تصادف الذكرى العاشرة لحادثة تفجير طائرة شركة "بان أميركان" فوق قرية لوكربي الاسكتلندية، مما أدى الى مقتل 270 شخصاً. وتمر هذه الذكرى في ظل أجواء من التفاؤل الحذر بإمكان قرب إغلاق هذا الملف. إذ جددت ليبيا، التي تتهمها أميركا وبريطانيا بالوقوف وراء تفجير الطائرة، تأكيدها انها وافقت على محاكمة مواطنيها المتهمين في القضية، عبدالباسط المقراحي والأمين خليفة فحيمة، في دولة ثالثة. وهنا الحلقة الثانية. يتضمن قرار الإتهام الأميركي، المقدم أمام محكمة كولومبيا في 14 تشرين الثاني نوفمبر 1989، معطيات تعتبرها الولايات المتحدةوبريطانيا كافية لتوجيه الاتهام الى العميلين المزعومين للإستخبارات الليبية عبدالباسط المقراحي والأمين خليفة فحيمة بتفجير طائرة ال "بان أميركان" فوق لوكربي. وينفي الرجلان، مثلما هو معروف، أي تورط لهما في عملية التفجير. ولأهمية قرار الإتهام، وهو عماد القضية، قد يكون مفيداً هنا إيراد بعض أهم ما جاء فيه. يتناول الجزء الأول من القرار الدور المزعوم لجهاز الاستخبارات الليبي في الحصول على صواعق تفجير موقوتة من سويسرا. إذ يتحدث في البدء عن "جهاز أمن الجماهيرية" الاستخبارات، ويصفه بأنه الجهاز المسؤول عن تنفيذ "عمليات الارهاب ضد دول أجنبية، وقمع المعارضين الليبيين في الخارج". ويوضح ان الجهاز ينقسم الى ادارات وأقسام عدة بينها "الادارة التقنية" التي تولى منصب "مساعد مديرها"، بين العامين 1984 و1985، السيد سعيد رشيد. ويتابع ان هذا المسؤول هو الذي طلب، في العام 1985، من ادوين بولييه، أحد صاحبي شركة "ميستر وبولييه" السويسرية، ان تطور شركته "أجهزة توقيت" لليبيا. ويضيف ان في الفترة من 1985 الى بداية كانون الثاني يناير 1987، بات سعيد رشيد "مدير ادارة العمليات" في جهاز أمن الجماهيرية الذي أُعيد تقسيمه الى أقسام عدة بينها "قسم أمن الطيران" الذي كُلّف مسؤولية: - تأمين حماية ميدانية للخطوط الجوية الليبية ولطائراتها وركابها في الرحلات المحلية والدولية. - الاشراف على عمليات الاستخبارات لجهاز أمن الجماهيرية عبر ضباطها الذين يتولون مسؤوليات على أساس انهم موظفون في الخطوط الجوية الليبية في بلدان عدة، منها ليبيا نفسها. ويؤكد نص الإتهام انه خلال الفترة التي كان فيها سعيد رشيد مدير ادارة العمليات في الجهاز الأمني الليبي، كان عبدالباسط علي المقراحي رئيس قسم أمن الطيران فيه. ويزعم قرار الإتهام ان السيد عزالدين الهنشيري، الذي تولى مناصب عدة في الدولة منها وزير المواصلات ووزير العدل، تولى أيضاً منصب مدير ومساعد مدير ل "الادارة المركزية للأمن في جهاز أمن الجماهيرية"، وان هذا الجهاز تسلّم خلال مسؤوليته فيه، بين 1985 و1986، 20 ساعة توقيت الكترونية ديجيتيل من نوع "أم. أس. تي. 13" قادرة على تفجير صواعق، مصنّعة لدى شركة "ميستر وبولييه" السويسرية. ويوضح ان هذه الشركة، مقرها زيوريخ سويسرا، كانت على إتصال تجاري مع المؤسسة العسكرية الليبية وجهاز أمن الجماهيرية على أساس انها مُصنّعة ومزودة لأجهزة تقنية، وان شركة أخرى مقرها زيوريخ، هي "أ. ب. اتش" وصفها القرار بأنها واجهة لليبيا كانت على علاقة بشركة "ميستر وبولييه" وان عبدالباسط المقراحي ومواطناً ليبياً آخر يدعى بدري حسن كانا على علاقة بنشاطاتها. ويتابع قرار الإتهام انه "في أوقات مختلفة في العام 1988، ارسل جهاز أمن الجماهيرية متفجرات سيمتكس تتضمن المواد "ار. دي. اكس" و"ب. اي. ت. ن"، وصواعق تفجير كهربائية، وأجهزة توقيت ديجيتيل كهربائية من نوع "أم. أس. تي. 