عندما كان ميشيل سجراوي صبياً يبلغ عمره تسع سنوات في الناصرة، طلب من والديه ان يجلبا له غيتاراً عند عودتهما من رحلة الى اوروبا. هكذا بدأ عشق ميشيل للغيتار. وهو الان، بعد حوالي 20 سنة، في السنة الثالثة والنهائية من الدراسة للحصول على شهادة البكالوريوس في الموسيقى في مجال التأليف من "كلية لندن للموسيقى ووسائل الاعلام"، التابعة لجامعة "تايمس فالي". كما يسعى في الوقت نفسه الى تعزيز مكانته كعازف غيتار ممتاز لموسيقى الروك وموسيقى ال "هيفي ميتال" heavy metal. يتضمن عزف ميشال المنفرد على الغيتار نكهة عربية واضحة، اذ يستخدم نغمات الربع والايقاعات العربية في تأليفاته الاوركسترية. ويقول ميشال ان هذه التأثيرات العربية غالباً ما يكون مصدرها وعيه الباطني، دون ان يعيها بشكل مباشر. وقد تشرّب هذه التأثيرات خلال نشأته في الناصرة حيث لم يكن يسمع الموسيقى المسجلة فحسب بل الموسيقى الحية ايضاً، في حفلات الزواج مثلاً التي كان يُستخدم فيها العود والكمان في عزف اغانٍ عربية تقليدية. وقدم ميشيل عروضاً متنوعة عدة لقطع موسيقية من تأليفه وللعزف على الغيتار في امسية عن ثقافة الشرق الاوسط اُقيمت اخيراً في لندن. وكان من ضمنها قطعة "بيت لحم" الاوركسترية، وهي قطعة حديثة ومثيرة تصلح كموسيقى للمسرح او الباليه. ألّف ميشال القطعة وعزفها على كومبيوتره الشخصي، لكنه يأمل ان يقدمها في الفصل المقبل بمصاحبة اوركسترا كاملة. كما عزف قطعة اوركسترية مسرحية اخرى تدور فكرتها حول مصر القديمة، وهي تجمع بين الموسيقى وضجيج يشبه اصوات العبيد وهم يشيّدون الاهرامات واصوات حيوانات. وعزف ميشيل ايضاً قطعة اوركسترية سجّلها في الاستوديو في منزله للفنانة والموسيقية الفلسطينية المعروفة ريم يوسف الكيلاني وهي تؤدي اغنية "عالروزانا" التقليدية. وكان لتوافق صوت ريم الجميل والمميز مع موسيقى ميشيل الاوركسترية وقع مثير. ويتعاون ميشال وريم في انتاج اول شريط تسجيل وقرص مدمج سي دي لاغاني ريم، وهي تتضمن اغاني فلسطينية تقليدية وأغاني اخرى لحّنتها ريم. ويؤلف ميشيل على الكومبيوتر الموسيقى الاوركسترية لبعض الاغاني، بالاضافة الى تسجيل ومزج وهندسة الاغاني وعزف الغيتار في بعض المقطوعات. كما قدم ميشيل تسجيلاً لاغنية اسمها "حب فاشل" من شريط اعدته فرقة روك عربية اسمها "علوان"، وهي ترجع الى ايامه في الناصرة عندما كان عازف الغيتار الرئيسي لهذه الفرقة. وقدم ايضاً تسجيلاً لاحدى اغاني ال "هيفي ميتال" heavy metal اسمها "السن بالسن والعين بالعين"، وهي واحدة من ثلاث أغان قام بتأليفها وتسجيلها على شريط كاسيت في الاستوديو في منزله العام الماضي. وتمتاز الاغنية بقتامتها الشديدة، ويقول ميشيل انها تعكس بعض المشاكل التي يعانيها الشباب العربي. وينفذ ميشيل كل تأليفه الاوركستري في استوديو التسجيل الصغير في منزله. وهو يستخدم برنامج الكومبيوتر "كيوبيس" CUBASE، الذي يستطيع ان يمزج 32 تسجيلاً صوتياً، لتأليف الموسيقى وتوليد الاصوات. ولتنويت الموسيقى، مثل قطعة "بيت لحم"، يستخدم برنامج الكومبيوتر "فينالي" FINALE. وبدلاً من الغيتار الصوتي الرخيص الذي كان لدى ميشيل وهو صبي، فانه الان يملك اجهزة غيتار الكترونية عدة، ومن ضمن الاجهزة المفضلة لديه "فيندر ستراتوكاستر" الموجود لديه منذ 1979 وغيتاران صوتيان. وهو يعتبر السويدي اينغوي مالمستين Yngwie Malmsteen ابرز عازف غيتار في العالم، كما انه معجب بستيف فاي Steve Vai وجون بتروشي John Petrucci. وعلى رغم صورة الطيش التي يعكسها كثيرون من عازفي موسيقى ال "هيفي ميتال"، فان ميشيل يعيش حياة زوجية تمتاز بالاستقرار والتكاتف مع رفيقة دربه من الناصرة، توجان، التي تزوجها في 1996. وقد اطلق اسمها على احدى القطع الموسيقية التي الّفها، وهي قطعة مسلسلة تتضمن العزف على الفلوت والكلارينت والبيانو. وميشيل هو اصغر افراد عائلة تضم اربعة صبيان وبنتين. وبعد حصوله على اول غيتار، سجّله شقيقه ابراهيم في معهد الموسيقى في الناصرة حيث كان مدرسه جورج بواردي. ويعترف ميشيل بأنه لم يكن