز ويتمتع بتقنية ومهارة وموهبة "تمنحه القدرة الكاملة على ترجمة أحاسيسه وتقديم المقطوعات الموسيقية في قالب حيوي ودافىء"