13" قادرة على القيام بتفجير مُتحكم بوقته مسبقاً، الى عملاء لجهاز أمن الجماهيرية خارج ليبيا، وبينها جمهورية السنغال". ويشير الى دور مزعوم لشركة الخطوط الجوية الليبية، وهي الشركة الوطنية لليبيا، في تسهيل عمليات جهاز أمن الجماهيرية. ويوضح، في هذا المجال، ان الخطوط المالطية، وهي الشركة الوطنية لمالطا، كانت تتولى نشاطات الخطوط الليبية من مطار لوقا مالطا، و"هذا يتضمن ان توضع على حقائب السفر التابعة للخطوط الليبية إشارات تاغ تحمل علامة الخطوط المالطية". ويلفت الى ان ممثلاً للخطوط الليبية كان يتولى مساعدة موظفي الخطوط المالطية في إصعاد الركاب والحقائب الى الرحلات التابعة للخطوط الليبية. ويورد، في هذا المجال، ان "المتهم الأمين خليفة فحيمة، وهو مواطن ليبي، كان يعمل لجهاز أمن الجماهيرية في وظائف سرية عدة، منها "مدير محطة" و"ممثل" للخطوط الليبية في مطار لوقا، وكان بالتالي يستطيع الوصول الى إشارات تاغ الخطوط المالطية التي توضع على الحقائب، ووسائل نقل الركاب والحقائب للخطوط الليبية في مطار لوقا". أما عبدالباسط علي المقراحي، فيقول القرار انه يُعرف أيضاً باسماء "عبدالباسط علي محمد" و"عبدالباسط علي محمد المقراحي" و"السيد باسط" و"علي خليفة عبدالصمد"، وان جهاز أمن الجماهيرية كلّفه بوظائف عدة بينها "رئيس قسم أمن الطيران" و"فرع العمليات"، وكان بالتالي على اطلاع على "اجراءات الأمن" التي تُتخذ في رحلات الطيران الدولية. مالطا - المانيا - بريطانيا ثم ينتقل قرار الاتهام الى تعداد خط سير الحقيبة التي يُزعم انها تضمنت القنبلة التي فجّرت الطائرة. إذ يقول اعتباراً من النقطة 22 في القرار: "22- في 21 ديسمبر 1988، بين الساعة 50،08 و50،09، كانت طائرة للخطوط الليبية الرحلة الرقم ل. ن. 147، وجهتها طرابلس، وعلى متنها المتهم عبدالباسط المقراحي، تستعد لإصعاد الركاب من مطار لوقا، في الوقت نفسه الذي كانت فيه طائرة للخطوط المالطية الرحلة الرقم ك. ام. 180، متوجهة الى فرانكفورت المانيا، تستعد أيضاً لاستقبال الركاب، بين 15،08 و51.09. 23 - في 21 ديسمبر 1988، وصلت الطائرة التابعة للخطوط المالطية الرحلة ك. ام. 180، من مطار لوقا الى فرانكفورت، في حوالى الساعة 50،12. 24- قرابة الساعة 00،16 يوم 21 ديسمبر 1988، أقلعت من مطار فرانكفورت طائرة تابعة لشركة بان أميركان -الرحلة 103أ مع توقف مقرر في مطار هيثرو في لندن لنقل ركاب وحقائب الى طائرة أخرى ل "بان أميركان" الرحلة 103 وعلى متنها حقيبة حُوّلت اليها من طائرة للخطوط المالطية الرحلة ك. ام. 180. 25- بين الساعة 40،17 و07،18 توقيت غرينتش/ التواقيت السابقة تعتمد توقيت شرق اميركا، حُوّلت حقيبة من طائرة "بان أميركان" الرحلة 103أ الى طائرة "بان أميركان" الرحلة 103 رقمها ن. 739 ب ا في مطار هيثرو في لندن. 26- شركة بان أميركان هي شركة مدنية مملوكة بموجب القوانين الأميركية ولاية نيويورك. 27- طائرة بان أميركان الرقم "ن. 739 ب ا" مسجلة وفق القوانين الأميركية وخاضعة للقانون القضائي الأميركي. 28- في 21 ديسمبر 1988، كانت رحلة بان أميركان الرقم 103 تقوم برحلة تجارية مدنية خارج الولايات المتحدة بين مطار هيثرو في لندن ومطار جون اف كينيدي في الولايات المتحدة. 29- في 21 ديسمبر 1988، كانت الرحلة الرقم 103 ل بان اميركان تحمل على متنها 259 شخصاً منهم 16 من طاقم الطائرة من الجنسيات الآتية: الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، سويسرا، فرنسا، كندا، اسرائيل، الارجنتين، السويد، ايرلندا، ايطاليا، هنغاريا، جنوب افريقيا، المانيا، اسبانيا، جامايكا، الفيليبين، الهند، بلجيكا، ترينيداد، اليابان وبوليفيا. 