تجاهل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو توصيات جهاز المخابرات الداخلية شين بيت وجدد رفضه المطلق للافراج عن الاسرى الساسيين الفلسطينيين. وقال نتانياهو في تصريحات صحافية امس الثلثاء: "لن اطلق سجناء قتلة أياديهم ملطخة بالدم واعضاء في "حركة المقاومة الاسلامية" حماس. واضاف: "اوضحت ذلك اكثر من مرة امام عرفات وكلينتون". الا ان مصادر اسرائيلية مختلفة تؤكد ان نتانياهو استطاع "خداع" الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في محادثات واي ريفر بعد ان حصل على قبول الاخير بصيغة فضفاضة في موضوع الاسرى لاعتقاده انه حصل على "تفاهم" في هذا الشأن. وتقول المصادر ذاتها ان عرفات عبّر عن خوفه من ان تسمح صيغة "اطلاق سجناء" التي اصر عليها نتانياهو باطلاق سجناء غير امنيين وانما جنائيين. غير ان نتانياهو رد عليه بابتسامة ودية وقال انه يحتاج هذه الصيغة لاقناع شركائه في الائتلاف الحكومي بقبول الاتفاق مضيفاً ان عرفات "يستطيع الاعتماد عليه وكل شيء سيكون على ما يرام". وألقت الجهزة الامنية الاسرائيلية، وعلى رأسها جهاز الاستخبارات الداخلية شين بيت جانباً ما أسمته الصحف الاسرائيلية ب "درس التحايل الذي علمه نتانياهو لعرفات" وأوصت في تقارير متعاقبة وصلت الى مكتب نتانياهو بالافراج عن بعض الاسرى السياسيين من حركة "فتح" لكبح جماح الغضب المتصاعد داخل السجون الاسرائيلية وفي الشارع الفلسطيني. ووفقاً للمصادر الاسرائيلية، أوصى كبار المسؤولين في "شين بيت" بالافراج عن سجناء قاموا بعمليات قبل التوقيع على اتفاق اوسلو في ايلول سبتمبر عام 1993 مشيرين الى ان الكثير من الفلسطينيين الذين تتفاوض معهم اسرائيل امثال رئيس المخابرات الفلسطينية امين الهندي ورئيس جهاز الامن الوقائي جبريل الرجوب بعثوا بفلسطينيين لتنفيذ عمليات وان التمييز بينهم وبين الاسرى هو "تمييز مصطنع". واقترح هؤلاء ان يتم الافراج عن اسرى دينوا بقتل عملاء للدولة العبرية ومن كان على صلة غير مباشرة بعمليات نُفّذت ضد اسرائيليين. وبررت المخابرات الاسرائيلية توصياتها بأن حركة "حماس" تخطط لاختطاف جنود اسرائيليين لمقايضتهم بالافراج عن الاسرى وهذا بالفعل ما كشفت عنه ملفات العمل الميداني لحركة "حماس" والتي عثرت عليها الاجهزة الامنية الاسرائيلية في حوزة قائد الجناح العسكري للحركة عادل عوض الله بعد ان اغتالته وشقيقه قبل نحو شهرين. ونقل عن مسؤول عسكري اسرائيلي كبير قوله ان "موضوع الافراج عن الأسرى هو الدافع الرئيسي الذي سيشعل الشارع الفلسطيني في الاسابيع المقبلة". ولكن ردة فعل الشارع الفلسطيني التي ترجمت بالفعل خلال الايام الماضية بالتظاهرات الشعبية التي اجتاحت المدن الفلسطينية لن تكون مصدر قلق الاجهزة الامنية الاسرائيلية الوحيد، اذ قرر الاسرى انفسهم خوض حرب تحريرهم من وراء القضبان. واعلن الأسرى الفلسطينيون في رسائل سربت الى خارج السجن انهم سيخوضون "حرب البطون الخاوية"، مؤكدين انهم لن يتحملوا بعد الآن "تحايلات" حكومة نتانياهو ولا "تجاهل" السلطة الفلسطينية لقضيتهم كما ورد في رسائلهم. واكد الأسرى في رسالة أطلعت عليها "الحياة" انهم سيخوضون "نضال البطون الخاوية حتى الموت"، موضحين انهم سيرفضون شرب السوائل والحليب التي تساعدهم على البقاء. وحدد الأسرى والمعتقلون يوم الحادي عشر من الشهر الجاري موعداً لبدء اضرابهم المفتوح عن الطعام قبل يوم واحد من وصول الرئيس الاميركي بيل كلينتون الى المنطقة. واشارت مؤسسات حقوقية فلسطينية تعنى بشؤون الأسرى الى ان الاضراب سيشمل نحو 3000 أسير يقبعون في سجون مختلفة داخل الخط الاخضر تكون الخطوة الاولى باتجاهه الامتناع عن استقبال زيارات أهاليهم في التاسع من الشهر الجاري. وخاض الأسرى الفلسطينيون اكثر من مرة تجربة الاضراب عن الطعام مطالبين بتحسين ظروف اعتقالهم الصعبة وسقط في الاضراب الاخير الذي نُفّذ في العام 1980 ثلاثة اسرى. وقرر اطفال وابناء وأمهات وزوجات الأسرى القابعين في السجون ومن توفي داخلها نتيجة التعذيب وغيره اشعال الشموع والاعتصام في مدينتي رام الله وغزة مساء امس للتضامن مع الأسرى الذين أكدوا في رسائلهم انهم سيحققون ما لم تنجح المفاوضات في تحقيقه. حماس الى ذلك ،اعتبرت "حركة المقاومة الاسلامية" حماس في بيان اصدرته امس ان تصاعد الاستيطان الاسرائيلي وعدم اطلاق اسرائيل المعتقلين الفلسطينيين هو "ثمرة مرة" لتفريط السلطة الفلسطينية بحقوق الفلسطينيين. وجاء في البيان الذي تلقت "الحياة" نسخة عنه ان "تواصل هجمة قطعان المستوطنين الصهاينة للاستيلاء على الارض الفلسطينية هو نتيجة طبيعية لما يسمى بأتفاق واي ريفر المشؤوم الذي كرس لخدمة الامن الصهيوني وقدمت فيه السلطة الفلسطينية تنازلات جديدة".