في قلب مونتريال أجمل المدن الكندية، تمتد على واحة خضراء عند أسفل جبل رويال واحدة من أشهر جامعات اميركا الشمالية، جامعة ماغيل. انطلقت هذه الجامعة عام 1813، عندما قدّم جيمس ماغيل وهو مهاجر اسكوتلندي غني، أرضاً تبلغ مساحتها حوالي 46 أكر أي ما يعادل 184 ألف متر مربع وعشرة آلاف جنيه استرليني من أجل تأسيس "المعهد الملكي لتقدّم العلوم" الذي أصبح يُعرف لاحقاً باسم جامعة ماغيل، وبدأ بتقديم الخدمات الطبية عام 1829. واليوم، باتت الجامعة تضم سبعين مبنى تمتد على مساحة 80 أكر أي 320 ألف متر مربع وسط مدينة مونتريال. وفي عام 1906، قدّم السير وليم ماكدونالد هبة لبناء مدرسة تابعة للجامعة على بعد 40 كلم غرب العاصمة، وهي ما يُعرف اليوم بكلية العلوم الزراعية والبيئة الى جانب كلية التغذية والحماية الانسانية. تضم الجامعة 12 كلية و10 مدارس مهنية، تؤمن الدراسة في جميع الاختصاصات، و44 معهداً للبحوث و5 مسشفيات جامعية وثلاث مدارس لاهوت، اضافة الى 16 مكتبة تحتوي 5 ملايين كتاب ودورية و6 مبان للسكن الجامعي، ومجمعاً رياضياً واستاداً كبيراً، الى جانب أربعة مراكز للأبحاث منفصلة عن الجامعة. أساتذة مميزون يتشكّل الجهاز التعليمي من 600 أستاذ، البعض منهم له شهرة عالمية، والبعض من قدامى الأساتذة حاز جائزة نوبل مثل الفيزيائي ارنست روترفورد نوبل للكيمياء 1908 والكيميائي فريديرك سودي نوبل للكيمياء 1921 إضافة الى جراح الأعصاب وايلدر ذي الشهرة العالمية. ومن بين الأساتذة المعروفين حالياً في الجامعة، شارل تايلور أستاذ النظريات السياسية والاجتماعية، والبيولوجي سيغفريد حكيمي وتوماس شانغ مبتكر أول خلية اصطناعية عام 1957، وحجة الله فالي الخبير في علم الفضاء والباحث في مجال الحياة على كوكب المريخ. وتطاول الشهرة أيضا بعض خريجي الجامعة حيث حاز عدد منهم جائزة نوبل مثل اندرو شالي الطب 1977 وفال فيتش الفيزياء 1980 ودافيد هوبيل طب 1981. طلاب مدللون تؤمن الجامعة المزودّة بأحدث التجهيزات والمعدات الحديثة لطلابها دراسة أكاديمية متقدمة بإشراف جهاز تعليمي بارز متخصص، كما يمكن للطلاب الإفادة الشخصية من النشاطات التي تؤمنها الجامعة وذلك عبر عشرات المؤسسات الطالبية التي تهتم بالشؤون الاجتماعية والسياسية والثقافية والأخلاقية والدينية والفنون والرياضة وغيرها، ومنها مؤسسات عربية وإسلامية، ومؤسسات مغربية ولبنانية. ولا تقتصر تقديمات الجامعة على الدراسة الاكاديمية فقط، بل لها تاريخ طويل مع الرياضة. ففي عام 1874، شهدت الجامعة اول مباراة كرة قدم بينها وبين جامعة هارفرد، وتنافس فريقان منها في اول مباراة في لعبة الهوكي، إضافة الى لعبة كرة السلّة التي يعود اختراعها الى جيمس تيسميت أحد خريجي الجامعة، فضلا عن المشاركة المكثّفة في الالعاب الأولمبية. وهذا ليس مستغربا، إذ أن الجامعة لديها 15 فريقا و17 ناديا رياضيا ، تضم 700 رياضي في العاب القوى، يحق لكل طلاب السنة الاولى الانتساب الى هذه الفرق والنوادي، وقد بلغت نسبة الطلاب المشاركين في النشاطات الرياضية عام 