30- قرابة السابعة وثلاث دقائق توقيت غرينتش، يوم 21 ديسمبر، تحطمت طائرة بان اميركان الرحلة 103 في اجواء اسكتلندا نتيجة صاعق متفجر في مكان حمولة الحقائب في مقدم الطائرة". عناصر "المؤامرة" ثم ينتقل قرار الاتهام الى تحديد عناصر "المؤامرة" من الفقرة 32: "32- من صيف العام 1985، حتى تاريخ إعداد هذه الائحة، وفي الدول الآتية: ليبيا، سويسرا، مالطا، المانيا، المملكة المتحدة وأماكن أخرى خارج الولايات المتحدة، قام المتهمان عبدالباسط المقراحي والأمين خليفة فحيمة وآخرون مجهولون للمحكمة، بالتآمر عمداً مع آخرين على ارتكاب عمل ارهابي ضد الولايات المتحدة ومواطنيها. 33- جزء من المؤامرة ان المتهمين وآخرين تآمروا ليضعوا ويفجّروا صاعق تفجير ومواد متفجرة في رحلة بان اميركان الرقم 103. 34 و35 - جزء من المؤامرة أيضاً قيام المتهمين والمتآمرين معهم بتفجير رحلة بان اميركان الرقم 103. 36- جزء من المؤامرة أيضاً قيام المتهمين وآخرين بقتل مواطنين أميركيين خارج الولايات المتحدة، على اعتبار ان قتلهم يُعتبر "جريمة" وفق القوانين الاميركية. 37- جزء من المؤامرة أيضاً ان المتهمين والمتآمرين معهم أخفوا تورط جهاز أمن الجماهيرية الليبي في اعمال ارهابية ضد الولايات المتحدة ومواطنيها. 38- من بين الوسائل التي اعتمدها المتهمان والمتآمرون معهم للوصول الى اهدافهم الآتي: - ان المتهمين والمتآمرين معهم، بوصفهم ضباطاً وموظفين في جهاز أمن الجماهيرية، استخدموا وسائل وامكانات الدولة الليبية، بما فيها امكانات جهاز أمن الجماهيرية، لتنفيذ مخططهم تدمير طائرة اميركية باستخدام صاعق تفجير وقتل الركاب الذين كانوا على متنها. - ان المتهمين وآخرين بنوا أو طلبوا بناء صاعق تفجير مكون من متفجرات بلاستيكية تحوي المادة "ار دي اكس" و"ب اي ان تي"، وجهاز توقيت الكتروني من نوع ام. اس. تي. 13 قادر على احداث تفجير في وقت محدد صُنّع ونُقل الى جهاز أمن الجماهيرية عبر شركة "ميستر وبولييه" خلال الفترة من 1985 و1986 بناء على طلب سعيد رشيد والهنشيري. - اخفى المتهمان والمتآمرون معهم صاعق التفجير داخل جهاز راديو نقّال مسجلة. - اخفى المتهمان والمتآمرون معهم المسجلة في حقيبة سامسونايت بنية نوعها سيلهوت 4000. - وضع المتهمان والمتآمرون معهم البسة تم شراؤها من مالطا في حقيبة السامسونايت لجعلها تبدو وكأنها حقيبة سفر عادية. - تسبب المتهمان والمتآمرون معهم في وضع الحقيبة، وصاعق تفجير مخفي فيها، بين سيل من حقائب المسافرين الدوليين في مطار لوقا مالطا. - استخدم المتهمان والمتآمرون معهم اسماء وهويات مزورة للتنقل بين البلدان التي تمت فيها حياكة المؤامرة وتنفيذها. - استخدم المتهمان والمتآمرون معهم معرفتهم وقدرتهم على الوصول الى وسائط نقل الركاب والحقائب - بوصفهم عاملين في الخطوط الليبية - لتفادي رجال الجمارك المالطيين وأجهزة أمن الطائرات في مطار لوقا وغيره، واساءة استخدام اشارة الخطوط المالطية تاغ الموضوعة على الحقائب لنقل الحقيبة التي تحوي الصاعق المتفجّر، الى طائرات أخرى. - تسبب المتهمان والمتآمرون معهم في وضع الحقيبة التي تحوي الصاعق المتفجّر، في مكان شحن الحقائب في طائرة الخطوط المالطية الرحلة ك. ام. 180 في مطار لوقا. وتسببوا كذلك في نقل الحقيبة ذاتها من الرحلة 180 للخطوط المالطية الى الرحلة 103أ ل "بان أميركان" في