تلميذاً مثالياً. وكان في نهاية كل سنة يميل الى التخلي عن الغيتار، "لكن شيئاً ما في داخلي كان يدعوني الى الاستمرار وإكمال سنة اخرى". وتخصص ميشيل في المدرسة في موضوعي الفيزياء والرياضيات، ثم حصل على ديبلوم في الهندسة الالكترونية والكومبيوتر من كلية الناصرة. ولا شك ان خلفيته في الرياضيات والكومبيوتر تساعده في مجال التأليف الموسيقي. يقول: "الموسيقى رياضيات متطورة، كما يقال". وكانت اول فرقة عربية لموسيقى البوب عمل فيها كعازف غيتار رئيسي تسمى "كوين". كما كان يُطلب منه كثيراً المشاركة في فرق البوب لاحياء حفلات الزواج. يشير ميشيل مازحاً الى عزف الموسيقى في هذه الحفلات بانها "صناعة الزواج". ونشأت فرقة "علوان" عندما توجه عازف الغيتار مارون فرح وعازف الطبل امين اطرش الى ميشال وابلغاه "دعنا من حفلات الزواج. نريد القيام بشىء جدي". ونجحت الفرقة، اذ قدمت عروضاً امام الجمهور وفي الاذاعة والتلفزيون، وانتجت شريط كاسيت في 1993 كتب ميشيل ثلاثاً من اغانيه. ورداً على سؤال كيف تعلم تأليف الموسيقى، يقول "لا يمكن لأحد ان يعلّمك كيف تؤلف الموسيقى - يمكن ارشادك فحسب". كان ميشيل يطمح الى امتلاك متجره الخاص لبيع اجهزة كومبيوتر وسلع الكترونية، لكنه اكتشف اثناء العمل في فرقة "علوان" امكاناته كعازف غيتار، وقرر ان يكرّس نفسه للموسيقى. وعرف ميشيل عبر مجلة "عازف الغيتار" The Guitar Player الاميركية ان افضل كلية لدراسة الغيتار هي "معهد تكنولوجيا الغيتار" التابع لپ"معهد الموسيقيين" في كاليفورنيا. وقدم طلباً للالتحاق بفرع المعهد في لندن، وقُبل فيه بعدما زوّدهم بشريط تسجيل لعزفه على الغيتار. ويتذكّر ميشيل انه كان قبل رحيله الى لندن امضى سنة في غرفته في الناصرة يتدرّب على الغيتار، بالاستفادة من اشرطة فيديو واقراص مدمجة، ودأب من دون كلل على تطوير اسلوبه في العزف. وخلال السنة التي امضاها في معهد الموسيقيين في لندن، ونال في نهايتها شهادة ديبلوم، تعلّم اساليب عدة لعزف الغيتار اصبح المعهد الان يُعرف ب "كلية الموسيقى في لندن"، ولا يزال يضم "معهد تكنولوجيا الغيتار" الشهير. قرر ميشيل بعدها مواصلة الدراسة للحصول على شهادة بكالوريوس في الموسيقى في "كلية لندن للموسيقى ووسائل الاعلام" في منطقة إيلينغ غرب لندن. وتضمن منهاج السنة الاولى اعمال مؤلفين كلاسيكيين رومانسيين من القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. وفي السنة الثانية، درس ميشيل تاريخ الموسيقى الشعبية والجاز. وبدأ في تشرين الاول اكتوبر الماضي دراسة تاريخ الموسيقى الحديثة. ومن بين المؤلفين الكلاسيكيين المعاصرين يعبّر عن اعجابه بشوينبرغ وويبرن وسترافينسكي وبارتوك والموسيقار اليوناني اكسيناسيس. كما انه يحب الموسيقى الالكترونية، مثل اعمال ستوكهاوسن. ويأمل ميشيل ان يواصل الدراسة السنة المقبلة للحصول على شهادة الماجستير في الموسيقى في كلية لندن للموسيقى باشراف استاذه ادم غورب، وهو مؤلف موسيقي معروف لاعمال المسرح والباليه وتوجد نتاجاته في العديد من الاقراص المدمجة. وتلقى ميشيل اخيراً دعوة للمشاركة في فرقة حديثة التكوين لموسيقى ال "هيفي ميتال". ومغني الفرقة هو المصري اسامة حسين الذي ابلغ "الحياة" ان ميشيل عازف غيتار "مدهش"، معبّراً عن سعادته للعثور على شخص يمكن ان يعزف باسلوب عربي. وألّف ميشيل قطعاً موسيقية باساليب واشكال مختلفة. وتتضمن عدداً من الاعمال الخاصة باوركسترا صغيرة وللعزف بآلات موسيقية محددة. وانجز اخيراً عملاً كلاسيكياً حديثاً من ثلاثة اجزاء رئيسية لاربعة غيتارات كهربائية محوّرة. ويُبث العزف عبر اربعة مكبرات للصوت موزعة حول الجمهور لكي تخلق احساساً بموسيقى تلتف كالدوامة وبنغمات موسيقية تدوم لثوانٍ عدة. وهو ينوي ان يُنشىء موقعاً على شبكة "انترنت" يتضمن نماذج من اعماله. وعلى رغم موهبة التأليف الموسيقي التي يتمتع بها يقول ان "شغفي هو الغيتار". وهو يرغب في العزف امام الجمهور وفي عروض متجولة. لكنه يرغب في الوقت نفسه ان يؤلف موسيقى للسينما والمسرح ولأفلام وثائقية