1997 حوالي 74 في المئة. تتوزع المراكز الرياضية في الجامعة الى مركز للتأهيل الفيزيائي افتتح عام 1997، ومعهد تدريب لكرة السلة وكرة الطائرة يضم 17 ملعبا، و"ماغيل فيلد هاوس" الذي يبلغ طوله 200 متر، وستاد "مولسون"، الى جانب مسبح ذي ثمانية ممرات يبلغ طوله 25 مترا. ويمكن للطلاب العمل في مركز "سيغرام" للعلوم الرياضية الذي يتضمّن آربعة مختبرات للبحث والاستفادة من خدمات الطب العيادي والرياضي فيه. وتوفر الجامعة للطلاب نحو 30 مختبراً للمعلوماتية موزعة على كليات الادارة والفنون والهندسة والعلوم التربوية والطب والموسيقى والحقوق وأكثر من 100 قناة للاتصال بواسطة الإنترنت. كما تستخدم الادارة في الجامعة أجهزة "اي بي ام" ضخمة، وبرامج خاصة متقدمة تضعها في خدمة الأساتذة والباحثين والطلاب لمساعدتهم في أبحاثهم المعمّقة. السكن الجامعي تضم الجامعة خمسة مبان مفروشة في وسط المدينة، لطلاب المرحلة الاولى 1er cycle ، أربعة منها تضم نحو 400 طالب وطالبة يتوزعون على غرف منفردة يُقدم للطالب 15 وجبة طعام في الاسبوع من ضمن الاقامة عدا يومي السبت والاحد والمبنى الخامس، وهو معهد فيكتوريا الملكي، مخصّص للنساء يضم 262 طالبة، اضافة الى مبانٍ أخرى اشترتها ورممتها الجامعة، مقسّمة الى شقق من 2 و4 غرف نوم، يمكن ان تؤمن السكن لحوالى 400 طالب، ومبنى سكن بيئي، افتتح في خريف 1998 يضم 100 طالب يشتركون في تجربة "الحياة البيئوية في الوسط الجامعي". وتقدم الجامعة مساعدات مالية للطلاق ودعماً في الازمات، الى جانب خدمات صحية جسدية ونفسية، كما أن كل طلاب المرحلة الاولى مسجلون مباشرة في نظام التأمين الصحي العام وطب الاسنان لجمعية الطلاب. بلغ عدد الطلاب المسجلين في المراحل الثلاث الاولى 1er -2eme et 3eme cycles في عام 1997 - 1998 حوالي 729 29 طالبا في كل أقسام الجامعة، 87 في المئة منهم كنديون، و10 في المئة من الولاياتالمتحدة، و3 في المئة من دول مختلفة. وتضم الجامعة عدداً من الطلاب العرب أو من اصول عربية. وتجدر الاشارة الى أن تاريخ دخول اول طالبة الى ماغيل يعود الى 1884. لغة التعليم الاساسية هي الانكليزية، ويمكن للطلاب ان يقدّموا اعمالهم وامتحاناتهم في اللغة الفرنسية. وتتراوح قيمة قسط الدراسة السنوي للطالب الأجنبي ما بين 8000 و12000 دولار كندي، وذلك حسب الكلية ونوع الاختصاص، اضافة الى كلفة الخدمات التي تتراوح بين 2000 و2500 دولار كندي والسكن 6000 دولار كندي. ولا يمكن التحدث عن جامعة ماغيل من دون التطرّق الى جمال مونتريال مون - رويال مدينة الحياة الجيدة. فهي آمنة، على عكس أغلبية مدن اميركا الشمالية الكبرى. يبلغ عدد سكانها نحو ثلاثة ملايين نسمة. متعددة الجنسيات والثقافات، غنية بملايين المهاجرين المتدفقين سنويا من العالم أجمع، وعلى رغم انها تعد ثاني أكبر مدينة فرنكوفونية في العالم فهي ايضا انكلوفونية، ويمكن اعتبارها مدينة جامعية ضخمة بجامعاتها الاربع. ويزيد من جمال المدينة هندسة شوارعها المميزة، واستقبالها للمناسبات العالمية الرياضية والثقافية