فرانكفورت، وتسببوا كذلك في نقل الحقيبة ذاتها الى الرحلة 103 ل "بان اميركان" في مطار هيثرو. وتسببوا أيضاً في تفجير الصاعق المتفجر خلال رحلة ال 103 الى الولايات المتحدة، وتسببوا كذلك في تحطمها ومقتل 270 شخصاً من ركابها ومن اشخاص كانوا في مكان تحطمها في لوكربي". ثم ينتقل قرار الإتهام الى تحديد عناصر المؤامرة المزعومة من المادة 39: "39- ومن أجل تنفيذ المؤامرة وتحقيق أهدافها، تم القيام بالآتي ضمن امور أخرى في ليبيا، سويسرا، مالطا، المانيا، المملكة المتحدة وغيرها: - في حوالى صيف 1988، خزّن الأمين خليفة كمية من المواد المتفجرة البلاستيكية في مكتبه في محطة الخطوط الجوية الليبية في مطار لوقا في مالطا. - في حوالى خريف 1988، طار عبدالباسط المقراحي من طرابلس الى مطار لوقا على متن شركة للخطوط الليبية. - في حوالى 7 ديسمبر 1988، سافر عبدالباسط من ليبيا الى مالطا. - في حوالى 7 ديسمبر 1988، سجّل عبدالباسط نفسه في فندق هوليداي إن في منطقة سليما في مالطا، مستخدما إسم "عبدالباسط أ. محمد" تحت عنوان وظيفي يفيد انه مسؤول عن تنظيم الرحلات في الخطوط الجوية الليبية. - في 7 ديسمبر، اشترى عبدالباسط من منطقة سليما في مالطا بعض الملابس من محل يُدعى "منزل ماريا" ماريز هاوس يبعد قرابة 300 متر من الفندق الذي كان عبدالباسط ينزل فيه. - في 9 ديسمبر 1988، سافر عبدالباسط من مالطا الى زيوريخ سويسرا. - في حوالى 15 ديسمبر 1988، كتب الأمين خليفة في دفتر يومياته ما يأتي: "عبدالباسط قادم من زيوريخ مع سالفو..." و"خذ إشارات تاغ من الخطوط المالطية". - في حوالى 15 ديسمبر 1988، زاد الأمين خليفة في دفتر يومياته تحت زاوية "ملاحظات": "أحضِر الاشارات تاغ من المطار عبدالباسط-عبدالسلام". -في حوالى 17 ديسمبر 1988، أضاف الأمين خليفة في دفتر يومياته عبارة "اوكي" الى جانب عبارة "عبدالباسط قادم من زيوريخ مع سالفو..." و"خذ إشارات تاغ من الخطوط المالطية". -في حوالى 17 ديسمبر 1988، سافر عبدالباسط من زيوريخ الى مطار لوقا، ومنه الى طرابلس ليبيا. - في حوالى 18 ديسمبر 1988، سافر الامين فحيمة من مالطا الى ليبيا للقاء عبدالباسط. - في حوالى 20 ديسمبر 1988، سافر الامين فحيمة من طرابلس الى لوقا على الرحلة نفسها مع عبدالباسط. - في حوالى 20 ديسمبر 1988، جلب المتهمان والمتآمرون معهم حقيبة سامسونايت كبيرة بنيّة سميكة الجوانب الى مالطا. -في حوالى 20 ديسمبر 1988، حصل لقاء بين عبدالباسط وفحيمة في مالطا. - في حوالى 20 ديسمبر 1988، نزل عبدالباسط في "الهوليداي إن" في منطقة سليما تحت اسم مستعار هو "أحمد خليفة عبدالصمد". - في حوالى 21 ديسمبر 1988، قرابة السابعة و11 دقيقة، أجرى عبدالباسط اتصالاً هاتفياً بالامين فحيمة من فندق الهوليداي إن في سليما مالطا. - في حوالى 21 ديسمبر 1988، سافر عبدالباسط تحت اسم مزور من مطار لوقا مالطا الى طرابلس على متن الرحلة الرقم 147 للخطوط الجوية الليبية. - في حوالى 21 ديسمبر 1988، بين الثامنة والربع والتاسعة والربع، تسبب المتهمان وآخرون غير معروفين للمحكمة، في نقل حقيبة سامسونايت بنية سميكة تحتوي صاعق تفجير مكوناً من جهاز توقيت من نوع "ام اس ت -13"، صُنع سابقاً لجهاز أمن الجماهيرية، وفي وضعها على خطوط نقل الحقائب المتوجهة الى طائرة للخطوط المالطية الرحلة ك. ام. 180، متوجهة الى فرانكفورت. - في 21 ديسمبر 1988، تسبب المتهمان وآخرون غير معروفين للمحكمة، في تفجير طائرة ال "بان اميركان" ومقتل 270 شخصاً بينهم 189 أميركياً"